بدء أشغال المؤتمر السادس للبرلمان العربي بالقاهرة بمشاركة المغرب    المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بإقليم تنغير.. إنجاز 79 مشروعا في القطاع الصحي    تفاصيل رسالة من الملك إلى رئيس السيراليون    نادية فتاح: المغرب يتيح الولوج إلى سوق تضم حوالي مليار مستهلك بإفريقيا    منتوج العسل المغربي يطرق أبواب السوق الأوروبية    ماذا قال مدرب بركان عن مواجهة اتحاد العاصمة الجزائري؟    خلفيات تسببت لرئاسة المؤتمر 18 لحزب الاستقلال في "بلوكاج" لمدة 8 ساعات    التلميذة فاطمة الزهراء ضحية مدير ثانوية "التقدم" فمولاي يعقوب فتصريح ل"كود": هادي 3 سنين والمدير كيتحرش بيا وكيدير هادشي مع بزاف دالبنات    تتويج شعري في ملتقى الشعر والفلسفة    العلماء يعثرون على قبر أفلاطون بفضل الذكاء الاصطناعي "صورة"    توقيف متورطين في ترويج مخدرات وحجز 8955 قرص مهلوس    وفد ألماني يطلع بتطوان على العرض البيداغوجي للمعهد المتوسطي للتدبير    جاري القروض الصغرى المستحقة يصل إلى 8,4 مليار درهم في متم 2022    بايتاس: حكومة أخنوش هي أكثر حكومة وسعت الحوار الاجتماعي وعملت على مأسسته منذ تنصيبها    هذا تاريخ عيد الأضحى لهذه السنة بالمملكة    مظاهرة حاشدة في مدريد لدعم رئيس الوزراء وحثه على البقاء    توقعات أحوال الطقس غدا الأحد    رحلة الجاز بطنجة .. عودة للجذور الإفريقية واندماج مع موسيقى كناوة    بلغت تذاكره 1500 درهم.. حفل مراون خوري بالبيضاء يتحول إلى فوضى عارمة    هيئة كبار العلماء بالسعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون أخذ تصريح وآثم من فعل ذلك    الخارجية البريطانية: ملتازمين بتعزيز وحماية حقوق الإنسان فالصحرا وكنشجعو الأطراف باش يواصلوا جهودهم فهاد الصدد    المغرب يواجه واحدا من أكثر المواسم الفلاحية كارثية في تاريخه    مجلس الأمن .. حركة عدم الانحياز تشيد بجهود جلالة الملك لفائدة القضية الفلسطينية    الرباط: اختتام فعاليات "ليالي الفيلم السعودي"    ارتفاع عدد شهداء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34 ألفا و388 شهيدا منذ بدء الحرب    ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء بالمغرب    مؤتمر الاستقلال يمرر تعديلات النظام الأساسي ويتجنب "تصدع" انتخاب القيادة    بنتايك ضمن التشكيلة المثالية للجولة ال34 من دوري الدرجة الثانية الفرنسي    تفاصيل وكواليس عمل فني بين لمجرد وعمور    خنيفرة .. إعطاء انطلاقة المرحلة الثالثة من "لحاق المغرب التاريخي للسيارات الكلاسيكية "    قناة عبرية: استقالة رئيس الأركان الإسرائيلي قريبا وجميع الضباط المسؤولين عن كارثة 7 أكتوبر سيعودون إلى ديارهم    زلزال بقوة 6.1 درجات يضرب هذه الدولة    تواصل حراك التضامن مع الشعب الفلسطيني في المغرب.. مظاهرات في 56 مدينة دعما لغزة    خمسة فرق تشعل الصراع على بطاقة الصعود الثانية وأولمبيك خريبكة يهدد حلم "الكوديم"    مجلس أمناء الاتحاد العربي للثقافة الرياضية يجتمع بالدوحة لمناقشة خطة 2025    السعيدية.. افتتاح النسخة الثامنة من تظاهرة "أوريونتا منتجعات السعيدية – حكايات فنية"    فرنسا مستعدة ل"تمويل البنية التحتية" لنقل الطاقة النظيفة من الصحراء إلى الدار البيضاء    مغني راب إيراني يواجه حكماً بالإعدام وسط إدانات واسعة    سيناريوهات الكاف الثلاث لتنظيم كأس إفريقيا 2025 بالمغرب!    زفاف العائلات الكبيرة.. زواج ابنة أخنوش من نجل الملياردير الصفريوي    سامسونغ تزيح آبل عن عرش صناعة الهواتف و شاومي تتقدم إلى المركز الثالث    هجوم روسي استهدف السكك بأوكرانيا لتعطيل الإمدادات د مريكان    تطوير مبادرة "المثمر" ل6 نماذج تجريبية يَضمن مَكننة مستدامة لأنشطة فلاحين    الأكاديمية تغوص في الهندسة العمرانية المغربية الإسبانية عبر "قصر الحمراء"    زلزال بقوة 6 درجات يضرب دولة جديدة    ممثل تركي مشهور شرا مدرسة وريبها.. نتاقم من المعلمين لي كانو كيضربوه ملي كان صغير    الرابطة الرياضية البيضاوية يؤكد ان الوحدة الترابية قضيتنا الاولى    جمارك الجزائر تجهل قانون الجمارك    اكتشف أضرار الإفراط في تناول البطيخ    كورونا يظهر مجدداً في جهة الشرق.. هذا عدد الاصابات لهذا الأسبوع    الأمثال العامية بتطوان... (583)    دراسة: التمارين منخفضة إلى متوسطة الشدة تحارب الاكتئاب    ‬غراسياس ‬بيدرو‮!‬    بروفيسور عبد العزيز عيشان ل"رسالة24″: هناك علاج المناعي يخلص المريض من حساسية الربيع نهائيا    الأمثال العامية بتطوان... (582)    جراحون أميركيون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التمازج العرقي والحقوق الثقافية
نشر في فبراير يوم 27 - 03 - 2013

