يعتبر كورنيش عين الذئاب في العاصمة الاقتصادية الدارالبيضاء بمثابة الرئة الطبيعية الوحيدة التي مازال يتنفس منها أكبر تجمع سكني بتراب المملكة. ففي صبيحة كل يوم الأحد يتدفق الآلاف من المواطنين إلى الكورنيش، وخاصة من ساكنة المدينة، للترويح عن النفس، أو القيام ببعض التمارين الرياضية أو الجلوس بجنبات مختلف المقاهي والمطاعم للتمتع بجمال البحر وزرقة السماء في فصل الصيف، وتأمل تسابق الأمواج وضبابية السماء في فصلي الخريف والشتاء. وهكذا تستغل ساكنة هذه المدينة نهاية الأسبوع للتخلص من التوتر النفسي وروتين العمل وضوضاء التنقل، وكذا اصطحاب الأطفال للعب في هذا الفضاء الممتد بعيدا عن إسمنت الإقامات السكنية وصخب الأحياء الشعبية. غير أنه كثيرا ما تصدم هذه الساكنة بعرقلة لأنشطتها الترفيهية وهي تصطدم بتنظيم مجموعة من التظاهرات الرياضية التي أصبح تنظيمها في نهايات الأسبوع تقليدا متواترا تحول مع مرور الوقت إلى عادة مرسخة ومزعجة. فقد لوحظ في السنوات الأخيرة تكالب مجموعة من الجمعيات والنوادي، بدعم من جهات رسمية مركزية ومحلية، وباحتضان من طرف شركات خاصة، على تنظيم تظاهرات رياضية، من مارتونات ونصف المارتون، إلى تظاهرات نسائية، أو طبية أو رياضية عادة ما تختار صبيحة يوم الأحد كتوقيت لها؛ وبالتالي عادة ما يتم إغلاق الطرق المؤدية إلى الكورنيش، وإقفال مختلف جهات ومداخل هذا الفضاء الطبيعي، ما يسبب الكثير من الإزعاج لزوار الكورنيش الذين لا يتم إبلاغهم بتوقيت انعقاد هذه التظاهرات. وهكذا يضطر هؤلاء الزوار، خاصة من سائقي السيارات الخاصة، أو سائقي سيارات الأجرة الصغيرة أو بعض سيارات الأجرة الكبيرة الذين يقلون عادة سياحا أجانب أو محليين، يرغبون في اقتناص بعض الوقت للترويح والترفيه، إلى التوقف أمام إشارات المرور لساعات طويلة أمام مداخل الكورنيش، حيث يقوم رجال الشرطة المكلفون بتنظيم المرور بالإغلاق المؤقت للمسالك الطرقية، ويطلبون منهم الرجوع من حيث أتوا، أو التوقف أمام إشارات المرور لساعات تطول أو تقصر حسب توقيت زمن التظاهرة. ولعل هذا التوقف غير المتوقع، أو تحويل المسار، عادة ما يربك حركة السير، ويغضب الزوار الذين يحسون بعدم الاحترام والاستصغار، نظرا لأن السلطات المحلية لا تكلف نفسها عناء إخبار الساكنة المحلية بمختلف وسائل الاتصال بتوقيت تنظيم أي تظاهرة رياضية، ما يؤدي إلى ضياع الكثير من وقت عطلتها الأسبوعية وإخضاعها لانتظار مثير للأعصاب، وإحساس بالغبن والصغار. الكثير من رواد كورنيش عين الذئاب عادة ما يتساءلون لماذا يتم بالضبط وعن سابق إصرار اختيار الكورنيش كفضاء لتنظيم مثل هذه التظاهرات في مدينة كبرى كالدارالبيضاء، تتوفر على مجموعة من الفضاءات الصالحة لمثل هذه التظاهرات، كغابة بوسكورة على سبيل المثال، أو فضاءات أخرى تتواجد بمحيط المدينة، كدار بوعزة ، أو عين السبع، أو فضاء زناتة، ولما لا المحمدية أو بن سليمان... ولماذا يتم بالضبط وعن سابق إصرار تنظيم هذه التظاهرات في توقيت عادة ما يكون التوقيت المفضل لنزهة واستجمام وقيام الساكنة من رواد الكورنيش بتمارينهم الرياضية؟ وما المانع من تنظيم هذه التظاهرات في أوقات مختلفة من أيام الأسبوع كيوم الاثنين أو يوم الخميس على سبيل المثال، وفي توقيت مبكر يكون ما بين الخامسة والنصف أو السادسة صباحا إلى حدود الثامنة أو التاسعة صباحا؟ أما اختيار صبيحة يوم الأحد، وانطلاق التظاهرات في وقت تكون فيه الشمس قد بزغت وحرارتها قد ارتفعت فهذا يدل على سوء في الاختيار سواء بالنسبة للمشاركين الذين يكونون عادة من الهواة وغير المتمرسين على الجري لمسافات طويلة ونصف طويلة، ما يصيب أغلبهم أو معظمهن بالإجهاد، أو بالنسبة لرواد الكورنيش الذين يتضررون من هذا الاحتلال المفاجئ لفضائهم ويحسون بأن وقتا من عطلتهم الأسبوعية قد ذهب أدراج الرياح، خاصة أولئك الذين يحبون ممارسة تمارينهم الرياضية أو التنزه قبيل بزوغ الشمس وارتفاع درجة الحرارة، مع اشتداد الازدحام داخل هذا الفضاء. ولعل هذا الإحساس بالسخط عادة ما يجعل رواد هذا الفضاء ينظرون إلى هذه التظاهرات بنوع من الريبة، وإلى منظميها على أنهم فقط يبحثون عن التمظهر المجاني والكسب التجاري، وإلى الشركات المحتضنة لهذه التظاهرات بأن همها هو البحث عن التسويق الإشهاري لمنتجاتها، أضف إلى ذلك ما يلقيه المشاركون في هذه التظاهرات من قنينات فارغة على جنبات هذا الفضاء. وبالتالي فبدل أن تساهم هذه التظاهرات الرياضية في تنشيط وإضفاء الحيوية على هذا الفضاء تتحول بسبب سوء اختيار التوقيت المناسب، وغياب التنسيق بين الجهات المنظمة، وسوء التغطية التواصلية والإعلامية إلى كرنفال رياضي مزعج لراحة الرواد، بسبب استعمال الموسيقى الصاخبة، واستخدام الميكروفون، وعرقلة السير ووقف الحركة. وبالتالي، فقد حان الوقت لمنظمي هذه التظاهرات، من سلطات محلية، وعلى رأسها ولايتا الدارالبيضاء سواء الترابية أو الأمنية، والشركات المحتضنة، والجمعيات والنوادي الرياضية، التفكير في الاختيار المناسب لتنظيم مثل هذه التظاهرات دون الإضرار بالساكنة البيضاوية التي ليس لها من متنفس طبيعي سوى هذا الكورنيش. ويمكن على سبيل المثال: -التفكير في تنظيم هذه التظاهرات الرياضية في فضاءات أخرى من العاصمة الاقتصادية كغابتي بوسكورة أو بن سليمان أو فضائي عين السبع أو سيدي رحال...في حين تتكلف وسائل الإعلام بتغطية واسعة لهذه التظاهرات، ما ستستفيد منه الجمعيات المنظمة والشركات المحتضنة على المستوى المحلي والوطني. - اختيار توقيت مناسب لتنظيم هذه التظاهرات، كاختيار توقيت مبكر، ما بين الخامسة أو السادسة صباحا، لتنتهي في حدود الثامنة أو التاسعة، ما سيسمح بعدم عرقلة الأنشطة المعتادة لتنزه وترفيه ورياضة أغلب رواد فضاء الكورنيش. - ضرورة قيام السلطات المحلية والجهات المنظمة لهذه التظاهرات بإعلان توقيتها بفترة كافية تحدد في أسبوع على الأقل، والإعلام بذلك بمختلف وسائل الاتصال من قنوات تلفزية وإذاعات محلية، خاصة أن أغلبها يتواجد بمدينة الدارالبيضاء. - ضرورة أن تقوم الجهات المنظمة بتوزيع ملصقات وإعلانات بمختلف مداخل الكورنيش، وكذا استخدام سيارات تطوف بشارع الكورنيش لإعلام رواد هذا الفضاء بتوقيت تنظيم هذه التظاهرات والتذكير بذلك.