بعد حوار أخنوش للي أكد فيه بلي مكايناش سنة بيضاء.. طلبة الطب: أجلنا المسيرة الوطنية ومستعدين للحوار    واش غايسمعو ليه؟.. بركة خايف يتفركع المؤتمر وصيفط رسالة للمؤتمرين: استحضروا التوافقات البناءة وقيم حب الوطن – فيديو    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولات الجمعة على وقع الانخفاض    تعليمات خاصة من الكاف لمراقبة الصغيرة والكبيرة فديبلاصمون اتحاد العاصمة للمغرب تفاديا لتزوير الحقائق وكذوب الكابرانات    نسبة انتشار التدخين بين التلاميذ اللي عمرهم بين 13 و15 عام وصلات ل6 % وبنموسى: الظاهرة من الأسباب المباشرة ديال ضعف التحصيل الدراسي    جرسيف.. مشروع بكلفة 20 مليون درهم لتقوية تزويد المدينة بالماء الشروب    بروفيسور عبد العزيز عيشان ل"رسالة24″: هناك علاج المناعي يخلص المريض من حساسية الربيع نهائيا    المغرب يطرح مناقصة لبناء مزرعة رياح بقدرة 400 ميغاوات    السعودية قد تمثل للمرة الأولى في مسابقة ملكة جمال الكون    وانغ يي يتلقى مقابلة تحريرية مع شبكة الجزيرة الإعلامية القطرية    أخنوش: الأسرة في قلب معادلتنا التنموية وقطعنا أشواطاً مهمة في تنزيل البرامج الاجتماعية    الملك يهنئ عاهليْ هولندا بالعيد الوطني    أخنوش يحسم الجدل بخصوص التعديل الحكومي    مجمع الفوسفاط ينجح في تعبئة ملياري دولار عبر سندات اقتراض دولية    من بينهم الرجاء والوداد.. "الفيفا" تمنع 12 فريقا مغربيا من التعاقدات    انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس "مولان روج"    طلبة الطب يقررون تعليق كل الخطوات الاحتجاجية وفسح المجال للحوار    رغم القمع والاعتقالات.. التظاهرات الداعمة لفلسطين تتواصل في العالم    الصين تتعبأ لمواجهة حالات الطوارئ المرتبطة بالفيضانات    درنا الرقمنة بكري.. الوزيرة مزور فتحات كونكور مدير التحول الرقمي ومن الشروط تجيب خمس نسخ ورقية من الضوسي باش دفع للمنصب    أخنوش.. هذا ما يمنع الزيادة في أسعار "البوطاغاز"    رسميا.. بدر بانون يعود لأحضان فريقه الأم    بطولة إفريقيا للجيدو... المنتخب المغربي يفوز بميداليتين ذهبيتين ونحاسيتين في اليوم الأول من المنافسات    "IA Branding Factory"… استفادة 11 تعاونية من الخدمات التكنولوجية للذكاء الاصطناعي    الأمير مولاي رشيد يترأس بمكناس مأدبة عشاء أقامها الملك على شرف المدعوين والمشاركين في المعرض الدولي للفلاحة بالمغرب    الجو غيتقلب.. غيام وشتا رعدية فأقصى جنوب بلادنا ومتفرقة فمرتفعات الأطلس الكبير والصغير    انطلاق أشغال مشروع تهيئة الغابة الحضرية "ليبيكا" بالعرائش    مؤسسة (البيت العربي) بإسبانيا تفوز بجائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها ال18    "لمسات بألوان الحياة".. معرض تشكيلي بتطوان للفنان مصطفى اليسفي    عرض فيلم "أفضل" بالمعهد الفرنسي بتطوان    أسعار النفط ترتفع وتتجه لإنهاء سلسلة خسائر استمرت أسبوعين    زلزال استقالات يضرب الخارجية الأمريكية بسبب دعم بايدن لحرب إسرائيل على غزة    معرض لفلاحة 16 بمكناس كبر وخاصو يتوسع. دورة مقادة كان مشكوك فيها 3 اشهر. اقبال كبير وتجاوب مزيان وحركة دايرة    عدد العمال المغاربة يتصاعد