شهدت الندوة التفاعلية التي نظمها موقع "لكم" مساء الخميس الماضي، احتدام النقاش بين القيادية والوزيرة السابقة في حزب العدالة والتنمية، بسيمة الحقاوي، والقيادية النائبة البرلمانية السابقة في حزب الإتحاد الإشتراكي، حسناء أبوزيد. وقالت بسيمة الحقاوي إنَّ "حزب الإتحاد الإشتراكي، تولى الحكومة بقيادة المرحوم عبد الرحمان اليوسفي، وفي سنة 2002 تنازل عن حقه حتى لا يتصارع مع الملك وحتى يُحافظ على نسق النضال الموجود في البلاد". وأضافت الحقاوي أن "الإتحاد الاشتراكي لم يستفد من تاريخ صراعه مع القصر الملكي، الذي ضيع الكثير من الوقت على المغرب"، على حد قولها ما أدى بالمغرب إلى "التأخر لسنوات بسبب صراع اليسار مع القصر الملكي". وأردفت بسيمة الحقاوي إن "الملك الراحل الحسن الثاني كان يُعطل أعماله لأنه كان في مراقبة مستمرة لترويض هذا الحزب أي الإتحاد الإشتراكي"، مشيرة إلى أن "الحزب نفسه أهمل تنظيمه الداخلي لاحقًا، ومشروعه، و فوت على المغرب الكثير من الوقت بسبب هذه النزاعات والمحطات والتي لازالت اليوم تُخيم بظلالها على الحركية الحزبية وتُخوف القصر". وتابعت بسيمة الحقاوي قولها: "لو حافظ حزب الاتحاد الاشتراكي على تنظيمه ومناضليه في داخله، وبالحرية المطلوبة للمناضل لكي يقومَ بواجبه إزاء وطنه وحزبه، لمَا هرب مناضلوه من هذا الحزب وتشردوا بين الأحزاب، وانتقلوا إلى أحزاب أخرى وبات البعض منهم حتى دون حزب". التقية والترهل وفي هذا الصدد، ذكرت الحقاوي أنه "كيف يعقل في سنة 1997 حصل هذا الحزب على المرتبة الأولى، وفي 2011 يُصبح هو الحزب الخامس ولم يستطع تشكيل حتى فريق برلماني" مشيرة إلى أنه "لولا دخول الحزب العمالي بدعمه من خلال أربعة برلمانيين، لمَا استطاع تشكيل فريق برلماني من مجموعة 20 برلماني". واثارت هذه النقطة، جدلا خلال الندوة التفاعلية، بين حسناء أبوزيد القيادية الاشتراكية وبسيمة الحقاوي، إذ تدخلت حسناء أبوزيد لاحقًا مخاطبة الحقاوي: "اسمحي لي سيدة بسيمة أصحح لك، حيث أن حزب الاتحاد الاشتراكي حصل في انتخابات 2011 على 39 مقعدا وليس 20 مقعدًا، والانذماج مع الحزب العمالي حصل سنة 2013 بأربعة برلمانيين". وأضافت حسناء أبوزيد: " أخشى البراغماتية الاخلاقية والانتهازية الاخلاقية، التي يُضاف إليها القدرة على التضليل، التي تكاد تشبه أو تنهل من منهل التقية، وهو ما عاشوه معكم المغاربة في تبرير كل شيء، وصححي معلوماتك بشأن لبنات البناء الديمقراطي في المغرب" تقول أبوزيد. وفي إطار متابعتها للحديث عن حزب الإتحاد الإشتراكي، طرحت بسيمة الحقاوي أيضًا المآل الذي آل إليه هذا الحزب اليوم، وقالت إن هذا الموضوع يطرح سؤال كبير جدًا، حول كيف وصل حزب الاتحاد الاشتراكي لهذا الوضع المؤسف جدا، وكيف وصل إلى هذا الترهل، قائلة:"اعتقد أنَّ حزب الاتحاد الاشتراكي لا رجعة له من هذا الترهل، بسبب انهيار البناء التنظيمي الذي أدى إلى ضياع مناضليه". العلام: اليسار تقوت شعبيته حينما اصطدم مع القصر واستحضرت الحقاوي أطروحة حزب العدالة والتنمية التي تكلمت عنها البرلمانية حسناء أبوزيد، حول النضال الديمقراطي للحزب، قائلة: "إن حسناء أبوزيد لم تفهم أنَّ حزب العدالة والتنمية في المؤتر السابع سنة 2012، غير أطروحته من النضال الديمقراطي إلى البناء الديمقراطي". وقالت الحقاوي إن ذلك "راجع إلى تغير وضعنا السياسي، إذ لم نعد في المعارضة حيث نناضل من أجل الديمقراطية، ولكن أصبحنا في موقع التدبير وبتالي علينا، أن الانخراط في البناء الديمقراطي". ومن جهته أوضح عبد الرحيم العلام، استاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، حول ما دفعت به بسيمة الحقاوي، بشأن انشغال القصر الملكي باليسار مما عطل فرصة التقدم والإصلاح في المغرب، مسجلا بأن أزهى أيام اليسار كانت في فترة اصطدامه مع القصر ، وحاز أنداك شعبية بالغة، حيث كان المغرب يشهد صراع بين سلطتين قويتين. وختم العلام أن حزب الاتحاد الاشتراكي وباقي الأحزاب السياسية الأخرى في المغرب، ضاعوا لما انخرطوا في اللعبة السياسية، وأصبحوا يلعبون دور الوساطة ما بين المجتمع وما بين الدولة، مستغربا كيف يتم وصف الأحزاب بأنها مؤسسات وساطة، وقال إن :دور الأحزاب يجب أن تكون هي تمثيلية المجتمع وليس القيام بدور الوساطة". القاسم الانتخابي ومسيرة "ولد زروال" وفي سياق آخر وصفت بسيمة الحقاوي، القاسم الانتخابي الذي عارضه حزبها بأنها شكل آخر من أشكال "مسيرة ولود زروال" التي تم تنظيمها عام 2015 قبيل الانتخابات البلدية والتشريعية. وذكرت الحقاوي، أن هذه المسيرة، كانت عبارة عن عمل بليد من أجل الضرب تحت الحزام في حزب العدالة والتنمية واستهدافه بدرجة أولى، مشيرة إلى أن المسيرة لم تؤتي أكلها، كما كان يعتقد منظميها، والذين خططوا لها. واعتبرت الحقاوي، أن مسيرة "ولد زروال" لازالت بأشكال مختلفة، قائلة في هذا الصدد "هذه الأشكال بما فيها قضية القاسم الانتخابي حسب عدد المسجلين في الانتخابات، فهذه مسيرة ولد زروال ثانية، حيث يجتمع فيها كل الأحزاب ضد حزب واحد". واستغربت الحقاوي كيف أن "الإعلام كذلك انساق مع الموجة التي هي ضد حزب العدالة والتنمية، وأن الكل يتوحد في لغة واحدة ضد هذا الحزب، ويجد هذا الحزب نفسه في فواهة المدفع، ومع ذلك فهوَ لا يتظلم على الرغم من أنه يُظلم" تقول الحقاوي. وفي هذا الصدد، وعبر مداخلته ضمن نفس الندوة، أوضح الباحث في العلوم السياسية، حسن الزواوي، أنه "عندما يكون أي حزب سياسي في ممارسة للسلطة، فإنه من الطبيعي أن يتعرض للنقد، لأن السلطة لا يمكن أن تكون دائما على مستوى انتظارات الشعب، بما أن اكراهاتها تجعل الحزب ينتقل من منطق الكلام إلى منطق الفعل".