البرلماني "الصرفاق" حاضر في منصة المؤتمر 18 لحزب الاستقلال... وحضور مضيان وكريم غلاب    الحكومة والنقابات تتجه للتوقيع على زيادة في الأجور قدرها 1000 درهم    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أن "لا حج إلا بتأشيرة حج"    قميص بركان يهزم الجزائر في الإستئناف    عطلة مدرسية.. الشركة الوطنية للطرق السيارة تحذر السائقين    ارتفاع مفرغات الصيد البحري بميناء مرتيل    الأميرة للا مريم تترأس اجتماعا بالرباط    للجمعة 29.. آلاف المغاربة يجددون المطالبة بوقف الحرب على غزة    مقتل 51 شخصا في قطاع غزة خلال 24 ساعة    مصرع 10 أشخاص في حريق بفندق برازيلي    موراتينوس : دعم إسبانيا للمخطط المغربي للحكم الذاتي يعكس "التزاما سياسيا واستراتيجيا    الاتحاد الجزائري يلجأ إلى محكمة "الطاس"    بيدرو روشا رئيساً للاتحاد الإسباني لكرة القدم    مكتب الوداد يعلن عن تعيينات جديدة    فرنسا تبحث إمكانية الاستثمار في مشاريع المملكة خلال كأس العالم ل2030    مندوبية السجون تغلق "سات فيلاج" بطنجة    توقعات بتساقطات مطرية وثلجية متفرقة وانخفاض في درجة الحرارة بالمغرب    وزارة الصحة تعلن تسجيل 10 إصابات جديدة بفيروس كورونا    هل ستعتمدها مديرية الناظور؟.. مذكرة تمنع تناول "المسكة" في المدارس    اليوم العاشر بجامعات أمريكية.. تضامن مع فلسطين والشرطة تقمع    دراسة: التمارين منخفضة إلى متوسطة الشدة تحارب الاكتئاب    القمة الاجتماعية العالمية.. هلال يتباحث في جنيف مع المدراء العامين للمنظمات الدولية    الأمير مولاي رشيد يترأس بمكناس مأدبة عشاء أقامها جلالة الملك على شرف المدعوين والمشاركين في المعرض الدولي للفلاحة بالمغرب    مكناس : المعرض الدولي للفلاحة في نسخته 16يفتح أبوابه في وجه العموم    طلبة الطب يعلقون كل الخطوات الاحتجاجية تفاعلا مع دعوات الحوار    بلقشور ورئيس نهضة بركان لاتحاد العاصمة الجزائري: مرحبا بكم فالمغرب الدار الكبيرة    لجنة الانضباط بالرابطة الفرنسية توقف بنصغير لثلاث مباريات    توقيف مطلوب لبلجيكا بميناء طريفة قادما من طنجة    جمهور ليفار ممنوع من الديبلاصمون لأكادير    العصبة نقصت عقوبة الويكلو للوداد    الفنان المغربي الروسي عبد الله وهبي يعرض "لوحات من روسيا" في الرباط    الصين تؤكد التزامها لصالح علاقات مستقرة ومستدامة مع الولايات المتحدة    "العمق" تتوج بالجائزة الثانية في الصحافة الفلاحية والقروية (فيديو)    بايتاس : الحكومة لا تعتزم الزيادة في أسعار قنينات الغاز في الوقت الراهن    بوطازوت تفتتح فعاليات الدورة الخامسة لمهرجان الشرق للضحك    سعر الذهب يتجه نحو تسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع        احتجاجا على حرب غزة.. استقالة مسؤولة بالخارجية الأمريكية    تطوان .. احتفالية خاصة تخليدا لشهر التراث 2024    "شيخ الخمارين ..الروبيو ، نديم شكري" كتاب جديد لأسامة العوامي التيوى    الشرقاوي يسلط الضوءَ على جوانب الاختلاف والتفرد في جلسات الحصيلة المرحلية    العرائش : انطلاق أشغال مشروع تهيئة الغابة الحضرية "ليبيكا"    محمد عشاتي: سيرة فنان مغربي نسج لوحات مفعمة بالحلم وعطر الطفولة..    