قال أحمد شوقي بنبين، مدير الخزانة الملكية بالرباط: "بكل أسف، الذين يشتغلون بما يسمى التحقيق العلمي في التراث العربي، حتى من كبار العلماء، أساؤوا إلى هذا التراث إساءة عظمى"، مضيفا أن "التراث عانى مآسي متعددة، يمكن اختزالها في ثلاث مآس". وأضاف المتحدث ذاته، خلال مشاركته صباح اليوم في لقاء تواصلي حول "الكتاب العربي المخطوط في الغرب الإسلامي"، أن "أولى المآسي التي يعاني معها التراث هي مشكلة النِّساخة التي رافقت التراث العربي منذ نشأته"، مشيرا إلى أن "الكتب التي تتوالى عليها الأيدي وتُنسخ مرارا تُصبح نُسخها الأخيرة مخالفة للأولى"، مبرّرا ذلك بوجود "نُسّاخٍ يُغيّرون ويُضيفون لاختلافهم في الرأي أو العقيدة أو المذهب...". وأشار شوقي بنبين، في اللقاء المنظم من طرف الخزانة الوسائطية بخريبكة، في إطار "أسبوع التراث"، إلى أن "المأساة الثانية هي الطباعة، وإن كانت قد أحدثت تغييرا جذريا في تراث الحضارة العربية، إلا أنه منذ مئتي سنة لم يعد هناك كتاب مطبوع واحد يخلو من الأخطاء"، مستدركا بأن "الكلام هنا لا يهمّ القرآن الكريم وكتب الحديث، وإن كانت كتب الحديث تتضمن أخطاءً ليست في الحديث وإنما في كتابة الكلمات والألفاظ". وعن المأساة الثالثة، أشار مدير الخزانة الملكية إلى "ما اصطلح عليه التحقيق العلمي"، موردا أن "ما تمّ تحقيقه في العالم العربي منذ 250 سنة سيُعاد تحقيقه، ولجيلكم وللأجيال القادمة ما يعملون عليه لعشرات بل لمئات السنين من أجل إعادة تحقيق هذا التراث"، مضيفا في السياق ذاته أنه "ما من كتاب يُعاد تحقيقه الآن إلا والمحقِّق الجديد يَشتُم مَن سبقه، بحجة أنه لم يقف على النسخة كذا، أو فهم هذا الكلام بكذا وكذا". ولحل المشاكل المذكورة، قال بنبين للطلبة الجامعيين المشاركين في اللقاء التواصلي: "أنصحكم بالابتعاد في بداياتكم عمّا يسمى بالحقيق العلمي؛ إذ لا بد أولا من إنشاء جيل مكوَّن في التراث العربي والنحو واللغة والبلاغة والتاريخ والأدب وغيرها لكي يشتغل في التحقيق العلمي". يشار إلى أن اللقاء التواصلي، الذي سيّر فقراته الأستاذ الجامعي عبد الفتاح شهيد، جاء في إطار افتتاح فعاليات "أسبوع التراث" الممتد من بداية إلى نهاية الأسبوع الجاري، ويشمل لقاءات تواصلية وندوات وأمسيات شعرية وسهرات فنية تراثية ومعارض تشكيلية وأخرى حول الطوابع البريدية والمسكوكات والتحف النادرة.