استعاد النص الدستوري توهجه وتألقه في سماء الحقوق والحريات، كما أعاد للثقافة مكانتها، فتحول الشارع العام إلى فضاء للممارسة الفنية، ومناقشة عدد من القضايا التي تصنف ضمن خانة "الطابوهات". بعد ست سنوات على إقرار الوثيقة الدستورية، يطرح السؤال "إلى أي حد انعكست الحرية على الممارسة الفنية الإبداعية؟ وهل تحرر الفن من القيود المفروضة عليه؟. جيوش الأحزاب تُحرض الممثل المغربي محمد الشوبي أبرز أن الوثيقة الدستورية جاءت جد متقدمة في طرحها للمسألة الثقافية والحريات العامة، مستطرداً: "تطبيق المضامين الدستورية كان يتطلب شجاعة سياسية من طرف الحكومة السّابقة التي ترأسها عبد الإله بنكيران، من أجل وضع آليات لتطبيق ما جاء به الدستور وتفعيله، ووضع حد فاصل بين ما هو قانوني وإجرائي، ما لم يتم على أرض الواقع". واعتبر الفنان المغربي، في تصريح لهسبريس، أن القائمين على الشأن الثقافي والفني يضعون "التفاهة" في مقدمة أولوياتهم، ويستثنون النخبة المثقفة من كل المجالس والمؤسسات. واضاف المتحدث "الغريب في الأمر أن حرية التعبير في الممارسة الفنية لم تعد تجد تضييقاً من طرف رجال السلطة، بل من طرف بعض الجيوش الإلكترونية التابعة لبعض الأحزاب السياسية، التي تحكم على "فساد" بعض الأعمال الفنية، لأنها لا تمثل فكرها المُتزمت". "طابوهات" في الفضاء العام أما محمد الحسّوني، مدير الجمعية الثقافية للمسرح الرحال، فأبرز أن فنون الشارع عرفت تقدما كبيراً بعد التنصيص على مبدأ الحريات في الوثيقة الدستورية، إذ تحول الشارع العام إلى فضاء لمناقشة عدد من "الطابوهات" التي كانت في الأمس القريب ممنوعة من النقاش. وأردف: "المواضيع التي تطرقنا إليها في عروض المسرح الرحال، كالعلاقات الجنسية بين الزوجين، والاغتصاب، لم نستطع عرضها في دول أوروبية حداثية"، مشيراً إلى أن الفرنسيين تفاجؤوا بكيفية التعاطي مع مضامين مسرحية "تقرقيب الناب" في بلد إسلامي. مقابل ذلك، يسترسل الحسُّوني: "الفضاء العام لازال ينظر إلى المرأة بتلك النظرة التقليدية التي لا تستطيع الانسلاخ من ثقافة "الجلابة"..عروض السرك التي نقدمها تتطلب لباساً خاصاً وإلا تكون الفنانة عرضة للحوادث، لكن الثقافة المغربية التقليدية لازالت لا تتقبلها بهذا الشكل". الفن قاطرة التنمية من جهته، دعا الكوميدي الشاب محمد باسو إلى جعل الثقافة والفن قاطرة للتنمية بتنسيق مع البحث العلمي من أجل خدمة الهوية المغربية، وتساءل: "هل ما نشاهده من مسلسلات تركية ومكسيكية يعكس هويتنا المغربية؟". وأضاف الكوميدي ذاته أن الجيل السابق من الكوميديين كان أكثر جرأة في طرح مواضيع سياسية في العروض الكوميدية، عكس جيل الشباب الذي اختار التفاعل مع "الطابوهات" والمواضيع الاجتماعية التي تؤرق بال المواطن المغربي. وختم باسو حديثه قائلا: "صعب جداً الحديث اليوم عن مواضيع سياسية ضمن عروض ستاند آب، باعتبار أن البلد يعيش تحولاً سياسيا في كل الواجهات..عند انتقادك للسياسة التعليمية تفهم أنك ضد شخصٍ أو حزبٍ معين، والعكس صحيح".