في إسبانيا    تحت اشراف الجامعة الملكية المغربية للملاكمة عصبة جهة سوس ماسة للملاكمة تنظم بطولة الفئات السنية    وزير دفاع إسرائيل: ما غنوقفوش القتال حتى نرجعو المحتجزين لعند حماس    الدكتور عبدالله بوصوف: قميص بركان وحدود " المغرب الحقة "    شاهد كيف عرض فيفا خريطة المغرب بمتحفه في زوريخ    القبض على مطلوب في بلجيكا أثناء محاولته الفرار إلى المغرب عبر إسبانيا    هل دقت طبول الحرب الشاملة بين الجزائر والمغرب؟    تسليط الضوء بالدار البيضاء على مكانة الأطفال المتخلى عنهم والأيتام    طنجة تحتضن ندوة حول إزالة الكربون من التدفقات اللوجستية بين المغرب و أوروبا    البيرو..مشاركة مغربية في "معرض السفارات" بليما لإبراز الإشعاع الثقافي للمملكة    نهضة بركان تطرح تذاكر "كأس الكاف"    مؤتمر دولي بفاس يوصي بتشجيع الأبحاث المتعلقة بترجمة اللغات المحلية    التحريض على الفسق يجر إعلامية مشهورة للسجن    الأمثال العامية بتطوان... (582)    "مروكية حارة " بالقاعات السينمائية المغربية    في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشار المرض بسبب التغير المناخي    خبراء ومختصون يكشفون تفاصيل استراتيجية مواجهة المغرب للحصبة ولمنع ظهور أمراض أخرى    جراحون أميركيون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي    أكاديمية المملكة تعمق البحث في تاريخ حضارة اليمن والتقاطعات مع المغرب    ماركس: قلق المعرفة يغذي الآداب المقارنة .. و"الانتظارات الإيديولوجية" خطرة    قميصُ بركان    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من خطر الإصابة بسرطان القولون    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العلمانية و حقوق الإنسان وقضية المرأة
نشر في أسيف يوم 18 - 03 - 2008

على سبيل المقدمة : حينما طرحت علي اللجنة المركزية لحقوق المرأة و رفيقاتي في المكتب المركزي و اللجنة الإدارية تقديم عرض في موضوع حقوق المرأة من زاوية مطلب العلمانية ، فإنني أحسست بالفرح من جهة لأن إحدى قناعاتي قد لقيت الصدى ، فقد كنت أكرر دائما بأن النساء و الحركة النسائية المتحررة خصوصا لا يمكن أن يترددن في تبني العلمانية لان تحررهن مرهون بطرح العلمانية على جدول أعمالهن .و طرح موضوع العلمانية و حقوق المرأة سيطرح تساؤلات عدة أذكر بعضها :- لماذا يجب أن تكون الحركة النسائية التقدمية و الديمقراطية في مقدمة المطالبين بالعلمانية؟- كيف يمكن أن تساهم الحركة النسائية التقدمية و الحركة الحقوقية في تجذير مطلب العلمانية في الواقع المغربي؟- كيف يمكن أن تضع الحركة النسائية على جدول أعمالها مطلب العلمانية دون أن تفقد جزءا من جماهيرها؟- ما هي المداخل الأساسية التي يمكن أن تجعل النساء يلتفن حول المطالب النسائية العلمانية؟قبل الجواب على هذه الأسئلة و على انتظارات الحركة النسائية التقدمية و الديمقراطية و على انتظارات الحقوقيات و الحقوقيين في هذا الباب لا بد من الإجابة عن الأسئلة التي تفرض أن تكون العلمانية في قلب جدول أعمال الحركة الحقوقية و مجمل الحركة التقدمية و الحركات الاجتماعية و كل برنامج يزعم الرغبة في بناء الدولة و المجتمع الديمقراطيين.1.