دخلت أواخر الشهر الجاري أغلب الأندية الوطنية لكرة القدم في المراحل الأولى استعدادا للموسم القادم، والملاحظ أن هناك تفاوتا بين هذا الفريق وذاك بالنظر للإمكانيات المتوفرة، إلا أن القاسم المشترك بين الجميع، هو دخول فترة تقشف فرضتها الظروف المالية الصعبة، التي تعصف بجل مكونات كرة القدم الوطنية. فباستثناء الوداد التي دخل بقوة مجال الانتدابات، فان الباقي يتعامل مع الأمر بكثير من الحذر، تفاديا لتكرار الأخطاء المرتبطة خلال السنوات الأخيرة، خصوصا على مستوى الانتدابات الخاصة بالمدربين واللاعبين على حد سواء. وفي ظل هذه الوضعية غير المشجعة، يغيب نقاش حقيقي يهم المنظومة التقنية المفروض أن يكون حاضرا بقوة بجميع المنتديات، والدور هنا موكول لودادية المدربين ومعها الإدارة التقنية الوطنية التابعة لجامعة كرة القدم، بصفتهما الجهازين المسؤولين بصفة مباشرة، ومن المفروض أن يؤطرا ويشرفا ويقودا باستمرار النقاش المتعلق بهذا الجانب الحيوي. ما هي الإفرازات التقنية للموسم الاحترافي الخامس؟ كيف كان عطاء اللاعب المحلي، وأيضا نظيره الأجنبي؟ كيف تقبل الوسط الكروي شروط الجامعة بخصوص التعاقد مع اللاعبين الأجانب؟ وضعية المدرب الوطني، حقوقه وواجباته؟ هل التكوين داخل الأندية الوطنية يسير وفق أسس سليمة؟ وما هي المستجدات على الصعيد الدولي بناء على ما أفرزته كأس أوروبا للأمم، وأيضا كوبا أمريكا؟... هذه الأسئلة وغيرها كثير، تشغل بالفعل بال الأوساط الكروية على الصعيد الوطني، وكان من الأفيد أن تشكل موضوع نقاش سواء قبل بداية الموسم أو بعد نهايته... ففي غياب مثل هذا النقاش الحقيقي، لم يتمكن المهتمون والمتبعون سواء كانوا مدربين أو إداريين ومسيرين أو حتى صحفيين من الوقوف عن مكامن الخلل والاستفادة من التجارب، وبالتالي يصعب معالجة الاختلالات التي تزداد عمقا مع توالي الأخطاء وتراكم التجارب الفاشلة على جميع المستويات. فالكل يقر بوجود خلل على مستوى التكوين وضعف منتوج ما يسمى بالمدارس أو المعاهد أو مراكز التكوين التابعة للأندية أو للخواص، إذ أصبحت عاجزة عن إفراز مواهب قادرة على التألق، وهذه محصلة طبيعية وعادية في ظل مجموعة من الإكراهات والعوامل غير المشجعة، دون أن يشكل هذا الإخفاق أو العجز المزمن موضوع نقاش أو دراسة أو بحث ميداني، يقف على الأسباب المباشرة وغير المباشرة. وعوض معالجة المشكل من الجذور، يتم اختيار الحل الأسهل باللجوء بصفة مطلقة للاعبين من أصول مغربية تنتمي لمعاهد أوروبية، والمصلحة تقتضي فتح نقاش حقيقي يهم الجوانب التقنية، التي تشكل عمق الأزمة التي تعاني منها كرة القدم الوطنية عموما.