تغير مفاجئ.. هكذا نشرت قناة "فرنسا 3" خريطة المغرب    فلقاء الخطاط مع وزير الدفاع البريطاني السابق.. قدم ليه شروحات على التنمية وفرص الاستثمار بالأقاليم الجنوبية والحكم الذاتي    مجلس المنافسة كيحقق فوجود اتفاق حول تحديد الأسعار بين عدد من الفاعلين الاقتصاديين فسوق توريد السردين    برنامج "فرصة".. عمور: 50 ألف حامل مشروع استفادوا من التكوينات وهاد البرنامج مكن بزاف ديال الشباب من تحويل الفكرة لمشروع    الغالبية الساحقة من المقاولات راضية عن استقرارها بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة    أول تعليق من الاتحاد الجزائري على رفض "الطاس" طعن اتحاد العاصمة    جنايات الحسيمة تدين "مشرمل" قاصر بخمس سنوات سجنا نافذا    خلال أسبوع.. 17 قتيلا و2894 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية    نشرة إنذارية.. أمطار قوية أحيانا رعدية مرتقبة بتطوان    طابع تذكاري يحتفي بستينية السكك الحديدية    مقتل فتى يبلغ 14 عاماً في هجوم بسيف في لندن    الأمثال العامية بتطوان... (586)    المهمة الجديدة للمدرب رمزي مع هولندا تحبس أنفاس لقجع والركراكي!    نقابي: الزيادة في الأجور لن تحسن القدرة الشرائية للطبقة العاملة والمستضعفة في ظل ارتفاع الأسعار بشكل مخيف    الدوحة.. المنتدى العربي مع دول آسيا الوسطى وأذربيجان يؤكد على ضرورة الالتزام باحترام سيادة الدول واستقلالها وضمان وحدتها    محطات الوقود تخفض سعر الكازوال ب40 سنتيما وتبقي على ثمن البنزين مستقرا    لأول مرة.. "أسترازينيكا" تعترف بآثار جانبية مميتة للقاح كورونا    هجرة/تغير مناخي.. رئيس الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا يشيد بمستوى التعاون مع البرلمان المغربي    من يراقب محلات بيع المأكولات بالجديدة حتى لا تتكرر فاجعة مراكش    في عز التوتر.. المنتخب المغربي والجزائري وجها لوجه في تصفيات المونديال    ليفاندوفسكي: "مسألة الرحيل عن برشلونة غير واردة"    بلينكن يؤكد أن الاتفاقات الأمنية مع السعودية لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل شبه مكتملة    مساء اليوم في البرنامج الأدبي "مدارات" : المفكر المغربي طه عبد الرحمان.. بين روح الدين وفلسفة الاخلاق    ستة قتلى في هجوم على مسجد في هرات بأفغانستان    وزارة الاقتصاد: عدد المشتركين في الهاتف يناهز 56 مليون سنة 2023    توقيف نائب رئيس جماعة تطوان بمطار الرباط في ملف "المال مقابل التوظيف"    دل بوسكي يشرف على الاتحاد الإسباني    مساعد الذكاء الاصطناعي (كوبيلوت) يدعم 16 لغة جديدة منها العربية    تعبئة متواصلة وشراكة فاعلة لتعزيز تلقيح الأطفال بعمالة طنجة أصيلة    الدورة ال17 من المهرجان الدولي مسرح وثقافات تحتفي بالكوميديا الموسيقية من 15 إلى 25 ماي بالدار البيضاء    مقاييس الأمطار بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    استهداف المنتوج المغربي يدفع مصدرين إلى التهديد بمقاطعة الاتحاد الأوروبي    توقيت واحد فماتشات البطولة هو لحل ديال العصبة لضمان تكافؤ الفرص فالدورات الأخيرة من البطولة    تم إنقاذهم فظروف مناخية خايبة بزاف.. البحرية الملكية قدمات المساعدة لأزيد من 80 حراك كانوا باغيين يمشيو لجزر الكناري    "الظاهرة" رونالدو باع الفريق ديالو الأم كروزيرو    الريال يخشى "الوحش الأسود" بايرن في ال"كلاسيكو الأوروبي"    "أفاذار".. قراءة في مسلسل أمازيغي    أفلام بنسعيدي تتلقى الإشادة في تطوان    الملك محمد السادس يهنئ عاهل السويد    ثمن الإنتاج يزيد في الصناعة التحويلية    صور تلسكوب "جيمس ويب" تقدم تفاصيل سديم رأس الحصان    دراسة علمية: الوجبات المتوازنة تحافظ على الأدمغة البشرية    ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34 ألفا و535 شهيدا منذ بدء الحرب    التنسيق الوطني بقطاع الصحة يشل حركة المستشفيات ويتوعد الحكومة بانزال قوي بالرباط    فرنسا تعزز أمن مباني العبادة المسيحية    العثور على رفاة شخص بين أنقاض سوق المتلاشيات المحترق بإنزكان    عرض فيلم "الصيف الجميل" للمخرجة الإيطالية لورا لوتشيتي بمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط    فيلم من "عبدول إلى ليلى" للمخرجة ليلى البياتي بمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط    "النهج" ينتقد نتائج الحوار الاجتماعي ويعتبر أن الزيادات الهزيلة في الأجور ستتبخر مع ارتفاع الأسعار    مدينة طنجة توقد شعلة الاحتفال باليوم العالمي لموسيقى "الجاز"    تكريم الممثل التركي "ميرت أرتميسك" الشهير بكمال بمهرجان سينما المتوسط بتطوان    توقعات طقس اليوم الثلاثاء في المغرب    حمى الضنك بالبرازيل خلال 2024 ..الإصابات تتجاوز 4 ملايين حالة والوفيات تفوق 1900 شخص    المفاوضات بشأن اتفاق الاستعداد للجوائح بمنظمة الصحة العالمية تدخل مرحلتها الأخيرة    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عقود ال "أَنَابِّيكْ".. هل هي ملغومة؟
نشر في هسبريس يوم 09 - 06 - 2012

الكثير من الباحثين عن العمل يلجأون إلى مجموعة من الأساليب والطرق التي تمكنهم من اقتناص آخر فرص الشغل الموجودة في السوق: هناك من يبحر يوميا في مواقع الوظائف على شبكة الانترنت بحثا عن العمل الموعود سواء أكانت هذه المواقع مغربية أو أجنبية، موثوقة أم غير موثوقة، والبعض الآخر لا يثق في الفأرة والحاسوب والعالم الافتراضي بقدر ما يثق في العالم الواقعي، فتجده ينسخ شهاداته ويطرق أبواب الشركات بابا بباب رغبة في تقوية حظوظ إيجاد العمل، وهناك من لا يسأم من شراء الصحف الورقية التي تنشر إعلانات الوظائف، وهناك من يقوم بكل هذا دفعة واحدة زيادة على أمر صار ضروريا وموحدا بين كل الباحثين عن عمل,أ لا وهو التسجيل بالوكالات التي تتوسط لإيجاد الشغل والتي تبقى الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات أهمها.
منذ إنشائها قبل سنوات والوكالة الوطنية لإنعاش الشغل و الكفاءات تقول إنها تعمل بجهد في سبيل الحد من البطالة التي يشهدها المغرب، فهذه المؤسسة التي تلعب دور الوسيط بين المشغل وطالبي الشغل تقدم مجموعة من الأرقام التي تصب في منحى الدور الكبير الذي تلعبه في سبيل إيجاد فرص للشغل للشباب بالمقاولات المغربية والأجنبية، وهو ما جعل فروعها متواجدة بأغلب المدن المغربية محققة 130584 منخرطا.. غير أن هذا الرقم قد لا يقدم الصورة الكاملة حول طبيعة اشتغال هذه المؤسسة التي بقدر ما يمدحها الكثير من أرباب المقاولات إضافة إلى بعض الشباب المغرب، بقدر ما يقول عنها البعض بأن أدائها غير مرض خاصة الجزء المتعلق بعقود العمل التي يقتنعون بأنها عقود مجحفة وتحمي المشغل أكثر مما تحمي طالب العمل.
