تستعد الأحزاب السياسية المغربية لعقد مؤتمراتها الوطنية خلال الفترة الممتدة ما بين شهر مارس المقبل كما الشأن بالنسبة إلى حزب الاستقلال، وبين شهر ماي من السنة الجارية بالنسبة إلى حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وكذا خلال يونيو أو يوليوز بالنسبة إلى حزب العدالة والتنمية. ويكاد يكون هناك إجماع على أن القاسم المشترك بين قادة هذه الأحزاب هو وجود زعامات توصف بالشعبوية؛ وفي مقدمتها عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب المصباح، وحميد شباط، الأمين العام لحزب الميزان، وإدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الوردة. وإذا كان حزب العدالة والتنمية سينهي ولاية أمينه العام بنكيران بحكم ما تنص عليه القوانين الداخلية للحزب، لكونه قاد التنظيم لولايتين، فإن الحديث عن تغيير القيادة يطرح بإلحاح على مستوى حزب الاستقلال، بسبب المشاكل التنظيمية التي يعرفها، ومطالب قيادات تاريخية بمغادرة شباط، والتراجع الكبير الذي عاشه الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية على مستوى أدائه الانتخابي؛ وهو ما جعل رأس لشكر مطلوبا أكثر من أي وقت مضى. الدكتور عثمان زياني، الباحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري، سجل، في تصريح لهسبريس، "أن القطع مع الشعبوية غير ممكن في الوقت الراهن، بالنظر إلى المكاسب التي تحققها على المستوى السياسي والحزبي"، مستدلا على ذلك بما حققته شعبوية بنكيران من مكاسب انتخابية لحزب العدالة والتنمية، لكونها "تتشكل من نسق خطابي قادر على تجييش وحشد الجماهير الحزبية وأيضا كسب المتعاطفين". واستبعد زياني أن تقطع المؤتمرات الحزبية مع هذه الظاهرة الشعبوية، بالنظر إلى كونها غير مكلفة بالنسبة إلى الحزب وإلى الزعامة الكاريزماتية، مبرزا أنها يمكن أن تشكل خطرا على البناء المؤسساتي، وعلى الديمقراطية في حد ذاتها ما دام أن الهدف الأساسي من النزعة الشعبوية هو المغالطة والمشاغلة والتحايل والمراوغة والديماغوجية وممارسة التضليل السياسي في أبهى صوره. وفي هذا الصدد، أكد الباحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري أن خطاب بنكيران مثلا هدفه إحداث نوع من "التماهي الحزبي" الذي يركز على الارتباط العاطفي والوجداني أكثر، مبرزا "أن الشعبوية كنوع من الإيديولوجيا والديماغوجيا تعتمد بالأساس على خطاب "النحن" و"الهم"، ودائما ما ينظر إلى الآخر / الخصم السياسي باعتباره مصدر الخطر وكل الشرور بينما تشكل الأنا الحزبية مصدر النقاء والصفاء والطهرانية". وأكد المتحدث أن الزعامة الشعبوية أضحت تشكل البديل ليس فقط في المغرب وإنما أيضا على مستوى العديد من الديمقراطيات الغربية، مرجعا ذلك إلى "عسر الحال وإكراهات الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي". "تقوم الشعبوية بدغدغة مشاعر الناس، وعواطفهم وخلق نموذج "الزعيم الملهم، المنتظر والمنقذ"، وبالتالي فالأحزاب السياسية المغربية وعت جيدا مكاسب توظيف هذه الإستراتيجية الخطابية الشعبوية"، يقول زياني الذي أوضح أن "هذا الخطاب يأتي في ظل غياب الحلول والبدائل والمنجز السياسي على مستوى أرض الواقع وغدت تستثمرها بشكل جيد وفعال من أجل كسب التأييد والقبول". وشدد المتحدث نفسه على أن الزمن السياسي المغربي هو زمن الشعبويين بامتياز لتضمنه كل من بنكيران عن حزب العدالة والتنمية، وحميد شباط عن حزب الاستقلال، ولشكر عن حزب الاتحاد الاشتراكي، وإلياس العماري عن حزب الأصالة والمعاصرة. واعتبر الباحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري أن هذه النزعة الشعبوية أصبحت محط الطلب الحزبي والاجتماعي على حد؛ وذلك سواء ب"نتيجة ضيق الأفق وتعقد المشاكل، وإحلال محلها مقومات النزعة الشعبوية القائمة على السخرية والكوميديا والعنف اللفظي والبكاء وكثرة الصراخ وكثرة الاستعارات والمجاز وتستهدف الفئات الفقيرة والمهمشة أكثر"، وفق تعبير الدكتور عثمان زياني.