على إثر وضوح الإرتباط بين تنظيم داعش ومنفذي العمل الإرهابي بمنطقة شمهروش، ونشر شريط فيديو يوثق لبيعة الأشخاص الضالعين لأبي بكر البغدادي قبل تنفيذ جريمة قتل السائحتين الدانماركية والنرويجية، مما حسم طبيعة الجريمة من أي احتمال آخر واجتمعت أركان الجريمة الإرهابية مكتملة لتزيل كل مظاهر اللبس عن الفعل الإجرامي وتصنيفه ضمن قائمة الأفعال غير العادية والتي خرجت من بين المحاولات التي أحبطتها المؤسسات الأمنية والمقدرة بحوالي 183 عملية تفكيك لخلايا إرهابية استهدفت النيل من المملكة المغربية.
لقد أصبح واقع السياسة الدولية يعتمد على آلية جديدة لتحديد الإتجاه السياسي ونوع العلاقات مع الدول بحيث أصبحت المواقف تجاه القضايا والمشاكل المطروحة دوليا تحسب بطريقة ذكية ويتم تصريفها وإخضاعها لعملية تصفية الحسابات في إطار التآمر وإدراجها ضمن سياسة دولية تعتمد على الليهوب lihop القائمة على تمويل جماعة مسلحة لخوض حرب بالوكالة والنيل من الدول التي لها مواقف غير مؤيدة لقضية معينة مثل موقف المغرب من قضية خاشقجي التي أربكت الحسابات العربية السعودية في الأوساط الدولية ومنها رفض زيارة بن سلمان لعدد من الدول من بينها المغرب. وعليه يمكن ربط العملية الارهابية بمنطقة الحوز بأسباب ذاتية وأخرى موضوعية كما يلي: الأسباب الذاتية: - الإمتداد الديني الإسلامي وضعف الثقافة الدينية الإسلامية لدى المواطن المغربي، بحيث أن استقطاب مواطنين بسطاء في ثقافتهم يسهل اقناعهم بتقديم خدمة باسم الدين وربط ذلك بالجزاء في الدنيا والآخرة كأن يكلف المبايع بصفته ممثلا لأمير المؤمنين والنيابة عنه في تنفيذ ما يؤمر به تجاه الكفار وأعداء الله حسب فلسفة الجماعة الإرهابية، بالإضافة إلى جزاء الآخرة المتمثل في ضمان الجنة وحسن المقام والدرجة العالية التي تنتظر كل من يحارب الكفار ويفدي نفسه في سبيل الله.. - البؤس والشقاء والحرمان والظلم بمختلف أنواعه الذي يتعرض له المواطن الشيء الذي يجعله يفكر في التخلص من وضعيته لدرجة يتمنى الموت ويتمنى لو اتيحت له الفرصة للانتقام بكل الوسائل لاسيما مع عقلية لم يعد لديها وقت لكي تصغي طويلا وتتساءل عن التعليل، بحيث أصبح تفكيرها ينحصر في التصويت بنعم أو لا، بمعنى القبول أوالرفض، وبما أن المعاناة الناتجة عن تدمر علاقة الانسان بنفسه غائرة فان الشخص غالبا يختار الانضمام بل يسارع الى ان يتخلص مما يعانيه على حساب الآخرين دون معرفة من ؟ ولماذا ؟. - الوضعية الاقتصادية التي لم تستوعب كل المواطنين وانتشار البطالة و الإبقاء على الشخصية المهزومة في ظروف البداوة والتخلف وربط العمل بشروط لا يمكن توفرها إلا بعد تعليم جيد أو تكوين مهني، وهذا ما يؤدي إلى تقوية الموقف الرافض لسياسة الدولة باعتبارها المسؤولة عن توفير فرص العمل والشغل للمواطنين. أما الأسباب الموضوعية فتكمن فيما يلي: الحياد الذي سجله المغرب تجاه العلاقات بين العربية السعودية وتركيا وبعض قضايا الشرق الأوسط الاخرى من جهة وانحيازه الى ملفات اخرى كقضية القدس حيث يرأس الملك لجنة القدس واعلان برلمانيي العالم الاسلامي بان القدس عاصمة لفلسطين من تركيا في خضم الأسبوع المنصرم بالإضافة الى تغيير المغرب لموقفه من حرب اليمن. - الصراع الذي يخوضه المغرب مع التنظيمات الإرهابية وإفشاله لحوالي 183 محاولة إرهابية مما يدل على أن الصراع قائم وجدي مع السرطان التخريبي. - الإنفتاح المغربي على الثقافات العالمية دون ضمانات ومساعدات أمنية كافية، تعزز قدرات المغرب لمواجهة الغدر القاتل والذي يحاول ضرب العلاقات المغربية مع المجتمع الدولي وبالتالي البحث عن تصنيفه ضمن الدول الإرهابية وغير الآمنة. - العلاقات الإستراايجية التي تربط المغرب بكبار الدول بالإضافة إلى التحول نحو دول الجنوب ولاسيما القارة الإفريقية وما عقب ذلك من دفاع عن حقوق دول و شعوب الأمة الإفريقية. - الإستثمارات التي اتجهت نحو المغرب من خلال الشركات التي فضلت الوجهة المغربية لوجهة آمنة وموفرة لمناخ الأعمال بالإضافة إلى الإقبال المهم على السياحة . ومن حيث التدابير فيمكن العمل على: - من المفروض ان يتم الافصاح الصريح عن مواقف التنظيمات الدينية في المغرب على اختلافها الجماعاتية والحزبية عن شجب السلوك الارهابي كيفما كان نوعه، وتنظيم مسيرات شعبية رافضة للمس بأمن وسلامة المغرب و فصل الاعمال الارهابية و التخريبية عن الدين الاسلامي السمح. كما على المغاربة في اوربا ان ينددوا بالعمل الارهابي ضد بلدهم وضد بلدان اوربا على حد سواء ، والتقدم الى المجتمع الدولى بطلب توفير الدعم الكافي والمتنوع لمواجهة كل الاحتمالات وملاحقة العناصر الارهابية بمد المغرب بما يمكنه من الاطر الامنية الكافية واللوجستيك ونظم المعلوميات المتطورة والدعم المالي الكافي للنهوض التنموي الشامل الذي يمكن معه تجفيف منابع التطرف والارهاب. - ينبغي أن تؤخذ الإحتياطات الضرورية والقصوى لتفادي الخطر بالموازاة مع حلول رأس السنة الميلادية وأيضا بصفة دائمة مع الإشادة بمجهودات المؤسسات الأمنية والرفع من معنويات رجال الأمن ومكافأتهم بما يناسب لمواصلة البذل والعطاء. ولا يمكن في ظل القانون الجاري به العمل تحقيق الردع ما لم يتم حسم قضية الإرهاب وربط العمل الإرهابي بشتى أنواعه بعقوبة بالإعدام . إن الحروب بالوكالة أصبحت اليوم تهدد جميع الدول وأصبح غير منطقي قبول ديبلوماسية الحروب باسم الجماعات المتطرفة والتي قد تمولها شركات كبرى تبحث عن خط الهيمنة الاقتصادية باللعب على الأوتار الأمنية والدينية للمرور إلى الثروات.