قبل أن يصدر بلاغ عن وزارة الخارجية المغربية يعلن عن مشاركة المغرب في لقاء البحرين حول ما سمي بصفقة القرن كتبت في صفحتي الخاصة بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك ما يلي: "أرجح في حالة المشاركة المغربية في اللقاء خفض التمثيل الدبلوماسي للمملكة من خلال حضور شخصية دبلوماسية لها مستوى متدني من التمثيل الدبلوماسي حتى يظل هامش المناورة السياسية متاحا. على كل حال المغرب دولة لها توابتها الديبلوماسية، والقضية تهم في المقام الأول والأخير الفلسطينيين. كفى من توظيف القضية الفلسطينية فيما لا ينفع المغاربة في شيئ، ومجال الدبلوماسية يحتاج لكثير من التوازنات التي تراعى فيها مصالح الدول، وأهداف سياستها الخارجية، و ومتطلبات أمنها القومي بشكل عام" لم يكن الأمر يتعلق بتخمين سياسي، بل كانت لدي قناعة راسخة، على أن التوجه الرسمي للدولة سيكون براغماتيا، ومحكوما بتوازنات كبرى تنسجم مع أهداف سياسته الخارجية، ومع توجهاته الدبلوماسية الكبرى في العلاقة مع محيطه الدولي. مواقف المغرب الدبلوماسية من القضايا الدولية ذات البعد الاستراتيجي لا يحددها ضغط الشارع، ولو كان هذا الضغط قد ولد في ظروف طبيعية، بل تظل محكومة بتوازنات شديدة التعقيد والحساسية. الأصل في العلاقات الدولية هو أن تكون صديق نفسك أولا، وأن تخضع باقي صداقاتك لمعيار المصلحة ثانيا، وما عدا ذلك من الاعتبارات الأيديولوجية أو الحقوقية، فهي أمور متروكة للتيارات والقوى الشعبية، سياسية كانت أو مدنية. أما الموقف الرسمي للدولة، والذي تجسده المواقف المعبر عنها من خلال قنواتها الدبلوماسية التي تنتمي لمجال السياسة الخارجية كمجال محفوظ لرئيس الدولة، فهو موقف محكوم بحسابات الربح والخسارة، وهي حسابات مشروعة في عالم متغير، يبحث فيه كل طرف دولي على مصالحه الذاتية قبل مصالح الآخرين . ومن باب وضع النقاط على الحروف، لا بد من تذكير هؤلاء القوميين، الذين نصبوا أنفسهم مدافعين عن القضية الفلسطينية أكثر من الفلسطينيين أنفسهم، وشرعوا في تخوين غيرهم ممن لهم مواقف مغايرة لمواقفهم من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بعد أن أصبح جزء كبير من العرب أقرب للكيان الصهيوني وأبعد من فلسطين، وهو ما يسقط مقولة الصراع العربي الإسرائيلي، لا بد من الإشارة إلى أن بعض مستشاري أمراء الخليج الذين باركوا صفقة القرن فلسطينيين، والذين ذهبوا إلى أوسلو ووقعوا اتفاق التصفية الجسدية والسياسية فلسطينيين، والذين تواطؤو ضد ياسر عرفات وكان لهم دور ما في اغتياله فلسطينيين، وجزء كبير من شهداء القضية الفلسطينية ماتوا بسبب جواسيس عرب وفلسطينيين، والانقسام الفلسطيني الحاصل اليوم في الصف الوطني الفلسطيني يقف خلفه الفلسطينيين قبل غيرهم!! لاشك ان القضية الفلسطينية قضية إنسانية كما يذهب الى ذلك عدد من الحقوقيين والكتاب والمثقفين المغاربة، الذين نشاركهم هذا الموقف ولا نشك على الإطلاق في صدق مبادئهم، لكن إطار معالجة هذه القضية التي عمرت لعقود من الزمن يبقى دوليا، لأن الكيان الصهيوني تم استنباته بقرار تقسيم تقدمت به دولة كبرى من داخل منظمة دولية، وبتأييد ودعم للقوى التي هيمنت على القرار الدولي مند انتهاء الحرب العالمية الثانية وبروز ميثاق سان فرانسيسكو. للأسف الشديد، وهذا كلام لن يعجب تجار القومية "العربوسلامية" بدون اي شك ، فالطرح الحقوقي والإنساني الذي اتبناه شخصيا بمعية جزء كبير من الإنسانيين في العالم برمته، لا يحرك تيارات عريضة ممن يتشدقون اليوم برفض صفقة القرن، بل إن ما يحرك هذه التيارات هو الوازع الديني الذي يرتبط بخلفية أيديولوجية دينية ضيقة تستعمل كآلية للاستقطاب والتعبئة السياسية!! في المغرب بات لدينا اصدقاء سورية، وأصدقاء فلسطين، وأصدقاء الخليج، وأصدقاء تركيا، وأصدقاء إيران، وأصدقاء فرنسا، وأصدقاء إسرائيل، وأصدقاء امريكا، وأصدقاء اليمن، وأصدقاء حزب الله! ولكن، أين هم اصدقاء المغرب الذي يتخبط في مشاكل لا عد ولا حصر لها؟ أليس حريا بنا الدفاع عن معتقلي الريف وجرادة قبل التفكير في معتقلي فتح وحماس والجهاد في فلسطين؟ ومعتقلي وقتلى رابعة العدوية والنهضة في مصر؟ وأسرى النصرة والقاعدة في الشام والعراق؟ وضحايا الحوثي في اليمن؟ أليس من الأولى الدفاع عن قضايانا التي تهم استكمال وحدتنا الترابية قبل التفكير في احتلال الآخرين؟ لماذا نفكر في الآخرين دون أن يفكروا يوما في قضايانا نحن؟ ما الذي جنيناها من انغماسنا الكلي في قضايا باقي الشعوب ونحن الذين نعاني من مشاكل اجتماعية واقتصادية وسياسية بالجملة؟ هل رأيتم يوما مشرقيا يركب قوارب الموت؟ هل رأيتم يوما فلسطينية تتعرض للاغتصاب في حقول الفرولة باسبانيا؟