جرسيف.. مشروع بكلفة 20 مليون درهم لتقوية تزويد المدينة بالماء الشروب    فضايح جديدة فالبرنامج الاجتماعي "أوراش" وصلات للنيابة العامة ففاس: تلاعبات وتزوير وصنع وثيقة تتضمن وقائع غير صحيحة    بروفيسور عبد العزيز عيشان ل"رسالة24″: هناك علاج المناعي يخلص المريض من حساسية الربيع نهائيا    السعودية قد تمثل للمرة الأولى في مسابقة ملكة جمال الكون    أخنوش: الأسرة في قلب معادلتنا التنموية وقطعنا أشواطاً مهمة في تنزيل البرامج الاجتماعية    "IA Branding Factory"… استفادة 11 تعاونية من الخدمات التكنولوجية للذكاء الاصطناعي    مؤسسة (البيت العربي) بإسبانيا تفوز بجائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها ال18    عرض فيلم "أفضل" بالمعهد الفرنسي بتطوان    الأمثال العامية بتطوان... (582)    خبراء ومختصون يكشفون تفاصيل استراتيجية مواجهة المغرب للحصبة ولمنع ظهور أمراض أخرى    جراحون أميركيون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي    قميصُ بركان    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْحُرِّيَّةِ وَتْكْفُرُونَ بِبَعْضٍ؟!!
نشر في اشتوكة بريس يوم 11 - 12 - 2019

كثر في الآونة الأخيرة الحديث عن الحريات الفردية الخاصة بالأشخاص، ذكورا وإناثا، رجالا ونساء، وذهب فيها القوم كل مذهب. وأصَّل لها العلماني والإسلامي. وحولها البعض إلى محط للجدال، ومحل للصراع الفكراني والأيديولوجي؛ بين من يعترف بها، ويحصر فضاءها إلى حدود معقولة. ومن أرخى لها العنان، وجعلها فوق الحدود، ودعا لإسقاط القانون المُجَرِّم، والشرع المُحَرم، واعتبر الحق في إطلاق العنان لشهوات النفس، والجسد، حقا يجب أن يكون مكفولا دون قيد ولا شرط…
وهكذا استمر الجدال، وسيستمر، ما دامت الخصومة الأيديولوجية قائمة، والصراع الفكراني كائن ومترسخ بين تلوينات وتعبيرات ساحة التدافع السياسي والفكري في هذا البلد، وفي سائر بلاد العرب والمسلمين.
لكن، في المقابل، ظلت هذه الحرية تتلقى الضربات، من روادها، ومناصريها، في ساحة التدافع السياسي/الانتخابوي. وأصبح ما هو محرم، تؤطره القناعات العَلمانية واللادينية، حول الأفراد، والأشخاص الذاتيين، وتؤصل له صراعاتهم المستمرة في معركة تثبيت الذات ضد الشرع/الدين والقانون، حينما يتعلق الأمر بالاشخاص، والأفراد؛ حلالا زُلالا، حينما يقصدون إلى انتهاك خُوَيْصات الأشخاص المعنويين (الأحزاب، والتنظيمات المدنية،…)، في حلبة الصراع السياسي والحزبي.
فالحرية قيمة إنسانية فوق كل استغلال يبغي تحقيق غايات ظرفية، أو تصفية حسابات خاصة. فهي قيمة غير قابلة للتلوُّن، أوالتجزيء، حتى نأخذ منها وندع. فهي للأشخاص كما للمجتمعات، كما للتمركزات السياسية والفكرية، سواء وسيان. فحينما نؤمن بها كقيمة إنسانية لهذا الطرف، وننافح دونها، من أجله، فلا يحق لنا أن نخرق اعتبارها حينما يتعلق الأمر بطرف آخر كان شخصا ذاتيا، أومعنويا.
فهي للأفراد حق مقدس، في حدود يتواضع عليها العالَمون، وهي للمجتمعات والتكتلات السياسية والفكرية كذلك حق لا يحق لأحد أن ينتهك حياضها، أو يعبث باعتبارها القيمي المقدس.
