القسوة والعنف جوه رخطاب المرحلة بامتياز، مهما كانت قساوة العقوبات، فهي لا تشفي غليل المرضى النفسانيين، ومهما كانت الظروف صعبة ومؤلمة فهي لن تشفع بالحلم والتسامح . الأقلام المأجورة، ورشاشات الحروب بالوكالة تلعلع صباح مساء على الورق، وفي المواقع، في الندوات، والمنتديات تضرب بدون هوادة أو استحياء في كل اتجاه ممانع معاكس، أو في مجرد حلم عابر مختلف يخالف محترفي صناعة الرأي واللامعنى في هذا الوطن. الوطنية والحرية والعدالة، ليست "فتوة" وليست بلسان طويل ممدد في ساحات البيع بالمزاد العلني، للكلمة الحاقدة المغرورة المتغطرسة، ازاء أبناء الوطن البسطاء والمنبطحة المهزومة المهزوزة أمام كل ذي نفوذ او سلطان. العنف يولد العنف و"الحكرة" تنتج الحقد وتزرع الكراهية، وتجعل الضحية متمردا على الطقوس والمقدسات، والتقاليد المرعية، الضحية يلغي كل الحدود، والمواضعات المرسومة وينهال عن قصد بكل ما يملك من قوة منفلتة من احشائه على كل شيء يرى فيه سلطة او رمزا او نمودجا، لا شيئ يرهبه او يخيفه فالعنف المادي والرمزي يقتل فيه الاحساس بتقدير معنى الجزاء او معنى اللوم والعتاب. غياب الحكمة و"اختباء" النخبة المثققة، وتمييع الوساطات وتغييب العقل، وفقدان مبدأ الالتزام بقضايا الوطن، واستحضار الباعث الامني وحده في تدبير الأمور، أعطى للطفيليات والمرتزقة مساحات واسعة لتنتشر وتنشر البؤس والتفاهة وأضحى اللسان الطويل والعقل التافه عملة رائجة متداولة ومربحة. الغيرة الحقيقية على الوطن ومقدساته وعدالته، وأمنه ومكانته ومستقبله، وعلمه وعلمه لا يعبرعنها بوضع الرؤوس في الرمال، وبإشهار الولاء المعلن عنه تحت الطلب وباخفاء مستوى القهر والسخط والغضب، الغيرة على الوطن تقتضي الجرأة في التعبير عن الرأي دون تحفظ ولا حسابات صغيرة، وفي التزام الصدق في التعبير عن المواقف من القضايا الحارقة التي تعتمل في اعماق المجتمع . فمن الصعب التنبؤ بمستقبل مجتمع ترك لذاته وحيدا معزولا مع دولة بمفردها كما أرادت معزولة دون وساطات ولا آفاق ولا أحلام…..