مفهوم العلمانية ، و المبادئ الأساسية التي يرتكز عليها إن إشكالية العلاقة بين الدين و الدولة ، بين الدولة و الحرية ، بين الدولة و المساواة بين البشر، بين المواطنة الكاملة و المواطنة الناقصة ، بين الحرية الفردية و الشخصية و المؤسسات "المؤسسة الدينية"،و " مؤسسة الأسرة " ، حدود الفضاء الخاص و الفضاء العام، دور التعليم في عصرنا في ترسيخ القيم الكونية التي تمجد العلم و العقل و الحرية و المساواة بين البشر / كافة البشر، كلها قضايا إشكالية حقيقية في واقعنا الحالي ، علاقة الدين بالعلم و علاقة الدين بالقانون و علاقة الدين بالجنسانية المتحررة ، و علاقة الدين بالتحكم و إعادة إنتاج علاقات السلطة و البنيات الاقتصادية القائمة هي قضايا و موضوعات صراع مجتمعي صريح أحيانا و مضمر أحيانا أخرى ، و المجتمع الديمقراطي الذي ننشده كحقوقيين عليه أن يجيب / يساهم في الإجابة عن هذه الإشكاليات لا أن يضع رأسه في الرمل فقط لأن الإشكالات المطروحة حرجة و ساخنة .
•المشروع المجتمعي الديمقراطي العلماني يجب أن ينبني على المبادئ التالية :-فصل الدين عن الدولة ، و لا يعني هذا أن لا تهتم الدولة الديمقراطية العلمانية في بناء استراتيجياتها بتوفير شروط معرفة/ ممارسة مختلف العقائد و المذاهب في ظل احترام تام للحريات الشخصية للأفراد.-فصل الدين عن السياسة : لأن مجال السياسة هو مجال المصالح و المواقع و الصراع فإدخال الدين في هذا المجال هو إعادة إنتاج لخطابات الصراع في القرون الوسطى المطبوعة بالتكفير و التكفير المضاد ، و بطبيعة الحال فإن "الحقيقة الدينية"/ المذهبية ستكون في هذه الحالة حقيقة الغلبة / من يمتلك السلطة يمتلك الحقيقة .-فصل الدين عن القانون / من أجل قوانين مدنية تؤمن حقوق الإنسان : لقد آن الأوان لسحب البساط من كل مستعملي الدين للسيطرة و القمع و الاضطهاد و الاستغلال من خلال المناداة بقوانين ديمقراطية علمانية حقوقية كونية .-فصل الدين عن العلم و المنطق العلمي : إن للدين منطقه الإيماني و التسليمي و للعلم منطقه التشكيكي و البرهاني .-فصل الدين عن الاقتصاد : لا وجود لاقتصاد فوق أو خارج القانون في مشروع الدولة الديمقراطية ، كما لا مكانة للريع وللإفلات من العقاب الذي يستند على سلطة المقدس الديني أو السياسي أو كلاهما .-فصل الدين عن التعليم : إن التعليم و السياسة التعليمية مرهونة بطبيعة المشروع المجتمعي الذي نريده ، فكل سياسة تعليمية يجب أن تضمن الحق في التربية و التربية على الحقوق / كافة الحقوق بما فيها الحق في المعرفة / دراسة تاريخ الأديان و المذاهب مما يمكن "مواطن الغد" من أن تكون له فكرة علمية عن الأديان و مما يسمح بأن تتحول المعتقدات إلى قناعات شخصية / المواطن الحر المالك لعقله و ليس قناعات موروثة بيولوجيا.-فصل الفضاء الخاص عن الفضاء العام : إن عدم التمييز بين الفضاء الخاص و الفضاء العام ، و عدم احترام الحريات الشخصية يعتبر لازمة للثقافة السائدة حيث توظف السلطة هذا التداخل بين المجالين لانتهاك الحريات الشخصية (الحملات "الأخلاقية " المفاجئة في العديد من المدن على الشباب و الشابات ) و التي تذكرنا بشرطة الأخلاق ببعض الدول الخليجية . و إعمال منطق " الحسبة " من طرف الحركة الأصولية (مثال وقائع القصر الكبير)-المساواة التامة بين المرأة و الرجل و بين المسلم و المسلم المختلف و بين المسلم و غير المسلم.2.