فكيف ينظر الشباب المغربي إلى هذه الوكالة؟ وما هي طبيعة العقود التي يمضونها معها؟ وهل صحيح أنها تحمي أصحاب المقاولات وتوفر لهم يد عاملة لا تشترط إلا العمل حتى ولو كان اقل من الحد الأدنى للأجور؟
هسبريس تسلط الضوء على حكايات لشباب سبق لهم وأن اشتغلوا بوساطة عقود هذه الوكالة أو ما يسمى بنوع من التلخيص"أنابيك"..
حكايات من المعاناة..
نبدأ بقصة رشيد الذي يحكي بنوع من الألم: "أتذكر جيدا ذلك اليوم الذي نادت علي فيه هذه الوكالة في مدينة أكادير من أجل مقابلة عمل ما، طبعا في تلك المرحلة كنت من أشد الراغبين في العمل على اعتبار تخرجي حديثا من كتقني متخصص في التسيير السياحي، كنا تقريبا 100 طالب وطالبة للعمل، وكانت الشركة التي طلبتنا للعمل تهتم بتنظيم الأحداث الكبرى من قبيل المهرجانات و المعارض وما إلى ذلك، بحيث كان العمل المطروح هو: التنشيط والسهر على تجهيزات قرية صيفية لإحدى شركات الاتصالات بمدينة أكادير، الراتب لا يتجاوز 2000 درهم، أوقات العمل تمتد من الثانية ظهرا إلى 10 ليلا، النقل والتغذية غير متوفرين، والأهم من ذلك أن مدة العمل هي شهر واحد ل 20 شخصا فقط..
طبعا، بعد هذه المفاجأة، ذهب الكثير منا، وبقي البعض ومنهم عبد ربه لنشتغل مدة شهر في ظروف قاسية لا تستحق كل هذا الجهد المبذول..
بعد هذا العمل المؤقت، دعتني مرة أخرى الوكالة من أجل عمل آخر، والذي لم يكن سوى موزع للجرائد مع إحدى الشركات التي تعمل في هذا الميدان براتب 2400 درهم وبظروف عمل قاسية، لأصبر في ذلك العمل لشهرين قبل أن أغادره، وبعد ذلك بشهور, بحثت عن تكوين تقدمه الوكالة يمكنني من صقل مواهبي المهنية لكن دون جدوى، فالتكاوين التي تقدمها كان يفوز بها فقط بعض الأشخاص الذين لهم وساطات في الوكالة، أما فرص الشغل فلم أعد أجد فيها ما يناسبني كخريج تسيير سياحي، لذلك قررت في النهاية عدم التوجه نهائيا لهذه الوكالة التي تلعب بمشاعر الراغبين للعمل وتتوسط لهم للاشتغال بشركات لا توفر لهم أدنى شروط الكرامة والعمل الشريف ولا تعير اهتماما لشواهدهم الجامعية ولتخصصاتهم المهنية.."
خالد تقريبا له نفس الحكاية، فبعد أن سألناه أن يحكي تجربته مع الوكالة قال :"بعد حصولي على دبلوم في المعلوميات، قررت البحث عن عمل حتى ولو كان بعيدا عن تخصصي، التحقت كرجل مبيعات بشركة للحليب عن طريق الوكالة، رغم أنني من ساكنة نواحي تارودانت، إلا أن الشغل كان بمدينة مكناس براتب لا يتجاوز 2200 درهم بدون أية تعويضات صحية أو تسجيل في صندوق الضمان الاجتماعي، العقد الذي وقعته كان يمتد لسنتين، وكنت أتمنى لو يتم استبداله بعقد دائم نظرا لتفاني في العمل، لكن مباشرة بعد انتهاءه سرحتني الشركة التي استفادت كثيرا من العقد الملغوم.
بعد ذلك بحثت عن عمل جديد يقيني من حر البطالة، فوجدت واحدا بعد بحث مضن عند شركة لتحويل الأموال، لكن المفاجأة كانت في مقابلة العمل، حيث بمجرد أن عرف المسؤولون بتوقيعي السابق لعقد "أنابيك" رفضوا أن أشتغل على اعتبار أنهم كانوا يريدون مني أن أعمل بنفس العقد في حين أن القانون يمنع الاستفادة من عقد "أنابيك" لمرتين، صراحة لم تقدم لي هذه الوكالة شيئا، فلا أنا استفدت من تجربة مهنية على اعتبار أن عملي في شركة الحليب كان عملا عاديا للغاية، ولا أنا استطعت أن أعمل مجددا بعدما صارت أغلب الشركات تختار هذا النوع من العقود الذي يمكنها من الاستفادة من الشباب بأقل التكاليف."
