اعتبر محمد دعيدعة، المستشار البرلماني السابق، أن رفع حكومة سعد الدين العثماني الضريبة على السجائر في مشروع قانون مالية 2019 ضرب للقدرة الشرائية، مؤكداً أنه على الرغم من مضار التدخين فإن المغاربة يقبلون عليه بشكل كبير. وأضاف دعيدعة، في حوار مع هسبريس حول مشروع قانون مالية 2019، أن رئيس الحكومة سعد الدين العثماني لا يحكم ولا يقدر على تطبيق قرار بسيط على موظف في الإدارة المغربية، مشيرا إلى أن الوضع في المغرب بعد سبع سنوات من دستور 2011 أصبح متردياً. ويرى دعيدعة، الذي كان يشغل الرأي السياسي بتصريحاته المثيرة للجدل في البرلمان، خصوصاً خلال الجلسات العمومية، والذي توارى عن الأضواء وبات يظهر لماماً في أنشطة النقابة الوطنية الديمقراطية للمالية، التي أصبحت مؤخرا تابعة للاتحاد المغربي للشغل، أن مقتضيات مشروع قانون مالية 2019 ترتكز على مجموعة من الأولويات، تتجلى في تعزيز السياسات الاجتماعية، ومواصلة الأوراش الكبرى والاستراتيجية القطاعية لتوفير إقلاع اقتصادي، ودعم الاستثمار الخاص، إضافة إلى تضمينه مجموعة من الإجراءات على المستوى الجبائي لتعزيز موارد الدولة. وأبرز هذه الإجراءات، يوضح دعيدعة، الرفع من الجباية المفروضة على السجائر، حيث قال: "صحيح أننا ضد التدخين، لكن المغاربة يدخنون، والرفع من الضريبة على هذه المادة يمس بقدرتهم الشرائية". وأقر مشروع قانون مالية 2019 مراجعة جدول الضريبة على الشركات، وإحداث ضريبة تضامنية ستطبق بسعر نسبي من 2.5 في المائة على الشركات، التي تحقق أرباحاً أكثر من 50 مليون درهم، إضافة إلى إعفاء الأجر والتعويضات الممنوحة للمجندين في الخدمة العسكرية من الضريبة. كما نص مشروع القانون، حسب دعيدعة، على إعفاء رصيد الوفاة الممنوح لذوي حقوق الموظفين المدنيين والعسكريين والأعوان التابعين للدولة والجماعات الترابية من الضريبة، وتغيير نظام فرض الضريبة عل الدخل برسم الدخول العقارية، ولأول مرة سيتم إحداث حجز في المنبع بسعر إبرائي 15 في المائة. وسيطبق ابتداءً من سنة 2019 الحد الأدنى المحدد في 3 في المائة على ثمن تفويت أي عقار أو جزء منه يكون مالكه يشغله كسكن رئيسي عندما يتجاوز تفويت ثمنه مليون درهم، إضافة إلى إلغاء الديون غير المستخلصة والمتعلقة بالقروض الممنوحة للمقاولين الشباب من طرف الدولة. ويرى دعيدعة أن الحكومة فشلت في التحكم في العجز والمديونية، وربط ذلك بفشل السياسة الاقتصادية للدولة، ووصول النموذج التنموي إلى مداه. وأضاف: "للأسف، لتغطية عجز الدولة يتم اللجوء إلى الاستدانة حتى وصلت مستويات قياسية: 75.1 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وهذا قابل للارتفاع سنتي 2018 و2019". كما نبه الكاتب العام للنقابة الوطنية الديمقراطية للمالية إلى حجم التحملات الخاصة بالدين، والتي ستصل، حسبه، إلى حوالي 28 مليار درهم سنة 2019، مشيراً إلى أن هذه المديونية تهم عدداً من المؤسسات والمقاولات الكبرى، منها المجمع الشريف للفوسفاط ب 46.26 مليار درهم، والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح ب58.23 مليار درهم، والطرق السيارة ب 38.42 مليار درهم، والسكك الحديدية ب 34.42 مليار درهم. ويثير هذا الوضع، في نظر دعيدعة، التساؤل حول قيام هذه المؤسسات باستثمارات كبيرة ومدى جدوى ونجاعة تلك الاستثمارات. ويضيف قائلاً: "هل كنا حقيقة بحاجة إلى "التيجيفي". أنا أعتبره صفقة فاشلة لأنها لم تكن بهدف اقتصادي، وإنما بهدف سياسي لحل مشكلة أزمة شركة فرنسية". وبخصوص السؤال حول: كيف يمكن زيادة موارد الدولة؟ يجيب دعيدعة أن الدستور يتحدث عن أن الجميع يجب أن يتحمل بصفة تضامنية الوسائل التي تتطلبها تنمية البلاد، قبل أن يضيف أن عدداً من الأفراد لا يساهمون بالشكل الواجب في المجهود التنموي للبلاد، مشيرا إلى أن هناك حاجة إلى توسيع الوعاء الضريبي ليشمل بشكل واضح عدداً من المهن. ويرى دعيدعة أن الأطباء والمحامين والمهندسين، مثلا، لا يساهمون بالشكل المطلوب في تحمل تكاليف الدولة، حيث يقول: "أكثر من 60 في المائة من الأطباء البالغ عددهم أكثر من 15 ألفا يؤدون ضريبة على الدخل لا تتجاوز 10 آلاف درهم، في الوقت الذي يؤدي المأجورون والطبقة العاملة أكثر من 70 في المائة من مداخيل الضريبة على الدخل لأن الاقتطاع يكون من المنبع". وفي تقييمه للوضع بالمغرب بعد مرور سبع سنوات على اعتماد الدستور، قال دعيدعة: "خرجنا من سلطوية قديمة إلى سلطوية جديدة، والأوضاع على المستويات السياسية والاقتصادية في تردٍّ لأن هناك تحكماً وإضعافاً في كل مؤسسات الوساطة، من أحزاب ونقابات وجمعيات، إضافة إلى تردي حرية الرأي والتعبير والحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالنسبة إلى عموم الشغيلة والمأجورين". ويؤكد دعيدعة أن المغرب بحاجة إلى رجة سياسية، وإلا "سنكون أمام انتخابات بدون ناخبين في ظل الارتفاع المستمر للعزوف وتعاظم مستويات الهجرة في صفوف الشباب بشكل كبير"، وفق تعبيره.