فلقد سرت في الآفاق، في الآونة الأخيرة، خطابات انتهاكية لكائنات ظلت “تُصَدِّع” رؤوسنا بالغيرة على الحريات الفردية، وبلغت مبالغ غير مسبوقة في الدفاع عنها، حتى دعت إلى إسقاط أحكام القانون، والشرع، من أجل التمكين لها في المجتمع المغربي. لكنها، في المقابل، لم تستحي أن تنتهك ذات الحرية لخصوم على وَغَى التدافع السياسي؛ فأوغلت في انتهاك خصوصياتهم الذاتية، والتدخل في قناعاتهم السياسية ومنطلقاتهم المذهبية الفكرانية، في ضرب صارخ لحق التنظيمات والأحزاب في تبني المنطلقات التي تراها الأجدر بالتأسيس لرؤى التغيير، وفلسفات التأطير الجماهيري. والأوفق للقناعات المجتمعية التي توجه إليها خطاب الاستقطاب. وهي من قبيل الحريات الفردية المرتبطة بالأشخاص المعنويين، والتي تحتاج من كل العقلاء، نفس الغيرة، والدفاع، الذي تناله منا الحريات الفردية المرتبطة بالأشخاص الذاتيين.
فالتدخل في اختيارات أحزاب، إسلامية أو عَلمانية، أصلت لقناعاتها الخاصة، وأسست عليها برامجها، ورؤاها الاستراتيجية القمينة، حسبها، بإحداث التغيير المنشود المُحَقِّق لانتظارات الشعب، لا يقل جُرما وانتهاكا مما يفعله التدخل السافر في حريات الأشخاص الذاتيين، بمنطق العلماني المتطرف الذي يدعو إلى تكسير كل الحواجز، والعقابيل الحائلة أمام انطلاق هذه الحرية، والتمكين لها بدون شرط ولا قيد، بما في ذلك تحريمات الدين، وتجريمات الشرع، أو بمنطق الإسلامي أو العلماني المعتدل، الذي يؤسس لحدودها المعقولة من الدين والقانون، و تواضعات المجتمع..
فرفضنا التدخل في الحرية الفردية المطلقة للأشخاص الذاتيين، يجب أن يكون أيضا سلوكا نسحبه على مختلف تعالقاتنا المجتمعية، والسياسية، والفكرية مع الأغيار؛ أحزابا، أو تنظيمات، أو تجمعات فكرية أو أيديولوجية مخالفة. إذ هذه القناعة المرتبطة بقيمة إنسانية، أو بالأحرى بما نتصوره ونعتقده حول هذه القيمة؛ صحيحا كان أوخطأ، لا يمكن أن يقبل لنا بحصر هذا الإيمان في زاوية ضيقة؛ فنؤمن بالحرية، وننافح دونها، حينما تخدم أجنداتنا، ونكفر بها حينما تعيق هذه الأجندات، وتخدم أجندات خصومنا.
فالهجومات التي تتوالى على أحزاب، وبرامج، ومذهبيات، وتتدخل في القناعات الخاصة بها، بالتأويل، والتخوين، والتي تصدر من على منابر الخطابة، والإعلام، ومن داخل الندوات، والصالونات، من نُصَّار الحريات الفردية المطلقة، لا يقل جرما مما تفعله أعتى الديكتاتوريات العسكرية في حق الحريات المقدسة التي تكلفها الشرائع السماوية، والقوانين الدولية.
فبنفس القدر الذي يحترم فيه من يخلطون الدين بالسياسة، من يسحبونه منها، على هؤلاء أن يحترموا لأولئك قناعاتهم التي يصدرون عنها، وأن يقدروا لهم “حريتهم الحزبية الفردية” كما يقدرون للأشخاص الذاتيين حرياتهم الفردية، حتى جعلوها قضيتهم الفكرية والسياسية الأولى؛ سواءً بسواء !.
دمتم على وطن.. !!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.