ما زال بعض المغاربة في النقاش العمومي يتداولون صيغا بلاغية جاهزة اعتمدت منذ عقود سابقة، بينما من بديهيات هذا النقاش الحيوي عدم العودة إلى الوراء، أو التشكيك في المكتسبات.

لقد كان السبب الذي يجعل الكثيرين يغرقون المطالب الأمازيغية اللغوية والثقافية في متاهات موضوع الأصول العرقية، التي لم تكن قط موضوعا لمطالب، هو صرف النظر عن أشكال الميز الثقافي التي كانت تمارسها الدولة في الفضاء العام.

ومن بين نتائج هذا الربط "الذكي" بين الأمازيغية وأسطورة العرق والأصل، أننا كنا نواجَه من قبل زعماء سياسيين بخطاب فحواه أنّ الأمازيغ قد شغلوا ويشغلون المناصب العليا للدولة حيث منهم الوزراء والمدراء والجنرالات والأغنياء، كما أن المغاربة قد تمازجوا وتزاوجوا فيما بينهم مما يجعل طرح مطالب أمازيغية غير ذي معنى سوى المزايدة، إلى غير ذلك من الكلام الساذج الذي يقصد به التعمية وخلط الأوراق. والحقيقة أن هذا الأسلوب في الالتفاف على مشكل حقيقي قد دشنه بعض رواد الحركة الوطنية الذين كانوا يعترفون بوجود "البرابر" بوصفهم عنصرا بشريا دون أن يعترفوا بوجود لغة خاصة بهم. إذ لغتهم هي اللغة الرسمية للدولة، ولعل مقالة الزعيم الاستقلالي الراحل علال الفاسي المنشورة بمجلة "اللسان العربي" العدد الثالث سنة 1965 تحت عنوان "فعالية اللغة العربية"، تعبر عن هذا التوجه خير تعبير.

واليوم وبعد أن مرّت مياه غزيرة تحت الجسر المغربي، وانتقلنا إلى اعتراف دستوري يقرّ اللغة الأمازيغية لغة رسمية للبلاد بجانب اللغة العربية، نرى من اللازم إيراد الملاحظات التالية حتى نضع في الصورة بعض مواطنينا من الذين مازالوا يطرحون إشكاليات متقادمة:

أن الفاعلين المدنيين والسياسيين والحقوقيين الذين رفعوا المطالب الأمازيغية منذ عقود لم يعتبروا قط أنّ من أهدافهم أو مطالبهم أن يكون تولي المناصب العليا بالأصل والعرق والنسب، وإنما كانت مطالبهم مركزة حول فكرة المساواة ورفع الميز بجميع أنواعه.