الشروط التاريخية لتبلور العلمانية في أوربا و العالم العربي و المغرب:•في السياق الأوروبي : ظهرت العلمانية في أوروبا في التاريخ المعاصر وفق شروط تاريخية تميزت ب:-الصراع الطبقي بين البورجوازية الصاعدة بانية النظام الرأسمالي الحديث و الطبقة الإقطاعية التي تنتمي للعصور الوسطى و التي أفل دورها التاريخي.-الصراع الفكري بين الفكر الظلامي الرجعي للعصور الوسطى و فكر الأنوار التقدمي الذي يعلي من قيمة الإنسان و العقل و العلم و الجمال ، و قد اتخذ هذا الصراع أشكالا معقدة و اخترق الحقل الديني نفسه ، و فرض عليه مسايرة التطور التاريخي أو الاندثار .-الصراع السياسي الذي عكسته نظريات الفقه/ العلم الدستوري كخلاصة للجدل المستمر بين السلطة المائلة إلى الحفاظ على النظام و الطغيان و إعادة الإنتاج ، و الحرية كتطلع مشروع للإنسان كفرد و كجماعة ، و للإشارة فغن هذا الجدل هو الذي أنتج نظرية حول الدولة باعتبارها تعبير عن الإرادة العامة نظرية العقد الاجتماعي و أن الدولة هي حامية الحريات النظرية الديمقراطية -كما أن العلمانية في دول أخرى كتركيا و الهند و اليابان و المكسيك...مثلا خضعت لسياقات تاريخية مختلفة محلية و دولية.-و تتفاوت التعبيرات العلمانية بين الإعلان و التنصيص عليها في الدستور صراحة في بعض الدول أو تضمينها فيه كمبادئ فقط في دول أخرى و خصوصا مبدأ حياد الدولة اتجاه الدين و حماية حرية الضمير و الفصل بين الفضاء العام و الفضاء الخاص.•في السياق العربي الإسلامي : الحركة القومية و مثقفو النهضة و اليسار رواد العلمانية :-لقد دخلت العلمانية كفكرة و كمصطلح في سياق التوسع الكولونيالي شأنها شأن الكثير من المفاهيم و المصطلحات حيث ترجمت لأول مرةحسب عفيف الأخضر كلمة اللائكية بالعلمانية من طرف أحد مترجمي الحملة الفرنسية على مصر لويس بقطر في معجم فرنسي عربي لأول مرة في مارس 1828 ، ثم تبنى هذا المصطلح "المعجم الوسيط" سنة 1960 لكنها لم تدخل قط إلى العالم العربي كمشروع مجتمعي.-رواد الفكر العلماني كثيرون من الأقليات المسيحية خصوصا و من المسلمين : جورجي زيدان و شبلي شميل و يعقوب صروف و ميخائيل نعيمة و جبران خليل جبران و فرح أنطوان ، و سلامة موسى ، و رواد الحداثة المسلمون :رفاعة الطهطاوي و قاسم أمين و لطفي السيد و طه حسين و علي عبد الرازق و أحمد أمين ، و حديثا فرج فودة و الطاهر حداد و لا ننسى مثقفين تبنوا العلمانية و كتبوا فيها : صادق جلال العظم و عزيز العظمة ، فؤاد زكريا ، نصر حامد أبو زيد ...-أن الحركة القومية و روادها كانوا عموما من دعاة العلمانية ، كما أن اليسار في البلدان العربية كان من دعاة العلمانية ، لكن فشل المشاريع القومية ، و صعود الأصولية منذ أواخر السبعينات دفع العديد من المثقفين و القوى اليسارية إلى خفوت خطابها العلماني حتى في البلدان ذات الطابع الطائفي ، و طغيان خطاب أكثر عمومية و غموضا يتحدث عن الحداثة أو يقوم على نقد الحركة الأصولية من الداخل تحديث الإسلام كما تحاول بعض التيارات الأصولية التكيف الشكلي مع الحداثةأسلمة