يمر حزب العدالة والتنمية من مرحلة دقيقة في تاريخه، والتي تؤكدها كثير من المؤشرات، ليس أولها سوى تأخر انعقاد اجتماعات الأمانة العاة للحزب. ففي الوقت الذي تميز فيه الحزب بوحدته التنظيمية، وقوة هياكله الحزبية، بدأ الوهن يصيب الحزب، سواء من حيث قلة اجتماعات الأمانة العامة للحزب، والتي كانت تنعقد في وقتها حتى في عز التوترات السياسية التي يعشيها الحزب، أو من حيث غياب البيانات والبلاغات الرسمية لاجتماعات الأمانة العامة. آخر اجتماع عقد في الأسبوع ما قبل الماضي، عرف مواجهة رمزية بين المصطفى الرميد وزير الدولة في حقوق الإنسان، وعبد الإله بنكيران الأمين العام للحزب، ففي الوقت الذي أصر الرميد على تضمين البيان الخاص بالاجتماع اتهامات بعض وزراء الحزب بالتخوين، في إشارة إلى ما اتهام بعض قادة الحزب بعض وزراء الحزب ب«الانقلاب» على شروط بنكيران، والذهاب بعيدا ودعم العثماني وتشكيل حكومته بسرعة فائقة، رد عبد الإله بنكيران الذي كان يعرف مقصد الرميد برفض الطلب، بل ورفض صياغة بلاغ اللقاء وإصداره. العارفون بالشؤون الداخلية لحزب يدركون جيدا أن الحزب يمر منذ تنحية بنكيران من رئاسة الحكومة من مرحلة دقيقة، ويضيف بعض هؤلاء أنه إذا استمرت هذه المرحلة لمدة أطول، فقد تلقي بظلالها على وحدة الحزب. وتتزامن هذه التطورات مع دعوات، وإن كانت محتشمة، لبعض القيادات بالتفكير في الخروج من الحكومة، خاصة مع التطورات الأخيرة التي عرفتها مدينة الحسيمة، وعودة الأمور إلى نقطة الصفر. لأول مرة في تاريخ الحزب تتعطل اجتماعات الأمانة العامة للحزب، وتتوارى بلاغات الأمانة العامة عن الأنظار، ويختفي الحزب في مشهد دقيق يتميز بتطورات اجتماعية وسياسية خطيرة في الريف، وما سيترتب عن كل هذا التوتر الكبير من محاكمة لا بد أنها ستكون أكثر من مثيرة. وتتزامن كل هذه التطورات مع مع الجفاء الذي تجدد بين سعد الدين العثماني وعبد الإله بنكيران، خاصة بعد أن رفض الثاني تعليمات الأول بحضور وزراء الحزب في مناظرة طنجة، ففي الوقت الذي طالب العثماني بصفته رئيسا للحكومة من الوزراء حضور مناظرة طنجة لحل مشاكل الريف الملتهبة، رفض بنكيران الطلب بصفته الأمين العام للجزبو في سياق الحرب السياسية بين حزب العدالة والتنمية وحزب الأصالة والمعاصرة.