أنّ السلطة كانت تختار لمناصب الحكم والترؤس من هو أكثر امتثالا لتوجهاتها وخدمة لها من كل الإثنيات والأعراق والأصول الأمازيغية أو الأندلسية أو العربية أو اليهودية أو الإفريقية، غير أن الجانب الثقافي كان يتمّ تدبيره وفق سياسة مرسومة سلفا تتحدد في الشعار العام الذي هو "العروبة و الإسلام"، وليس حسب أنساب الوزراء والمدراء والجنرالات، ولهذا كان الأندلسي يستطيع أن يخدم ثقافته العربية الإسلامية داخل دواليب الدولة بميزانية الشعب بينما لم يكن الأمازيغي يستطيع ذلك، لأنّ الغلبة للذي تنسجم ثقافته مع ثقافة الدولة المركزية، و لهذا فضّلت النخبة الإدارية الأمازيغية التي كانت انتهازية أن تندمج في الإختيارات الرسمية على الإنتحار والتعرض لانتقام "المخزن". هذا ما جعل تولّي الأمازيغ للمناصب العليا لا يغير شيئا من سياسة الدولة تجاه ثقافتهم و هويتهم.

وقد ظلت النخبة الثقافية الأمازيغية وحدها تحمل الخطاب المعارض لتوجهات السلطة في موضوع الهوية والتاريخ واللغة والثقافة، وهو إشكال جوهري ولم يكن مفتعلا أو مجرد قناع لطموحات سياسية كما يعتقد ذوو النظر السطحي. فإذا كان محمد أوفقير قد استطاع بلوغ قمة هرم السلطة فلأنه أظهر طوال الستينات براعة في التقتيل والفتك والتعذيب لصالح النظام و ليس لأصله البودنيبي، و إذا كان الوزير "العروبي" ادريس البصري قد استطاع بدوره أن يتربع على رأس "أم الوزارات" فلأنه أظهر حنكة نادرة في الولاء والتزوير وتولي الغسيل الوسخ للسلطة، وإذا كان "أهل فاس" أو من يسمّون كذلك قد تمكنوا قبل ذلك من الإستيلاء على معظم مناصب السلطة ومراكز النفوذ والثروة منذ بداية الستينات فلأنهم قرروا التحالف مع السلطة ضدّ المعارضة اليسارية في تمرير دستور 62 أصل الكثير من النكبات والمصائب.

أما فكرة التمازج العرقي فهي حقيقة لا تحتاج إلى بحث أنثروبولوجي لإثباتها، غير أنها غير قابلة للإستعمال ضدّ الحقوق الثقافية واللغوية أو ضدّ الخصوصيات التي هي أيضا حقائق دامغة، فإذا كنا قد تمازجنا فإنّ ذلك ليس دليلا على عروبتنا الخالصة أو أمازيغيتنا الخالصة، أو إسلامنا الذي لا تشوبه شائبة، و إنما ينبغي أن يصوغ التمازج وعينا بانتمائنا المتعدّد المستويات، بوصفه مرتكزا سوسيوثقافيا لسنّ سياسة عادلة في تدبير التنوع تدبيرا عقلانيا واستثمار الخصوصيات بوعي حداثي منفتح.

ينبغي الإنتباه إلى أن الخطاب الأمازيغي لا يطرح الإشكال العرقي أصلا عوض الاستمرار في اللجوء إلى ذرائع العرق والفتنة والتقسيم للتشكيك في مطالب عادلة.

إنّ المقارنة بين منطق البعض وما وصل إليه الفكر الحقوقي وطنيا وعالميا يظهر مقدار ما ينتظرنا من عمل حتى يفهم الناس معنى الديمقراطية، ومعنى أن تنتقل الأمازيغية من الهامش المنسي إلى مقام الترسيم، والسؤال المطروح هو كيف يمكن إقناع السلطة بإنجاح الانتقال الشامل نحو الديمقراطية، وبحسن تدبير التنوع، إذا كان سياسيون وجامعيون ومواطنون من خارج مواقع المسؤولية، والذين استفادوا من قدر من التعليم غير مقتنعين بالحلّ الديمقراطي، ويهدفون على عكس ذلك إلى الحفاظ على وضع غير عادل، وإنكار الحقائق وإخفاء الواقع ؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.