الحداثة-تفتقد البلدان العربية و الإسلامية للحداثة و الديمقراطية و بالتالي للعلمانية و هي تنقسم إلى نوعين من الدول :-دول أصولية صلبة تعتمد المرجعية السنية أو الشيعية ( ايران – السعودية – السودان في عهد الترابي – حكم طالبان سابقا...) و هي تجرم كل خروج عن المذهب و تقمع الأقليات المذهبية و النساء (السنة مقموعون في إيران و الشيعة مقموعون في السعودية و في العراق و لبنان و فلسطين يتم تسعير النعرات الطائفية).-دول أصولية مرنة : تسمح بنوع من الممارسة الدينية و المذهبية و تسمح بإعادة إنتاج بنيات نظام ذكوري و لا ديمقراطي.•في السياق المغربي :المرجعية التأسيسية للنظام القائم و ضرورة العلمانية: تعتمد الدولة في تدبيرها السياسي و في إطارها الدستوري و القانوني على المبادئ التأسيسية للدولة المخزنية القروسطية على المفاهيم التالية : إمارة المؤمنين / البيعة / الراعي و الرعية / الحاكم المقدس/... و إذا كانت المرحلة الكولونيالية و مرحلة الاستقلال الشكلي قد أدخلت تغييرات على الهيكلة و البناء القانوني للدولة خصوصا مع وضع الدستور المكتوب، فإن الدستور المكتوب رغم الإستيعارات الفقهية الدستورية " الحداثية " و خاصة الفرنسية حافظ في الجوهر على نفس الأسس القروسطية كتابة و عرفا . إن استعمال مفاهيم المقدس في الدستور و في الخطاب السياسي و الإعلامي و الثقافي ليس من شأنه أن يكرس طبائع الاستبداد فقط و إنما سيسمح بتبرير و حماية كل نزعة تهدف إلى التراجع عن مكتسبات المرأة أو في أحسن تقدير عدم حصولها على مكتسبات جديدة.و يبدو أن المغرب لم ينتج خطاب علماني و مطالب علمانية واضحة سواء عند المثقفين و السياسيين ، حيث أن بعض المثقفين يعتقدون في إمكانية علمنة بعض المجالات في الدولة و المجتمع بدون الحديث عن العلمانية (محمد جسوس) في حين يعتقد البعض الآخر أن العلمانية لا تصلح للمجتمع المغربي ( محمد عابد الجابري ) و يغلف البعض المطلب العلماني بمفاهيم غامضة و فضفاضة و قابلة للتأويلات كمفهوم "الحداثة" لكن في المقابل نجد مثقفين يعلنون صراحة بأن مطلب العلمانية ضرورية للمجتمع المغربي كعبد الله حمودي الذي يقول ( فيما معناه) :"من قال بأن المجتمع المغربي لا يقبل بالعلمانية إذا سمح لدعاتها بالكلام مع الشعب و في وسائل الإعلام و بتوضيح أطروحاتهم للجماهير المعنية" كما يوجد مدافعون عن العلمانية في مختلف المواقع و حتى داخل بعض القوى و الأحزاب و المنابر اليمينية . لكن لحد الآن فإن الجرأة على إعلان مطلب العلمانية بالنسبة للأحزاب السياسية غير موجود إذا استثنينا حزب واحد و وحيد هو النهج الديمقراطي الذي يطرح مطلب الدولة الديمقراطية العلمانية وبوضوح . كما نجد بعض الجمعيات الأمازيغية و المدنية التي تطرح المطلب بوضوح أيضا .3.لماذا مطلب الدولة الديمقراطية العلمانية ؟-الدولة الديمقراطية جواب على الدولة المخزنية و الدولة العلمانية جواب على دولة و قوانين و مجتمع الرعايا .-لأنها الجواب عن المواطنة الناقصة بالمواطنة الكاملة-لأن اتجاه التاريخ يسير نحو تجاوز مكونات دولة القرون الوسطى-لأنها الآلية التدبيرية الحقيقية لحماية كافة حقوق الإنسان : الدولة حامية الحريات-لأن الدولة لا يمكن أن تصبح دولة حامية للحريات إلا إذا تعلمنت-لأن علمانية الدولة هو الجواب الطبيعي عن مشروع أصولية الدولة أو الأصولية الحركية.