وغير بعيد عن ذلك، يبدو حسن حانقا على الوكالة رغم أنه لم يعمل قط عن طريق وساطتها، فهو يقول: "تلقيت من الوكالة الوطنية لإنعاش الشغل والكفاءات حوالي 20 اتصالا خلال هذه السنة، وفي كل مرة يطلبون مني الوثائق المعروفة من قبيل السيرة الذاتية رفقة صور مصادق عليها للشواهد الدراسية والمهنية المحصل عليها، من الطبيعي جدا أن أقدم لهم كل ما يطلبون كل مرة باعتباري باحثا عن العمل ، لكن الشيء الذي ليس طبيعيا هو أنني لم أتلقى أي رد بخصوص المباريات التي تقدمت لها، قد يقول قائل بأنهم ربما لم يجدوا في شخصي المؤهلات المطلوبة، لكنني سأجيبه بأن الأمر قد لا يتعلق بمؤهلات أو أشياء أخرى، ولكن ربما قد يتعلق ببعض الأيادي الخفية التي تتدخل في كل فرصة شغل مقدمة من طرف مشغل ما للوكالة".
أحلام تحققت..
غير أن محمد يرى عكس ذلك،فهو يقول "صراحة أدين للوكالة الوطنية لإنعاش الشغل و الكفاءات بالكثير، فقد ساعدتني على تحقيق أحلامي والهجرة نحو قطر، فبعد مسيرة متعثرة في الجامعة دامت سنتين، سمعت عن مباراة تنظمها هذه الوكالة من أجل اختيار بعض الشباب للعمل كرجال أمن خاص بدولة قطر، شروط الالتحاق كانت جيدة لي، فهي لم تزد على شهادة البكالوريا وارتفاع نسبي في الطول والخلو من الأمراض المستعصية، المباراة مرت في ظروف مميزة، وإجراءات الالتحاق لم تزد عن 3 أشهر، حاليا أتواجد بالعاصمة القطرية، وأتقاضى 7000 ريال قطري(أي ما يعادل 16 ألف درهم مغربي)، وأعيش بخير والحمد لله، وكل هذا يرجع للوكالة المغربية التي ساعدتني دون رشوة أو محسوبية".
فاطمة هي الأخرى ممتنة للوكالة على ما قدمته لها من خدمة، فقد توسطت لها الوكالة بعض حصولها على دبلوم في الفندقة في أن تعمل بأحد الفنادق بمدينة مراكش، فاطمة تعمل حاليا في الاستقبال، وأجرها الشهري يصل على حوالي 4000 درهم، كما أن العقد الأول الذي وقعته كمتدربة تم تغييره بعقد دائم بحيث تقول"بعد أن عرف المسؤولين في الفندق قدراتي المهنية، قاموا بتغيير العقد الأول المؤقت إلى عقد دائم، كما أن الفندق الذي أعمل به يوفر شروط العمل الجيدة لا من ناحية الأجر أو التعويضات،وهذا يرجع إلى الوكالة التي اخترت لي مكانا مميزا للعمل".
وعن الشباب الذي لم يجد عملا بالوكالة تقوم فاطمة: " المشكل فيهم وليس في الوكالة، الكثير منهم شهاداته لا تعكس مستواه، لا يمكن للمقاولة أن تشغل أيا كان، وعلى هؤلاء أن يطوروا أنفسهم بدل شتم الأنابيك.."
اختلالات بالجملة
كان المجلس الأعلى للحسابات قد سجل في تقريره الأخير مجموعة من الاختلالات التي تشوب عمل الوكالة الوطنية لإنعاش الشغل والكفاءات، فقد تحدث أن عملية التعيين في المناصب داخل الوكالة لا تكرس الاستحقاق والشفافية المطلوبة، كما تحدث عن وجود الكثير من الصفقات المفتوحة التي لم تتم تصفيتها داخل الوكالة والتي وصلت إلى 93% من مجموع الصفقات المبرمة من قبل الوكالة.
