أصبح الاحتفال بليلة رأس السنة الميلادية عادة مقدسة، تواظب شريحة عريضة من المغاربة على إحيائها كل موسم، بطرق تختلف باختلاف الفئات الاجتماعية والإمكانيات المالية، إذ تمتلئ الملاهي عن آخرها، لاسيما بمنطقة "عين الذياب" التي تعج بالزبناء وهم في حالة سكر طافح، وإن كانت فئة حريصة على الاحتفال رفقة الأسرة. رغم أن الساعة لم تتجاوز الثامنة مساء، إلا أن بعض الحانات والملاهي الليلية وسط مدينة الدارالبيضاء كانت تشهد حركة غير اعتيادية بخلاف العادة، إذ بدأت أعداد الزبناء تتضاعف كلما تحركت عقارب الساعة إلى الأمام؛ لكن الاحتفالات الصاخبة لا تخلو دائما من المناوشات الكلامية والشجارات بين روّادها، ما يُنغص الفرحة على الآخرين. الفنادق والمطاعم لم تخلف الموعد السنوي شرعت مختلف فنادق ومطاعم العاصمة الاقتصادية، قبل أسابيع من حلول السنة الميلادية، التي يكثر على أعتابها الرواج التجاري، في اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة والترتيبات التنظيمية من أجل استقبال الزبناء، لأنها تسعى إلى إرضاء ضيوفها طيلة وجودهم، وذلك بتوفير عروض استثنائية تخصّ هذه المناسبة، وإمتاعهم بسهرات فنية وحفلات موسيقية طيلة الليلة. وزيّنت أغلب المحلات التجارية واجهاتها ومداخلها بشجيرات أعياد الميلاد، وجددت المنتجات التي تعرضها للبيع. كما أُضيئت خلال الأيام الأخيرة مصابيح بأضواء حمراء وزرقاء وخضراء على أسطح الفنادق والنوادي الليلية... يُخيّل للقارئ أن المشهد من بلدة أوربية أو أمريكية، لكنها ليست سوى مدينة الدارالبيضاء التي ارتدت حلّة الأعياد. بيع الخمور..تجارة مُربحة ومخاطر كثيرة تحتفل الفئات الاجتماعية ذات الدخل المحدود بهذه المناسبة على طريقتها الخاصة، إذ تعمد إلى اقتناء ما يلزمها من مشروبات كحولية من محلات بيع الخمور، التي تشهد انتعاشا تجاريا يختلف تماما عن بقية أيام السنة. وعاينت جريدة هسبريس الإلكترونية تزايد الإقبال على هذه المتاجر طيلة عشية أمس الإثنين في العديد من شوارع العاصمة الاقتصادية. وتسبّب الإقبال الشديد على هذه المحلات في حدوث فوضى كبيرة، إذ لوحظت طوابير طويلة من الزبناء طيلة ساعات قبل حلول ليلة "البوناني". فئات عمرية مختلفة تتهافت على اقتناء مختلف أنواع المشروبات الكحولية، إلى درجة أن الحمولة الكبيرة التي يود بعض الزبناء اقتناءها دفعتهم إلى إحضار أكياس بلاستيكية سوداء لحملها. سألت هسبريس صاحب متجر للخمور يقع في حي شعبي قرب ساحة الأممالمتحدة، المعروفة لدى الساكنة ب"ساحة ماريشال"، عن طبيعة الرواج التجاري، فأجاب بصوت خافت بأن الإقبال تزايد بكثرة زوال أمس الإثنين، لاسيما في صفوف فئة الشباب، لكنه لم يخف استياءه من الفوضى التي طبعت طابور الانتظار، نتيجة نشوب بعض الملاسنات. الملاهي الليلية..ليلة صاخبة الساعة تشير إلى العاشرة ليلا، المكان مركز الدارالبيضاء..عشرات الأشخاص يُطلقون منبهات السيارات، أملا في أن تفسح أمامهم الطريق، بفعل سرب السيارات الذي يتدفق من الأحياء المجاورة صوب قلب العاصمة، ما ساهم في الاكتظاظ المروري. "كولشي سكْران. الصْداع والمْدابْزَة"، يقول شاب عشريني، ممسكا سيجارة رخيصة في يده اليمنى، متسائلا عن أسباب هذا "التحول غير المفهوم" في سلوك المغاربة.. يتريث قليلا للتخفيف من حدة لغته ويواصل: "الاحتفالات باتت تقض مضجع الشرطة بالمغرب، بفعل الانفلات الأمني الذي تشهده بعض الحانات، دون إغفال التهديدات الإرهابية المحتملة في أي وقت". الاحتفال داخل نطاق الأسرة عند شريحة معينة من المجتمع واقعي وله براهينه التي لا تحتاج إلى تعمق كبير في حجم الحوادث الكبيرة التي تقع خلال ليلة "البوناني"، حتى يركن أصحابه مطمئنين إلى قناعة تبرر لهم النفور من الحانات والملاهي، خصوصا داخل "المدينة الغول" التي تشهد استنفارا أمنيا طيلة هذه الأيام. الحماية الأمنية..تشديد الإجراءات إجراءات أمنية مشددة ووجود مكثف لعناصر الشرطة في مختلف شوارع وأحياء العاصمة الاقتصادية، في إطار الإستراتيجية الوقائية التي ترافق الاحتفالات خلال رأس السنة. لكن رغم ذلك لا تخلو بعض المناطق؛ لاسيما "عين الذياب"، من بعض الحوادث والاشتباكات مع العناصر الأمنية. ويؤكد مصدر أمني، في حديث مع هسبريس، أن الاستعدادات الأمنية تبتدئ أسابيع قبل يوم الاحتفالات، من خلال رصد النقط السوداء التي توجد في العاصمة الاقتصادية، ثم وضع خريطة أمنية مدققة تروم تقسيم المدينة إلى العديد من المناطق الأمنية، ليتم إعطاء انطلاقة الاستعدادات الأمنية من مقر ولاية أمن الدارالبيضاء، عبر توزيع العناصر الأمنية على دوريات عدة تجوب المناطق التي تُسند إليها، وزاد مستدركا: "لكن في جميع الاحتفالات تُعطى الأولوية لمنطقتين أساسيتين؛ مركز المدينة و"عين الذياب"".