-لأن المرأة و غير المسلم و المسلم المختلف هم ضحايا غياب العلمانية .-لأن مفهوم "الحسبة" لدى الجماعات الأصولية ، و التدخل المخزني في الحياة الشخصية للأفراد يعتبر آلية من آليات فرملة كل بروز " للمواطن الفرد الحر المالك لعقله و ضميره و جسده"-و هنا أفتح قوس و أتساءل لماذا لم يطرح أصحاب البيانات و النداءات من أجل الديمقراطية و الحريات الشخصية التي تهاطلت علينا بدون سابق إشعار تاريخي و دعاة إصلاح و إعادة هيكلة الحقل الديني مطلب العلمانية بوضوح ؟ هؤلاء الذين استفاقوا مؤخرا بان الحريات الشخصية مهددة ؟ من من ؟ لا جواب؟؟؟أو أن الجواب مبتور. 4.لماذا الحقوقيون يجب أن يكونوا في طليعة الدفاع عن مطلب العلمانية-أولا لأن مرجعيتهم الكونية تفرض الانحياز الكامل إلى مطلب الدولة العلمانية الديمقراطية-لأن الدفاع عن المساواة في جميع المجالات و خاصة المساواة بين المسلم و المسلم المختلف وبين المسلم و غير المسلم وبين المرأة و الرجل لا يمكن أن يتحقق بدون إقرار العلمانية.-لأن المواطنة منقوصة بدون العلمانية .-لأن مجتمع المواطنة الكاملة وكافة حقوق الإنسان يتناقض مع دولة و مجتمع الرعايا-لأن حقوق الإنسان و مطلب العلمانية هو الجواب على المقدس السلطوي ، فالمقدس لا يجب أن يحتل الفضاء العمومي ، لأن كل مقدس هو مقدس فقط لصاحبه:"المواطن/ة الحر المالك لعقله و لجسده"بدون وصاية سلطة أو جماعة.5.لماذا يجب أن تكون الحركة النسائية في مقدمة الجبهة من أجل العلمانية-ليس للنساء خيار إذا أردنا و معهم الديمقراطيون المساواة في جميع الميادين سوى مطلب الدولة العلمانية-لأن النساء لا يتمتعن بالمواطنة الكاملة ، فلا زالت المرأة أقل مواطنة في العديد من القوانين.-لأن الحركة الأصولية متيقضة و تتحين الفرص للانقضاض على بعض المكتسبات النسائية الجزئية . و بكلمة للرجوع إلى عهد الحريم ، ليس هناك مبالغة : أنظروا لما يحدث للمرأة العراقية من تراجعات عن مكتباتها الديمقراطية أمام الصعود الأصولي. 6.ما هي مكونات الجبهة من أجل العلمانية :-الحركة الحقوقية-الحركة النسائية التقدمية و الديمقراطية-الحركة الأمازيغية الديمقراطية و التقدمية-الحركة السياسية التقدمية و الديمقراطية-المثقفون الديمقراطيون المدافعون عن العلمانية-المثقفون الدينيون الكامنون و المتأثرون بدعوات " من أجل فقه جديد " و هنا أفتح القوس لأسجل أنني ضد كل الأطروحات التي تقول بأنه يجب مواجهة الأصولية و لو بالتحالف مع الإمبريالية ، فهذه الأطروحة بالقدر الذي هي مغلوطة من زاوية الاعتقاد بأن الإمبريالية هي نقيض الأصولية الإستراتيجي ، و من زاوية أن الاعتقاد بان الأصولية حركة واحدة موحدة و ثابتة المنطلقات ، إن الحركة الأصولية تتأثر بدورها بالصراع الدائر عالميا و بالمواقع الاجتماعية و السياسية لهذه الحركات في مختلف واجهات الصراع. 7.كيف الوصول إلى الجماهير ؟-التمفصل الضروري للنضال من أجل الحقوق المدنية و السياسية و الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية . و الوصول إلى المرأة في الأحياء الشعبية و الدواوير .- التوضيح الإديويلوجي الضروري بأن العلمانية ليست ضد الدين و إنما ضد استعمال الدين لانتهاك الحقوق أو لرفض المساواة أو لحماية السلطة و الحاكمين ضد المشروع الديمقراطي العلماني . -في الحاجة إلى العلمانية ؟العلمانية مطلب