وأضاف التقرير أن انجازات المؤسسات التي تدخل ضمن اختصاص الوكالة كأمانة وزاكورة كانت دون المستوى، زيادة على وضع برنامج "إدماج" الذي أتى بامتيازات كبيرة لصالح المشغل حيث يمكنه من الاستفادة من الأجير الذي يعد متدربا لمدة قد تناهز 5 سنوات، بحيث لم تنصص الوكالة في مساطرها على أية عقوبات ضد المشغلين في حالة عدم احترامهم لالتزاماتهم، إضافة إلى أن أشغال تهيئة فضاءات الوكالة أدت إلى خسائر بالجملة وصلت إلى أزيد من 7 ملايين ونصف مليون درهم في نهاية سنة 2009.
كما أن الوكالة لم تدمج 26% من الشباب الذي كونته في سوق الشغل، وهو ما أضاع ما يقارب 10,5 ملايين درهم، إضافة إلى وجود اختلالات في عمليات تصفية المبالغ المستحقة، وميزانيات برنامج "تأهيل" التي لم تتعدى نسبة تنفيذها 14%، نفس الأمر بالنسبة لتلك المتعلقة ببرنامج "مقاولتي" التي لم تتجاوز 10%.
3 أسئلة لهشام بلحرش:من الضروري إحداث تغيير جذري على طريقة عمل الأنابيك (مسؤول التواصل بالاتحاد العام لمقاولات المغرب)
كيف تنظرون على العقود التي يمضيها المنخرطون في الوكالة والتي تسمح لهم بالدخول على سوف الشغل؟
هذه العقود لها الكثير من الإيجابيات للشباب الباحث عن العمل، لأنه تمكنه من الاحتكاك بالشغل،لكن للأسف العقود الحالية لا تتوفر عل أية ضمانات أو تغطية صحية للملتحقين بالعمل،وهو الأمر الذي يعد من أكبر سلبيات هذه العقود،ويبدو أن هذا المشكل في طريقه للحل بعد أن صادقت الحكومة عليه بإيعاز مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
أليست بعض هذه العقود توظف الشباب في وظائف أقل من مستواهم الدراسي؟
نعم، هذا الأمر موجود، لكنه يحلينا على المستوى التعليمي العام بالمغرب،لأنك في كثير من الأحيان تجد أن مجازا له نفس مستوى صاحب الباكالوريا، فالتعليم المغربي كثيرا ما يجعل الطالب غير صالح لسوق الشغل وبالتالي يكون التحاقه ببعض الأعمال مثل مساعد بائع أمرا عاديا جدا.
ألا تجدون أن الوكالة ملزمة مثلا بتطوير عملها؟
أكيد هذا صحيح،فلا يعقل مثلا أن تتوسط لشخص كي يعمل في وظيفة سيقضي بها سنتين أو أكثر دون استفادة تذكر،على الوكالة أن تطور من قدراتها لكي تواكب التغييرات التي تحدث في سوق التشغيل، لأن الأداء الحالي فيه الكثير من الثغرات وعليها أن تهتم أكثر ببرامج التكوين الذي تساعد الشباب على إيجاد الوظائف التي يريدونها، وبكل صراحة يجب أن يحدث تغيير جذري على عمل هذه الوكالة وإلا فلن ننتظر منها الشيء الكثير.
عثمان كاير: العيب في المقاولة وليس في الأنابيك
تحدث أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة الحسن الثاني المحمدية عثمان كاير، أن ال "أنابيك" تحتل دوار أساسيا في عملية التخفيض من البطالة ما دامت هي الفاعل العمومي الوحيد في الوساطة بين المشغل وطالب الشغل، خاصة وأنها طورت من طرق اشتغالها ووسعت قاعدة عملها واستطاعت الوصول إلى الكثير من المناطق المغربية، بحيث تحاول التغلب على مشكل التواصل بين المشغل وطالب الشغل، وهو المشكل الذي يعد من بين أسباب البطالة بالمغرب.
