انتقد المفكر المغربي حسن أوريد، دعوات تدريس الدارجة في التعليم المغربي معتبراً أن المدرسة ليست مُجبرة على النزول عند مستوى التلميذ، معترفاً بنوع من القصور في اللغة العربية خاصة على مستوى العلوم الدقيقة، في وقت أشار فيه رئيس الحكومة الجزائري الأسبق سيد أحمد غزالي إلى أن نهضة دول المغرب الكبير لن تكون سوى بالوحدة والتقارب والاستفادة من أخطاء الماضي المشتركة. حديث المفكر المغربي والمسؤول الجزائري السابق، يندرج في سياق جلسة حول قضايا التعليم نظمتها الجمعية المغربية لتحسين جودة التعليم "أماكن" اليوم الجمعة بالمحمدية، في إطار المؤتمر الدولي العاشر لتدبير جودة أنظمة التربية والتكوين، الذي يحضره عدد من المهتمين بالشأن التعليمي من عدة بلدان أجنبية. فقد أكد مؤرخ المملكة السابق، أن كل مقاربة لميدان التربية يجب أن تنطلق من رؤية مجتمعية، بحيث تكون المبادئ هي المستوى الأهم لبناء منظومة تربوية جيدة، مقدما في هذا الصدد، بعض النماذج العالمية لبلدان نجحت في منظومتها التعليمية لارتكازها على رؤية معينة للإصلاح وعلى مفكرين يقدمون الإضافة. وأسهب المفكر المغربي في انتقاد الدعوة التي أطلقها نور الدين عيوش بشأن التدريس باللغة الدارجة، معتبرا أن هناك مشروعاً ما تتستر عليه هذه الدعوة رغم ادعاءات أصحابها بأنها حل لمشكلة الهدر المدرسي ف:" اعتماد الدارجة سيجعل المغرب قريبا من نموذج هايتي التعليمي حيث تحضر الفرنسية بشكل كبير زيادة على مزيج من اللغات المحلية، في حين أن نموذج الأندلس في غناه وحضارته الراقية، يصلح أن يكون نموذجا للمغرب" يورد المتحدث. وشدد أوريد في هذا الصدد، على أن المدرسة ليست مكانا للتسلية ولا يمكن أن تنزل إلى مستوى التلميذ إلا في بعض الحالات الاستثنائية، فالتلميذ هو الذي يجب أن يرقى إلى مستوى المدرسة بأن يتوفر على معارف أكثر من تلك الذي يمكن أن يجدها في وسطه الأسري، مؤكدا على ضرورة عدم القسوة على المدرسة العمومية في هذا النقاش، مادامت قد علّمت الكثير من الأجيال، ودامت انعكاسا للمجتمع بكل تجلياته. وعلاقة دائما باللغة، قدم أوريد "الشخصية" كبديل للهوية رداً منه على كل من يربط المغرب بلغة ما، ما دامت الهوية حسب المتحدث هي ذلك الشيء الخاص الذي يخص المجموعة، غير أنه شجع على الانفتاح اللغوي شريطة عدم التخلي عن حمولتنا التاريخية، بعيدا عن العولمة التي تنظر للمواطنين على أنهم مجرد مستهلكين، والتي قد تجعل من المغرب مجرد فضاءً جغرافي لا غير، وفق تعبيره. وقد أشار صاحب كتاب "مرآة الغرب المنكسرة" إلى أن اللغة تمر من أربعة مستويات: المستوى الوجداني الذي نجده مثلا داخل الأسرة والذي يظهر كذلك في الفنون العاطفية كالشعر، ثم مستوى البيان المتعلق بالبناء الذهني كالخطابة، فمستوى البرهان الذي تشتغل فيه اللغة على قضايا معقدة فكريا كالفلسفة، وأخيرا مستوى العرفان: الذي يخص العلوم الحقة أو الدقيقة، وهو المستوى الذي لا زالت اللغة العربية قاصرة فيه، في الوقت الذي استطاعت إثبات ذاتها في المستويات الثلاث الأولى. وفي لحظة اعتراف قال الناطق الرسمي باسم القصر سابقا:" في فترة من حياتي كنت في الحركة الأمازيغية مدافعا عن هذه اللغة، ولمّا انتقلت إلى الدولة صرت خادما لها، لكن ما يهمني الآن، هو مصلحة البلد"، مطالباً بأن يكون إصلاح التعليم جذريا، وبتصور شامل للمنظومة التعليمية وليس بإصلاح دفاعي يهتم ببعض الجوانب المعينة كتشييد المدارس أو الزيادة على عدد الأقسام. أما أحمد غزالي، فقد ظهر أكثر تعلقاً باللغة الفرنسية عندما وصفها بغنيمة الحرب التي لا يجب التفريط فيها في إشارة منه للاستعمار الفرنسي للجزائر، معتبرا أن بلد اللغة الواحدة انتهى منذ زمن، وأن الوضع العالمي يفترض تعلم عدد من اللغات، إلا أن غياب ثقافة المؤسسات في الجزائر، هو ما أحبط المنظومة التعليمية، خاصة وأنه في وقت من الأوقات، كل من لم ينجح في دراسته الجامعية يتحول إلى التدريس. وركز السياسي الجزائري على الوحدة المغاربية، فكل دولة من دول المغرب الكبير لا تعمل سوى لصالحها، معتقدة أنها تستطيع التقدم لوحدها، في أن المخرج الوحيد للنماء، كما أكد المتحدث ووافقه على ذلك أوريد، هو التقارب وبناء اتحاد يستمد قوته من الثروات الطبيعية الكثيرة التي تزخر بها المنطقة وكذلك من شعوبها المتطلعة للتغيير. ولخص غزالي المشكل بين المغرب والجزائر في أن لا أحد منهما يثق في الآخر، وفي أنهما خرقا معاً القوانين الدولية المتعلقة بالحدود، وذلك عندما فرض المغرب على الجزائريين التأشيرة منذ سنة 1994 وردّت الجزائر عليه بإغلاق الحدود، داعياً إلى الاستفادة من الدروس الأوربية في هذا الصدد، وكيف كان الألماني والفرنسي يعتبران أنفسهما عدوان بيولوجيان لبعضهما البعض، قبل أن يقع التصالح ويندرجان داخل إحدى أكبر القوى العالمية، أي الاتحاد الأوروبي.