من اتفاق الصخيرات إلى حوارات بوزنيقة وصولاً إلى توافق تاريخي لأعضاء مجلس النواب الليبي بطنجة، هكذا أسهمت الدبلوماسية المغربية في طيّ صفحة الحرب والانقسامات بليبيا بعد توفيرها مناخ إيجابي بعيداً عن التدخلات والأطماع الخارجية في هذا البلد. وبعد أزيد من خمس سنوات على الانقسامات التشريعية في ليبيا، حسمت لقاءات طنجة في أن المقر الدستوري لانعقاد مجلس النواب هو مدينة بنغازي، والاتفاق على عقد جلسة التئام مجلس النواب بمدينة غدامس، مباشرة بعد مغادرة المملكة المغربية. وكان أكثر من 123 نائبة ونائبا من أعضاء مجلس النواب الليبي، يمثلون مختلف الأطياف السياسية والمناطق الليبية، شرقا وغربا وجنوبا، حلوا بمدينة طنجة بداية الأسبوع الجاري، وتمكنوا من التوافق على سبع نقاط تمهد لإنهاء حالة الانقسام السياسي والتشريعي. وأكدت عائشة الطبلقي، عضو مجلس النواب الليبي، أن "توافقات طنجة" من شأنها توحيد الوطن والمؤسسات في ليبيا، مضيفة أن التئام مجلس النواب في طنجة جاء بعد توحيد وجهات النظر وإنهاء مرحلة الصراع والحرب. وأوضحت المتحدثة، في تصريح لهسبريس، أن المرحلة المقبلة ستكون حاسمة لتعديل البيت الداخلي لمجلس النواب وإجراء انتخابات رئاسية للمجلس للقيام بدوره عقب خمس سنوات طبعها الانقسام السياسي. وحسب النائبة ذاتها، فإن الفرقاء الليبيين عازمون على إطلاق مشروع شامل للمصالحة لطي صفحة الماضي، وعودة المهجرين والنازحين إلى أرض الوطن. وأشاد رزقي مدني، كاتب مصري مقيم بالمغرب، بدور الرباط في حلحلة الأزمة الليبية، وقال إن المغرب كان حاضرا منذ بداية الخلاف الليبي-الليبي بداية من اتفاق الصخيرات وجولات بوزنيقة واليوم في طنجة. وأكد الكاتب المصري، في تصريح لهسبريس، على هامش اختتام مشاورات طنجة، أن المغرب يعد طرفا مهما في لمّ شمل الليبيين، معتبرا أن نزاهة الموقف المغربي وحياديته أسهمت في توحيد مجلس النواب الليبي. وعلى الرغم محاولة دول إقليمية عرقلة مجهودات المملكة المغربية في حل الأزمة الليبية لحسابات سياسية ضيقة، فإن مقاربة الدبلوماسية المغربية نجحت في تجاوز كل العراقيل التي واجهتها انطلاقا من وضع الرباط مسافة واحدة مع جميع الفرقاء الليبيين ومحاولة تقريب وجهات النظر وتوفير فضاءات للحوار دون محاولة التدخل أو التأثير في نتائج المفاوضات. واجتمع ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، على انفراد مع مجموعة من 12 نائبا ليبيا، يمثلون مختلف الاتجاهات السياسية والجغرافية، لتعزيز التنسيق ومناقشة الخطوات المقبلة والعمل بطريقة قوية وبناءة من أجل أن يقوم اجتماع غدامس على أساس من الوحدة، وفق ما علمته هسبريس من مصادرها. وكان المسؤول الحكومي المغربي أكد أن الحضور القوي لنواب ليبيا بطنجة يعكس الالتزام الراسخ للمملكة تحت قيادة الملك محمد السادس بتقديم كل ما في وسعها لدعم الجهود الرامية إلى حل الأزمة الليبية.