امرأة تحاكم بسبب طبعها قبلة طويلة على لوحة ومذيعة مغربية تتهم بنفس "الجريمة" من بين القضايا المضحكة التي ستشهدها المحاكم الفرنسية في هذا الشهر واحدة تتعلق بجريمة طبع قبلة ساخنة على خد لوحة لرسام أمريكي كانت تقبع بمتحف الفن المعاصر في أفينيون، حيث قامت امرأة من كمبوديا، تمارس الفن التشكيلي بدورها، بزيارة لهذا المعرض، حاملة معها أداة جريمة هي أحمر الشفاه الموجود على شفتيها، ولانبهارها بجمال اللوحة، لم تشعر بنفسها إلا وهي واقعة في حبها، كما لو أن قوة مغناطيسية كانت تدفعها رغما عنها إلى ارتكاب هذا الفعل. إلى حد الساعة تبدو هذه القبلة بريئة، إلا أن ما جعلها جريمة شنعاء هو ثمن اللوحة الذي يقدر بمليوني دولار، فبمجرد علم المسؤولين بما حصل، وبرؤيتهم لبقعة أحمر الشفاه التي لطخت هذا العمل الفني، سارعوا إلى القبض عليها وإحضار الشرطة التي وضعتها تحت الحراسة النظرية. وأمام هذه الورطة، قالت العاشقة الولهانة إن الفنان الأمريكي ترك من أجلها بياضا في اللوحة كي تملأه بنفسها، وأن ما فعلته أضفى جمالا إضافيا عليها، كأنها ساهمت في إكمال رسم ناقص، كان يحتاج إلى مزيد من الحب كي يبدو أروع وأبهى، مضيفة أن ما أقدمت عليه هو من وحي آلهة الإغريق الذين تتوزع صورهم على جدران المتحف، وأن تلك البقعة الحمراء على الزبد الأبيض هي تجسيد للحظة قوة الفن. إلا أن مسؤولي المتحف لم يوافقوها على هذا الرأي، ووجهوا إليها مجموعة تهم أرغمتها على قضاء ليلة في الزنزانة، معتبرين قبلتها بمثابة جريمة تخريب عمل فني، وأن أحمر الشفاه هو أعتى وأفتك الأسلحة التي يمكن استعمالها لخوض حرب ضد لوحة غالية الثمن، حيث صرح أحد المسؤولين بأن الماكياج هو السلاح الأكثر فتكا بسبب تركيبته الكيماوية من الصباغة والمواد الدهنية. وفي علاقة دائما بمشاكل القبل، فقد نشرت «المساء» خبرا عن لقطة قبلة مغرضة الهدف منها التأثير على المذيعة مريم سعيد، في ما يشبه حربا قذرة، وكما جاء في المقال فإن «جهات معينة عملت على نشر لقطة لتحية عادية كان أحد المشاركين في البرنامج يحاول أن يتبادلها مع مقدمة «استوديو دوزيم». هكذا، تحول هذا السلوك العاطفي الجميل والخاص بالإنسان إلى جريمة يمكن أن تقود إلى ردهات المحاكم أو يستعمل للتأثير على مسار مذيعة، وأصبح بمثابة سلاح محظور يحتوي على مواد كيماوية، ويمكن أن تنشأ من أجله وكالة دولية للحد من انتشاره برئيس يحمل اسم البرادعي أو غيره. لقد كتب الشعراء كثيرا عن القبل التي يسرقونها أو ينالونها برضى الحبيبة، كما تغنوا بحلاوة شهد الرضاب، أما نزار قباني فتحدث عن قبلة دام عطرها عامين وظل خلالها يجري على شفتيه، سائلا تلك المرأة إذا ما كانت أفرغت في ثغره الجحيم «وهل من الهوى أن تكوني محرقتي»، لكن من يصدق الشعراء، فهم يبالغون كثيرا، ويكذبون دون أن يرف لهم جفن، فأن يدوم عطر شفة امرأة كل هذه المدة الزمنية، يلزمها أن تشرب لترات من عطر «شانيل» وتستحم بحاويات من مزيج «باكو ربان» و«إيف سان لوران»، ورغم ذلك فالشعراء يقولون كلاما يعجب الناس، ويتحول إلى أغان يرددها الجميع، مع أنها مليئة بالخيال الذي يتجاوز الحدود. وحده مصطفى المنصوري، الرئيس الجديد للتجمع الوطني للأحرار، لا يبدو أنه يخشى من عواقب القبل، كما أنه لا يعبأ بما يمكنها أن تتسبب فيه من مشاكل في الانتخابات المقبلة، لأنه قام بتوزيعها بسخاء منقطع النظير على جميع أعضاء الحزب وقيادييه خلال لقاء نظم مؤخرا بأحد الفنادق الفاخرة بالبيضاء، وربما لم يكن يعلم أن ما يقال عن القبلة القاتلة ليس مجرد إشاعة، بل يمكن أن تصيب في مقتل، خاصة إذا التقت الشفتان، والكل يتذكر الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الذي كان يهرب شفتيه إلى أعلى قليلا ويقبل الأنف بدل الفم، حتى لا يتعرض لمغبة المحاكمة، لقد كان داهية حقا، رحمه الله. عن المساء