وقد رأيت من الطرافة بمكان أن أورد وصفا لملابس أهل تطوان من الرجال والنساء، على لسان كاتب إنجليزي يسمى جون وندوز (John Windus) زار تطوان في سنة 1721م، أي في عهد السلطان مولا إسماعيل، فكتب مشاهداته وملاحظاته حول ما رآه بالمغرب، ودون كل ذلك في كتابه الذي سماه "رحلة إلى مكناس محل إقامة إمبراطور فاس بالمغرب بمناسبة سفارة المستر ستيوارت لفداء الأساري البريطانيين سنة 1721". حيث قال: (ملابس الرجال: وطريقة لباسهم التي لا تخلو من رونق، هي كما يلي: الرجال يلبسون قمصانا قصيرة بأكمام واسعة يتركونها أحيانا مفسوخة، ولكنهم في الغالب يربطون طرفيها بأكتافهم ليبقوا مستريحين. والسراويل من كتان، ويجعلونها واسعة ويربطونها في وسطهم، واصلة إلى الركب، يمشون حفاة أو بأحذية خفيفة منخفضة من جلد أصفر أو أحمر، وفوق القميص صدرية (بدعية)، وكل واحد يختار اللون الذي يعجبه، وهي قصيرة تغطي نصف الجسم، وبها عقد مزدحمة، وأحيانا تكون مخيطة بخيوط فضية أو ذهبية. وحول وسط الشخص، يجعل حزام من حرير أو ثوب – حسب الاستطاعة – حيث يعلقون سكاكين مقابضها إما من معدن ثمين وإما من عاج، ونصالها مزينة بالفضة. واللباس الخارجي هو الكساء أو السلهام، والكساء يشتمل على قطعة من صوف رفيع، بيضاء اللون، طولها ما بين خمسة وستة من اليرادت، وعرضها نحو يردة ونصف، وتجعل فوق الأسلحة أو تحتها، فيبدو هذا اللباس وهو لا يختلف كثيرا عن الألبسة القديمة. أما السلهام (البرنس)، فمصنوع إما من ثوب وإما من صوف غليظ أخشن من ثوب الكساء، وهو يشبه بعض الملابس الأفرنجية، غير أنه ضيق قليلا تحت العنق، وفيه صنفان أو ثلاثة من سفايف مخيطة في الثوب، وتستعمل للتزيين. والوسط والجوانب تنتهي بسفيفة واسعة وخلف العنق يجعل غطاء الرأس (قب)، وهو مخروط الشكل، وبطرفه ذيل، ويجعلونه على رؤوسهم. وعلى رؤوسهم – التي هي دائما محلوقة – طربوش صغير لونه أحمر، وعليه عمامة، ومن ذلك يتكون غطاء الرأس، وحين يخرجون إلى الخلاء، يضعون على رؤؤوسهم قبعات كبيرة تقيهم حر الشمس، وجميع المسلمين يلبسون ذلك، لا فرق بينهم إلا في أن لباس الأغنياء يكون من صنف ممتاز، أما الفقراء منهم فكلهم يلبسون ثيابا تسمى جلابية، مصنوعة من صوف خشنة، بدون أكمام، وإنما فيها ثقب منها يخرجون أيديهم، وتصل تلك الثياب إلى ركبتهم، فتكون حول الجسم كخنشة. والقواد يضعون حول وسطهم حزاما من جلد مطروز بالذهب، يربطون فيه سيوفهم المعلقة بالحمائل. ملابس النساء: والنساء حين يخرجن بوتهن، يلبسن قريبا من الرجال، ولباسهن الخارجي كساء (حايك) يتسترن به من رأسهن، وحتى عيونهن يجعلن حولها قطعة من ثوب يسترن به الجزء الأسفل من الوجه، وذلك الكساء يستر جميع الجسم ما عدا الرجل التي تكون على العموم بدون جوارب، ما عدا نساء الأعيان، فإنهن يلبسن سراويل طوالا تنتهي بثنيات تصل إلى الأعقاب، وأحذيتهن تشبه أحذية الرجال. وفي دورهن يبقين عاريات الرؤوس، فلا يضعن عليها غير خمار، وشعرهن مغسول يجمعنه في ضفيرتين يسدلنهما وراء ظهورهن، ويلبسن صدريات (بداعي) تغطي نصفهن الأعلى، ويجعلنها مفتوحة من أمام، لتظهر زينة الأقمصة المطروزة، وأكمامهن يربطن بها قطعة خفيفة تبقى مدلاة منها، وسراويلهن أوسع من سراويل الرجال، وتصل عادة إلى البطن، وفوق تلك السراويل أقمصة قصار، ويضعن في أيديهن أساور وفي أرجلهن خلاخل، وفي آذانهن أقراطا كبيرة، ولهن عيون جميلة جدا، ولبعضهن بشرة جميلة أيضا. العنوان: تطوان، سمات وملامح من الحياة الاجتماعية ذ. حسناء محمد داود منشورات مؤسسة محمد داود للتاريخ والثقافة (بريس تطوان) يتبع...