عادت التصريحات المتبادلة بين عبد الإله بنكيران وإلياس العماري لتطفو على سطح النقاشات السياسية من جديد، واقترنت هذه المرة بخارطة التحالفات الحزبية لكل من العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة. الأمين العام ل"المصباح" تحدث في معرض تقديمه البرنامج الانتخابي لحزبه، بالواضح، عن عدم التحالف مع الأصالة والمعاصرة، مؤكدا أنه "لا يمكن أن تضمه حكومة واحدة مع الأصالة والمعاصرة، على اعتبار أن الأخير لم يقصر في الإساءة والإرباك وإفزاع المواطنين والطبقة السياسية والاقتصادية"، على حد قوله. وتحدث بنكيران عن اللحظة السياسية الحالية، وأوضح أن هناك توافقا، وبالإجماع، داخل حزبه، على عدم التحالف مع "البام"، مردفا: "والله أعلم"، قبل أن يستطرد: "إلا بغاو المغاربة إعطيوهم الحكومة حنا نمشيو للمعارضة". المسافة نفسها تقريبا اختارها إلياس العماري، الأمين العام للأصالة والمعاصرة، من "البيجيدي"، إذ أوضح خلال حلوله ضيفا على برنامج "موعد مع الانتخابات"، الذي يذاع على القناة الثانية، أنه "لو تصدر العدالة والتنمية الانتخابات فلن يتم التحالف معه نهائيا"، وزاد: "لا يمكن انتقاد حصيلتهم بشكل مستمر، وانتقاد مشروعهم المجتمعي الذي نختلف معه إلى حد التناقض، ونكون معهم في الحكومة". العماري، الذي سبق أن قال في أحد أشهر تصريحاته، مباشرة بعد تعينه أمينا عاما للأصالة والمعاصرة، إنه جاء لمحاربة الإسلاميين، أضاف خلال استضافته أنه يستبعد كذلك لو تصدر حزبه الانتخابات أن يتراجع "البيجيدي" عن قناعاته من أجل التحالف مع "البام". ورغم أن الحديث عن التحالفات لا يستقيم عادة إلا بعد كشف نتائج صناديق الاقتراع، إلا أن حدة الصراع السياسي بين "الجرار" و"المصباح" جعلتهما في كل مرة على طرفي النقيض في المشهد السياسي المغربي، ما يعطي صورة بأن الرهان سيكون بالأساس على الأحزاب "الصغرى"، أو الأقل تمثيلية، لإيجاد ائتلاف حكومي لا يضم قطبي النزاع "الإسلامي- الحداثي". مستقبل التحالفات ومدى التزام كل من "البام" و"البيجيدي" ب"اللاتحالف" بينهما، يتوقف بالأساس، حسب عبد القادر الزاوي، الباحث السياسي، على الخريطة البرلمانية التي ستنتجها الانتخابات، "رغم أنه يتبين أنها ستكون "مبلقنة" أكثر بعد تخفيض العتبة من 6 إلى 3 بالمائة، في وقت كان ينبغي الرفع منها إلى 10 في المائة على الأقل لمصلحة الديمقراطية ولتحمل المسؤولية، كما ينبغي للقضاء على البلقنة السياسية الموجودة"، حسب تعبيره، وزاد مستدركا: "لكن مع الأسف سيتم تشتيت الأصوات بشكل أكبر، وسيضطر الحزب المتصدر للانتخابات إلى تكوين تحالف هجين قريب من التحالف الحالي الذي افتقد للمبدأ في الحياة السياسية". وعاد الزاوي، في حديثه لهسبريس، إلى العلاقة بين "البام" و"البيجيدي"، قائلا: "لو تحالفا فلنقرأ على السياسة السلام بالمغرب"، وزاد: "رغم أن المستحيل لا وجود له في السياسة، إلا أن تحالفهما سينزع عنهما الشيء القليل الذي بقي من المصداقية، وسيزداد العزوف السياسي..". "ورغم أنه من الناحية المبدئية لا شيء يمنعهما من التحالف، خاصة أنهما تحالفا في عدة جهات"، يضيف المتحدث نفسه، الذي اعتبر أن "السياسية فن الممكن"؛ "لكن لا يجب أن يكون هذا الممكن ضحكا على الذقون"، حسب تعبيره. وخلص المتحدث نفسه إلى أن التحالف بين العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة في الحكومة المقبلة إن تم فأنه يقتضي على الأقل ألا يكون على رأسها عبد الإله بنكيران أو إلياس العماري.