فاطمة بالعادل بروكسيل فاعلة حقوقية ومعالجة نفسية كيف يمكننا قراءة وضعية المرأة المغربية، داخل مجتمع ماقبل الديموقراطية؟ انه السؤال الذي بنيت عليه موضوع مداخلتي في اللقاء الذي نظم من طرفPSU هنا ببروكسيل، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة. خلال محاولة من البحث والاجتهاد في الموضوع، وبناءا على تجربة شخصية وجدتني وجها لوجه امام كم هائل من الاحاسيس المتداخلة فيما بينها، وهي أحاسيس لا تخرج عن مربع الشعور بنوع من القهر والظلم واللا عدل الذي يسيطر على الوجود والمعاش اليومي بشكل عام داخل الوطن. وبالإضافة إلى هذا الشعور المؤلم ليس إزاء ما تعيشه أغلبية الفئات المهمشة رجالا ونساءا واطفالا بشكل عام، بقدر ما وجدت صعوبة في الحديث عن المرأة بمعزل عن الحديث عن حضور الرجل والطفل في هذا اليوم التاريخي للمرأة. لم اتحدث عن حالات الاستغلال والحرمان المادي والجسدي الذي تتعرض له النساء الكادحات والمهمشات والمقصيات من اية مساهمة فعلية بناءة في تنمية المجتمع وتقدمه، بقدر ما استهللت تدخلي بهته المقدمة لتقرير التنمية الانسانية العربية للعام 2002، مقدمته العامة بخلاصة جامعة تؤكد على ان "الثروة الحقيقية للأمة العربية تكمن في ناسها رجالا ونساء واطفالا.وتحريرهم من الحرمان بجميع أشكاله، وتوسيع خياراتهم لا بد أن يكون محور التنمية في البلدان العربية. " يشكل هذا التقرير تحولا استراتيجيا جوهريا في النظر الى الإنسان والتنمية من خلال تعريفه للتنمية اساسا على أنها تنمية الناس ومن قبل الناس ومن اجل الناس. في هاته النقطة بالذات نجد أنفسنا وجها لوجه امام وضعية الأساتذة الذين فرض عليهم الاشتغال بالتعاقد، ويبقى السؤال هل تتمتع حقا هاته الفئة من رجال ونساء التعليم بالشروط الحقيقية من حرية الاختيار؟ وهل كانت أمامهم خيارات بديلة حقيقية؟.... ان ما آلت اليه وضعية الأساتذة الذين فرض عليهم الاشتغال بالتعاقد يشير بالأساس إلى جوهر القضية وهو ببساطة شديدة حرمان من الحرية ومن المعرفة. ان حالة التقهقر والتخلف العام يرجع بالأساس إلى غياب ديموقراطية حقيقية ومع غياب دولة الحق والقانون يغيب الاعتراف بانسانية الإنسان، نحن نعيش في مجتمع لا زالت تحكمه المخابرات والبوليس السياسي كركن اساسي للمثلث الذي يعززه وتتممه العصبيات والاصوليات.... ما نعيشه الان هو هدر لقيمة الإنسان، هدر لطاقاته وابداعاته وهدر لإمكانياته في السيطرة على زمام الأمور وصنع حاضره ومستقبله، بمعنى تنكر لانسانيته وعدم الاعتراف بقيمته. النظام الشمولي المستبد لا يفرق بين الجنسين لان سلطته خارجية.... لكن العصبيات والاصوليات الدينية تكمل هاته القوة والقبضة فتتكفل بالسيطرة على الجانب الداخلي للانسان وتضع له سقفا وحدودا للتفكير، عاملة على ترويض الناس بالامتثال والا نخراط في ثقافة القطيع والعبيد..... مثل هاته الانظمة تعمل على نشر ثقافة الخضوع من جهة و نشر ثقافة الياس عند كل من حاولت او يحاول التفكير من خارج التناقضات. لا بد من تسمية الأشياء بمسمياتها حتى يصبح الحديث في الديموقراطية والحرية فاعلا ومؤثرا لا بد بالتالي من العمل بجد وبشكل دؤوب على وضع حد لهدر قيمة الإنسان، فلا ديمقراطية بغياب هاته القيمة التي هي الأصل والوسيلة والهدف اي الإنسان.