طالب جامعي بكلية الحقوق مراكش تمضي الأيام وتمضي السنين، لنجد أنفسنا قد مضيان نحن أيضاً لنصل الى حيث كتب لنا القدر ذلك... فقد نتذكر اللحظات التي أمضيناها داخل كليميم، وايضاً زيارتنا للمداشر الاخرى في أقاليم الصحراء التي لازالت لم تجد لنفسها كنية او بالأحرى اسما يمكن اعتباره عائليا.. نجد أنفسنا في مدن الشّمال من اجل إكمال دراستنا داخل وطنٍ اعترف لنا صراحة كوننا مواطنين نحمل جنسيته، لكن ماذا بعد؟ لأتحدث بكل وضوح دون ان يحتاج كلامي لقراءة ما بين السطور فنحن أبناء كليميم و وادنون ككل نعاني من ميزٍ عنصري من كلى الطرفين... على اعتبارها فطمت حتى من تلك الام التي ارضعتها، فُطمت من الصحراء التي اعتبرت من نفسها بوابة لها، فُطمت لكون من يقطنون في صحراءها أصبحوا ينادوا أبناءها بمسميات عنصرية، ناكرين خيرها وكرمها.. ففي الصحراء تلك التي عليها يتنافس المتنافسون، حينما يراني الشاب اوالشيخ او الام هناك، يرونني أرتدي "الفوقية الزرقاء" التي يطلقون عليها اسم "خمسة ستة"، او بانتباههم لكيفية نطقي للكلام، مباشرة ينادونني وبسخرية ب"ولد الحفرة"، او تسميتي ب"الشليّح" على حد وصفهم، ناسين بان كلا الوصفين يعتبرُ شرفاً كبيرا لنا.. فكليميم تلك التي وصفوها ب"الحفرة" هي حفرة جود وكرم، وأبواب بيوتها لا تعرف ما نسميها محلياً لدينا ب"الصّقطَة" من أين تأتيها.. اما وصفهم لي ب"الشليّح"، ف"الشلح" او بالأحرى الامازيغ، حتى نعرف من يكونون، ما علينا سوى الخروج قليلا للشارع لنجد ان هنالك أطباء ومهندسون ومحامون أمازيغ، ولا مبالغة في هذا الشأن... اما في الطرف الاخر الذي اعتبرناه موطنا لإكمال الدراسة، فالسخرية والعنصرية فيه اعظم...، انه شمال كليميم، من تيزنيت الى طنجة، هناك يسمونني بالصحراوي، ومنهم من يزخرفها لتصبح "الصحراوي تحت الخيمة" ليكون تمييزهم لي بهذا الاسم على أساس المنطقة، ومنهم اخرون لتسميتهم لنا شكل اخر، فيه من الكراهية والحقد ما لا يمكن للضمير تقبله.. انهم يطلقون علي اسم "الانفصالي" على أساس ما في الصحراء من نزاع... وبمُسمياتهم هذه نتَميّز.. ف"الصحراوي" اللقب الذي تظنون أنفسكم تعايرونني به هو الأصل والمكان الذي ترعرعنا فيه، ولولاه لما كانت بلادنا وبلادكم بهذا المستوى، اما "الخيمة" فهي الدار الكبيرة التي فيها كان يقطُن الآباء والأجداد، أولئك الذين ضحوْ بعمرهم من اجل تحرير المنطقة من الاستعمار، أولئك هم الذين سماهم مقرر الاجتماعيات الذي كنا ندرسه معا فيه ب"جيش التحرير".. انهم أبناء الخيمة ولنا شرف كبير ان نظل تحتها مسايرين الحضارة بكل معانيها... اما لقب الانفصالي، فلا رد عليه افضل من ما قاله أستاذنا الوادنوني الكبير الدكتور عبد الرحيم بوعيدة حين قال في مقال له: "الانفصال يليق بي تماما كما الأسود في رواية أحلام مستغانمي… لأني منفصل عن أمثالهم الذين يتقنون النفاق والوصولية ويتحركون إرضاء لحراس المعبد"... ويا أسفاه لو ظلّ هذا التخلف في بلادنا فسيأتي السياح ليتفرجوا علينا بدلا من الآثار..