يتساءل العديد من رجال القانون، محامون وقضاة وأساتذة حقوق، عن حقيقة نوايا النقيب السابق محمد زيان من خرجاته الإعلامية وإصراره على أن العدالة المغربية غير مستقلة وتسعى إلى استهدافه. فقد استغرب محامي من هيئة دفاع المطالبات بالحق المدني في قضية الصحافي توفيق بوعشرين، بنبرة مفعمة بالتساؤلات المؤرقة: "لماذا يمعن النقيب السابق في سلك مساطر قضائية يعرف مسبقا أن مآلها الفشل، بل إنه مدرك حد اليقين أنها خاسرة في الشكل والجوهر ، إما لعدم توافر الشروط الشكلية للمسطرة، أو عدم توافر وسائل الإثبات، أو لأنها مسطرة غير مقررة قانونا؟" ويستطرد صاحب البذلة السوداء في حديث لهسبريس، بأن النقيب السابق يحاول عمدا وعن سابق إصرار مراكمة عدد من الملفات والدعاوى القضائية الخاسرة، والتي يعرف مسبقا أنها خاسرة، وذلك لاستعمالها كرصيد من الفشل للمس بصورة القضاء المغربي، وكذلك لتأثيث خرجاته الإعلامية التي يزعم فيها أن العدالة المغربية غير مستقلة وأنها تستهدفه لشخصه وذاته. وأردف المحامي كلامه، بأن مثل هذه المحاولات المجهضة أضحت تلوكها كل الألسن، ولم تعد مجرد "تخرّصات" محامين، فالجميع ممن يحضرون جلسات محاكمة توفيق بوعشرين ، سواء خلال مناقشات الملف القانونية أو في سجالاته الإعلامية، يتساءلون في السر والنجوى عن دوافع مراكمة الفشل المقصود، واللوذ بالميكانيزمات والآليات الدولية؟ إذا لم يكن الدافع الحقيقي هو المساس بصورة وسمعة القضاء المغربي!! من جهته، استعرض مسؤول قضائي مجموعة من الأمثلة لمساطر مشوبة بالعيوب الشكلية والجوهرية التي سلكها النقيب السابق، رغم علمه المسبق بمآلها الخاسر، متسائلا عن خلفيات هذا الإصرار الممنهج إن لم يكن هو اختلاق المشاكل وإثارة الادعاءات المخالفة للحقيقة، ولو على حساب مصالح موكله وحقوق موكليه جميعا. واستشهد المسؤول ذاته على هذا النزوع في سلوكيات النقيب، بإصرار هذا الأخير على تقديم شكايات مباشرة لمحكمة النقض في مواجهة أطراف تخضع لمساطر الامتياز القضائي، بل إنه يمعن في إعادة تقديم شكايات وفق نفس الأسلوب رغم صدور أحكام سابقة عن محكمة النقض تقضي برفض تلك الطلبات والدعاوى! فلماذا يصر النقيب السابق على مثل هذه الشكايات التي يعرفها أنها معيبة شكلا وقانونا، ويدرك مسبقا توجه الاجتهاد القضائي الذي استقرت عليه أعلى سلطة قضائية بالمغرب؟ أكثر من ذلك، يتساءل المسؤول القضائي لماذا يلجأ النقيب السابق إلى تهريب الشاهدات وإيواء المصرحات بمنزله، ويحول دون حضورهن للجلسات، مع ما يمثله ذلك من عرقلة لسير العدالة في نظر القانون المغربي والتشريع المقارن، ثم ينبري بعد ذلك أمام وسائل الإعلام مدعيا ومزايدا بالقول "أنه تم إجبار وإكراه الشهود على الإدلاء بإفاداتهم ضد المتهم؟". ويضيف المصدر ذاته، في معرض استعراضه لأمثلة كاشفة لمواقف النقيب السابق حسب وصفه، "واقعة خلطه بين مصالح موكله ومصالح الضحايا في نفس الملف، وذلك خلافا للأخلاق المهنية وللأعراف المنظمة لمهنة الدفاع! " مستشهدا على ذلك بنيابة النقيب السابق عن عفاف برناني في قضية فرعية، وهي قضية الوشاية الكاذبة والتبليغ عن جريمة تعلم بعدم حدوثها، رغم أنها وردت في الملف الأصلي كضحية على لسان واحدة من الضحايا الأخريات. وبخصوص قضية عفاف برناني، يشدد المسؤول القضائي ذاته على أن النقيب السابق آزر المعنية في قضيتها الفرعية، وأشعر مسبقا بتاريخ الجلسة المقبلة، ومع ذلك تخلف عن الحضور! بل حتى بعد إدراج قضية المعنية بالأمر في المداولة لم يتقدم بطلب إخراجها، وهو الإجراء المسطري الذي يخوله له القانون، وانتظر حتى صدور الحكم الابتدائي ليدعي بأن المحكمة حرمت المتهمة من حقوق الدفاع! فمن الذي حرم المعنية بالأمر من حقوقها في الدفاع؟ هل هي المحكمة أم المحامي الذي استنكف عن سلك المساطر القانونية المتاحة؟ يتساءل المسؤول ذاته. من جهته وضع أستاذ للقانون بجامعة الحقوق بالدار البيضاء سلوكات النقيب السابق تحت مجهر الدراسة القانونية، معتبرا أن هذا الأخير حالة فريدة ومتفردة، إذ أنه راكم عدة مخالفات مهنية كانت سببا في محاكمته تأديبيا، ولما صدر قرار عن المحكمة يقضي بتوقيفه ثلاثة أشهر عن ممارسة مهنة المحاماة، ادعى النقيب السابق بأن القرار القضائي جاء من أجل منعه من الدفاع عن موكله توفيق بوعشرين، مع العلم أن القرار لم يبلغ بعد مرحلة التنفيذ! بل قبل تبليغه إليه بالطرق القانونية، وقبل الطعن فيه بطرق الطعن المتوفرة أمامه. والكل يعلم، حتى طلبة السنة الأولى حقوق، أن الحكم القضائي لا يصير نافذا إلا بعد التبليغ واستنفاد طرق الطعن القانونية. فلماذا يصر النقيب السابق على نشر وبث الادعاءات المخالفة للحقيقة؟ وختم أستاذ القانون غير الراغب في كشف هويته للعموم، تصريحه بالتأكيد على أن ممارسات من هذا القبيل لا يمكنها، بأي حال من الأحوال، أن تخدم صورة العدالة المغربية، ولا أن تخدم مصالح أطراف الدعوى، متهمين ولا ضحايا، متسائلا في المقابل عن السبب في الصمت المطبق الذي تلوذ به هيئات المحامين إزاء هذه السلوكات التي ستكون لها تداعيات سلبية على صورة المحاماة كمهنة نبيلة، هدفها توفير حقوق الدفاع بعيدا عن المزايدات الكلامية والتراشقات الإعلامية، والتي يكون بطلها دائما شخص يحمل صفة "النقيب السابق"، بتعبير المصدر ذاته.