محمد عزلي في بدية القرن العشرين وفي سياق تنزيل مشروع التوسعة أو “الإنسانتشي” خارج أسوار مدينة العرائش من قبل سلطات الاحتلال الإسباني، تمت تهيئة هذا الشارع الذي حمل حينها اسم كاناليخاس Calle Canalejas تكريما لذكرى رئيس الحكومة الإسبانية “خوسي كاناليخاس مينديس” الذي قتل بالرصاص في 12 من نونبر 1912، وكان كاناليخاس محاميا شهيرا وشخصية سياسية قيادية، تقلد العديد من المناصب الرسمية من بينها توليه الوزارة لعدد من الحقائب أهمها وزارة العدل و رئاسة الوزراء، قبل أن يلقى حتفه على ناصية مكتبة كان يقتني منها كتبه وسط العاصمة مدريد برصاص أحد المعارضين الذي انتحر فور تنفيذه للاغتيال بنفس سلاح الجريمة. أخد الشارع دورا حيويا بوصفه القلب النابض لمدينة العرائش، ومحجا لكل أطياف المجتمع، لما وفره من مرافق اجتماعية، دينية وثقافية وترفيهية، (كنيسة ديلبيلار ومدرستها، مسرح إسبانيا، قاعة سينما إديال، مطبعة ودار نشر كريماديس، بنك بلباو، فندق إسبانيا، مكتبات، مقاهي، حانات، ومحلات تجارية عصرية..)؛ يمكن اعتبار الشارع نموذجا مصغرا لإسبانيا العصرية المتطورة، نموذجا للمدَنِيّة الحديثة و ثورة الهندسة المعمارية الإسبانوموريسكية على اختلاف مدارسها “الحداثية، الكلاسيكية، النيوكلاسيكية، الإكلكتيكية، النيوعربية ..” نتج عن هذا النسق في النصف الأول من القرن 20 نمط عيش ميزته التنوع والاختلاف والغنى والتلاقح بين ما هو محلي أصيل وما هو عصري دخيل، ميزته كذلك الإبداع والإتقان والدقة في رسم الزخارف وتفاصيل الجمال، هذا التطور والتمدن بلغ أوجه في منتصف القرن العشرين بمدينة العرائش عموما، وهذا الشارع الشهير بين أبناء المدينة باسم “الباسيو” تحديدا، ومع استقلال المغرب سنة 1956 أصبح الشارع يحمل اسم “مولاي الحسن” ثم شارع الحسن الثاني، ورغم التغيرات التي عرفها الشارع في العقدين الأخيرين، إلا أنه لازال يحمل روحه البادية على تفاصيل عمرانه التراثي المتبقي ذو الطابع الأندلسي البديع، يشوبه الكثير من الأسى لفقدان مسرح إسبانيا وقاعة سينما إديال، وانتشار الفطريات الإسمنتية العشوائية التي لم تأخذ بعين الاعتبار مراعاة معايير الجمال والتناسق مع النمطية العمرانية المجالية. لازال شارع الحسن الثاني إلى اليوم نواة للحيوية والحركة التجارية النشطة، ومكان التقاء الشباب المحلي، الشيء الذي جعل القائمين على شؤون المدينة يقفلون الشارع نهائيا عن المركبات ليتم تهيئته سنة 2008 وتخصيصه للراجلين.