واكَبتُ بالقراءة والمدارسَة والنَّقد حُزَمة المشاريع التي أنجزتها الجهات الرسمية لفائدة قطاع التعليم الأساسي والعالي، من “الميثاق الوطني للتربية والتكوين”، إلى “17 عقدا من أجل الجامعة المغربية”، و”الكتاب الأبيض”، و”الوثيقة الإطار؛ مدخل التربية على القيم، مدخل التربية على الاختيارات، مدخل الكفايات”، مُروراً ب”المخطط الخماسي للوزارة/مشروع التعديلات البيداغوجية” و”دفاتر الضوابط البيداغوجية لسِلكي الإجازة والماستر”، و”الخطة الإستراتيجية لإصلاح التعليم 2015-2030″، وتقرير “التعليم العالي بالمغرب؛ فعّالية ونجاعة وتحديات التعليم الجامعي ذي الوُلُوج المفتوح”، ومُلخّص “التقرير التحليلي البرنامج الوطني لتقييم مكتسبات تلاميذ الجذع المشترك”، وُصولاً إلى “القانون الإطار 51.17”..؛ وتَعرَّفتُ عَبْرَ كِتابَينِ قيِّمَينِ للراحل (محمد عابد الجابري) هما: “التعليم في مسارٍ مُتعدِّد الأوجُه – جُزئين”، و”من أجل رُؤية تَقدمية لبعض مشكلاتنا التربوية”، مُختلِفَ الأطوار التي قَطعها التَّنظير للمسألة التعليمية في المغرب الراهن، وما دارَ في الظِّلِّ من خصومات ومُزايدات واحتكارٍ وتَأويلاتٍ حادّة لما عليهِ تعليمنا وما يجب أنْ يَصيرَ إليه..؛ فضلاً عن بَعْض الخُطب المَلَكية ذات الصِّلة بالشأن التعليمي، وكذلك ما صَدَر عن بعض الفصائل والمنظمات الطلابية من وثائق ذاتِ مُقتربات نقدية وأخرى اقتراحية وأخرى عَدَمية وغيرها، قَصْدَ الإحاطَة علِماً بالتوجّهات والاختيارات الكُبرى التي تَحُكم عَقْلَ الدولة إزاء هذا القطاع الهام، ولتمْييزِ مداخِل التمَيُّز في تلكم الوثائق وجونِب القُصور فيها، وبالتَّبَع، فَهْمُ الأعطاب الناجِمة عن تطبيق أو عَدَم تطبيق تِلكم الموجِّهات والتوصيات والوثائق التي صُرِفَت من أجْلِها أثْمَن الأوقات والميزانيات. وبَدا لي أنَّ المُستَنَدات التصورية والمنهجية والوثائق في مُجمَلِها جيِّدَة إنْ لَم أَقُل “رائدة” على مُستوى الوَرَق/النصّ، غير أنَّ يَقينِياتي الكُبرى أضْحَت مُؤمِنة بأنَّ داء العَطب قديم، ومَرَدُّه؛ سوءُ التّنزيل، واعتِماد السياسات التّرقيعية، ونَهْجُ الغشّ والتحايل، وعَدم رَبْط المسؤولية بالمُحاسَبَة، واحتِقارُ شرائح واسعة من الإعلاميين والمجتمع والمُثَقَّفينَ المُنسلِخينَ للتعليم واللغة العربية والتربية على المواطَنة..، والنّظَر إلى التعليم والمتعلِّم لا باعتِبارِهما مِنصَّتا انطلاقِنا ومنابع قوّتنا ومجالاَ تنافُسنا في عالَمٌ يقوم على العِلم والتقنية والابتكار وإدارة المعرفة وإنتاجُها؛ بل النظر إليهما كَجَيْبَيْنِ مُرْهِقَينِ مُكلِّفَينِ لا فائدة تُرجى منهما. لا أدَّعِي أنَّها نَظرةٌ تحكُم الفاعِل الرَّسمي أو إرادَةً مقصودة من الدَّولة أو الحكومة أو المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي..؛ ولكَّنها الوقائع المتتابِعة في القطاع وفُشُوُّ الاحتجاجات والمظاهرات والمذكّرات والبيانات منذ مارس 1965 وإلى غاية مارس 2019 على مظاهِر التعثُّرات والاختلالات التي يعرِفها التعليم الأساسي والعالي والمعاهِد العُليا، هيَ التي تُؤكِّدُ “يقينياتي” وتجعَلُنا أمام تناقُض غريب، وعُسْرٍ في استِيعابِ كيفَ أنَّ قطاعاً واحدا وأساسيا شهِدَ كل هذا السجِّل الحافِل من النَّقد والتقويم وإعادة التقييم والاعتراض والاحتجاج والترافع المدني والانتفاض الطلابي والتَّلْمَذي والإجماع الوَطني على “فشَلِه” و”كارِثِية نتائجه وانعكاساتها على الدولة والمجتمع والنموذج التنموي..”، ولا يزالُ يعيشُ نفسَ “الوضع المقلُوب” رُغْمَ ما أُحيطَ به من ميزانيات و”بريكولاج” لا يُسمِن ولا يُغني من جُوع. إنَّ جودة المضمون والتنظير والتأصيلِ لا قيمةَ ليها إنْ لَم يُوازيها الجِدُّ في التنزيل و”المعقول” في التّحصيل، فليسَتْ الوثائق المرجعية والتصورية والتشريعية مُجرَّدَ كلِمة..؛ بل حقيقة؛ والحقيقة ما نَرى، لا ما نَقْرأ أو نَسمَع. فأنصِتوا لنا؛ نريد تعليماً يَليقُ بنا، وقِطاعاً تعليماً يُباهي بنا ونُباهي به. 1. وسوم