الحركات النسائة:-العلمانية هي ضمان المواطنة الكاملة : المرأة و المواطنة الناقصة-المساواة الكاملة و الحرية لا يستويان بدون العلمانية-التمفصل الضروري بين العلمانية و الديمقراطية و حقوق الإنسان-الدولة العلمانية الديمقراطية : المطلب الحقيقي للديمقراطيين-من أجل جبهة وطنية والانخراط في الجبهة العالمية من أجل العلمانية-مواجهة إستراتيجية تدجين المرأة عبر جعل المرأة كائن "اجتماعي" غير منفصل عن مؤسسة الأسرة و عبر جعل الأسرة المؤسسة الأساس لإعادة إنتاج القيم البطريركية التي لا تسمح للمرأة بتحررها الجسدي و العقلي : " المرأة الفرد الحرة المالكة لعقلها و لجسدها " من طرف أصولية الدولة و الأصولية الحركية و الخطاب المضخم حول الأسرة و المرأة.-التنبيه إلى إن اهتمام الحركة الأصولية بالمرأة اهتمام مضخم بتنميطها ، اهتمام بجسدها ، بلباسها ، بكل تفاصيل حميميتها و ذلك إدراكا لما تلعبه المرأة ك"حريم" في إعادة إنتاج مجتمع الإستيلاب الذكوري للعصور الوسطى و رغبة في استمرار هذا الإستيلاب في خدمة الرأسمال التبعي و المتخلف الذي يسمح باستغلال المرأة إلى أقصى حد.-قضايا المرأة التي لا يمكن إن تحسم فيها سوى العلمانية :-المساواة في الإرث-المساواة في الشهادة-التعدد-الأهلية-تزويج القاصرات-الجنسانية و حقوق الإنسان-الزواج من غير المسلم-تغيير المعتقد8.بعض المقترحات و التوصيات :-لا يمكن أن تتحقق المواطنة الفعلية الكاملة و الغير منقوصة إلا بمدونة للأسرة مدنية و علمانية و تعتمد على سمو المواثيق الدولية لحقوق الإنسان على القوانين المحلية . -التوفيقة في القوانين ستجعل المرأة و حقوقها رهينة قوانين هشة و قابلة للتراجع ، و سنضطر للنضال قرون أخرى فقط من أجل إزاحة مقولات المقدس و السلطة المقدسة سواء أكانت سياسية أو ذكورية.-يجب الاقتناع بأن الحركة الأصولية في الدولة أو في المجتمع ستناضل من أجل استغلال أي خلل في موازين القوة لضرب حتى المكتسبات الجزئية التي حققتها الحركة النسائية في نضالها ، و هذا ما حدث و يحدث في العراق و فلسطين ، و هناك محاولات حتى في قلب المجتمعات العلمانية .-جعل مطلب العلمانية/المقاربة العلمانية ثابتا في أجندة الحديث عن المطالب النسائية .-جعل مطلب العلمانية / المقاربة العلمانية ثابتا في جدول أعمال التنسيق و التواصل بين مكونات الحركة النسائية.-طرح بوضوح مطلب الدولة الديمقراطية العلمانية لدى كل الديمقراطيات و الديمقراطيين كمدخل مفصلي للجواب على مشروع الدولة الأصولية الصلبة أو الدولة الأصولية المرنة .-الانخراط في النقاش الدائر حول مطلب العلمانية في العالم العربي و في أوروبا لأنه نقاش واحد في مواقع مختلفة.-دعم الحركة النسائية و الحركة الحقوقية و الحركة العلمانية في كافة البلاد العربية و بخاصة في العراق و فلسطين ضد المشاريع التي تستهدف المكتسبات النسائية التي تحققت في العقود الماضية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.