وأضاف أن عقود أنابيك لم تخلق أساسا من أجل تشغيل الشباب كهدف رئيسي، وإنما من أجل تسهيل إدماج الشباب في الشغل خاصة أولئك الذين لا يتوفرون على تجربة، حيث لا يمكن الحديث في بداية العمل عن أجر بالمعنى الحقيقي للكلمة ولكن عن "منحة" تساعد هؤلاء الشباب على اكتساب الخبرة المهنية ما دام المشكل الأساسي في المغرب وفي كثير من الدول، ان أغلب المقاولات تشترط التجربة المهنية على اي باحث عن الشغل، وهو شرط صعب ما دام التكوين في المغرب كثيرا ما يبقى نظريا ولا يقدم تجربة تطبيقية كبيرة، وبالتالي فإعفاء المقاولات من بعض التكاليف كالتغطية الصحية يدخل في إطار تشجعيها على استقطاب هذه الفئة من الشباب المتخرج حديثا، خاصة الذي يتوفر على دبلومات متوسطة ولم يدرس في معاهد أو كليات كبرى.
وعن مشكل التجاوزات التي تحدث في ميدان الشغل من قبيل طرد المشتغلين بعقود أنابيك بعد انتهاء فترة عملهم وتعويضهم بآخرين يصلون لنفس النتيجة، قال الخبير الاقتصادي أن المشكل لا يرتبط بالوكالة التي يبقى دورها في حدود الوساطة، وإنما بهؤلاء المشغلين الذين لا يحترمون مدونة الشغل التي تمنع تجديد العقود المؤقتة، فالدولة غير قادرة على فرض قوانين مدونة الشغل على المقاولات وجهاز مفتشية الشغل لا زال ضعيفا وغير كاف للمراقبة المستمرة، كما أن تجاوزات المشغلين في هذا الإطار لا تتوقف فقط عند عقود أنابيك، بل تصل حتى للعقود الأخرى المؤقتة.
هواتف الأنابيك لا تجيب
حاولنا أخذ وجهة نظر الوكالة المذكورة في الموضوع، لكن كل اتصالاتنا باءت بالفشل، فمسؤول التواصل بالوكالة لم يجب على اتصالاتنا وعلى رسائلنا الإلكترونية، وأرقام هواتف الوكالة الموضوعة بموقعها الرقميّ لا تعود لها وإنما لشركة معينة، وهاتف مدير الوكالة لا يجيب رغم أننا اتصلنا به أكثر من مرة خلال يومين..
هل النية أبلغ من العمل؟
الخفض من البطالة يبقى واحدا من اهتمامات الدولة المغربية، وإحداث وكالة تحاول مساعدة الشباب على اتقاء نار البطالة يبقى هدفا محدودا، لكن ما يجب على الوكالة أن تضعه نصب أعينها هو أن من يبحث عن الشغل لا يبحث عن مجرد ركن يختبئ فيه لكي لا يقال عنه أنه عاطل، بل يبحث عن الكرامة، وعن بناء مستقبل مضمون، وعن عمل يطور فيه ذاته لكي تتطور معه هذه الدولة ما دام الرأسمال الحقيقي للتنمية هو الإنسان..
للأسف، يبقى الشغل بكرامة، عملة نادرة في الكثير من الوظائف ببلادنا، فالمقاولات تتعامل مع الكثير من الشباب المتذمر من عقود أنابيك بمنطق "الباب وسع من كتافك" ما دامت ظروف الحياة تحتم على البعض من شبابنا القبول بالإهانة وبالأجر القليل وبالعمل المؤقت..فتصير عقود الأنابيك في هذه الحالة شر لا بد منه حتى ولو تمتع المشغل بامتيازات جديدة..
بين ضروريات الحياة وعشق الكرامة.. بين الرغبة في الشغل والتمتع بالاحترام.. بين اكتساب التجربة وعدم الاستغلال.. تبقى جدلية الوكالة الوطنية لإنعاش الشغل الكفاءات مستمرة.. ويبقى معها السؤال متواصلا عن البطالة المغربية التي يتفرج عليها العالم أمام البرلمان ووسط أمواج المتوسط..
*[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.