كلما كانت معرفتك بالقانون قوية، وكلما كانت لك مكانة " اعتبارية"، وكلما كان لك احساس كبير بأنك مواطن وليس رعية، ترد و"ترعى" وأن المواطنة عقد ودستور وقانون ومعنى، تأكد أنك قد تكون عدوا مفترضا لمن يملك أدوات القمع المشروع في الساحة وأنك لقمة سائغة له عند الانفراد بك وحيدا معزولا، حيث لن ينفعك معه امتياز ولا موقع ولا شهادة … أما الشهود فقد يكونوا على مقاس إهانتك وإدانتك. الإيمان بالقانون والدستور والوطن والتغيير والمصالحة، والتوصيات والخطابات، والإصلاحات و"الاستقلالات" ! وبحلم وطن عادل وممكن، كلها تبدو وكأنها مجرد "منومات " تسقط مفاعيلها عن الحالمين و العاملين و المرابطين، في قلعة الحلم من أجل وطن جامع مشترك آمن عادل، دون جروح ولا ندوب " تشرمل " خريطته وناسه، و أمواجه، وأمواله، وأرضه، ومؤسساته في الميدان، في الدهاليز المغلقة والسياجات المحصنة، كما في الشارع، في الزقاق، في الممر، في الحي، وعلى الطريق، نعم ! مفاعيل تسقط وتهوى، وتتلاشى ليكون الاستيقاظ مدويا ومفزعا ومهولا على ايقاع وخز وركل، وتصفيد وكراهية، تنفجر فجأة في وجهك المسالم لتحيله متلاشيا كسيفا مهزوما مفجوعا متسائلا أين انا؟ وإلى أين انا؟ ولماذا انا؟ وكيف لي والاحتجاج، ولماذا طرحت السؤال؟ وغامرت بالمطالبة باستحضار الحضارة، ظنا مني انه قد يكون للحضارة حيزا، أو مكانا في بيت أعرف تفاصيله اكثر من غيري و أساهم فيه على قدر موقعي، عناية و ترتيبا و خدمة و بناء وتحصينا. كل الثوابت تنزاح وكل الكلام المعسول يتبدد، ولا تبقى إلا حقيقة واحدة ساطعة كاشفة فاضحة، إن الدرب شاق وطويل، في بناء دولة الحق والقانون، وتوازن السلط، وبناء المؤسسات، وسيادة القانون و"قوننة " الأجهزة وإخضاعها للمراقبة، وفرض أنسنتها وتخليقها لتفادي تكرار ما مضى وتفادي تبرير ما يقع بكونه عاديا ما دام غير ممنهج وأن المساطر تحترم في"عز" خرقها وتجاوزها وإلغائها… في واقع الجزر المعزولة، والمغرورة بنزعاتها القبلية، وعصبيتها النخبوية والفئوية المتعالية، تنتعش الطحالب، وتكثر الطفيليات، وتستأسد الحشرات الضارة، لتنقص المناعة، ويسهل الاختراق، فتضيع العدالة، ويهان بيسر المواطن العادي قبل المواطن الرمز، بمعنى العارف، والقادر على الفضح، وعلى الدفاع عن ذاته بمقتضى الانتماء والدستور والقانون وثوابت المملكة "السعيدة "…..بسعادة اراضها ومواطنيها واحترام الإنسان على أراضيها، في بحرها، وسمائها، وممرات إحيائها، وشوارعها …. وعلى أبواب مدارسها، وفنادقها وحاناتها، و مساجدها ومحاكمها وحدائقها، وعلى ضفاف شواطئها. لا يأس ولا إحباط، لا حقد ولا كراهية، لا غرور ولا" حكمة"، "متواطئة" فقط وحده حب الوطن، وكرامة المواطن، بمنأى عن موقعه ومركزه، يشعل لهيب غضب رهاف الحس، غضبا وقلقا على وطن نريده لنا و لأبنائنا، وبناتنا، أمنا عادلا متاحا، إنسانية وكرامة وعدالة، وحلما فسيحا في حاضر وغد أجمل وأرقي …..