علمت جريدة "العمق" أن السلطات بمدينة مراكش سحبت وصل الإيداع الذي سلمه قائد ملحقة إدارية "أسكجور المحاميد"، والذي سمح بتأسيس مكتب نقابي محلي للسائقين المشتغلين بالتطبيقات المهنية. وعن أسباب سحب الوصل، أوضحت مصادر خاصة لجريدة "العمق"، أنه جاء نظرا للعديد من الاعتبارات، وأنه "لم يكن دقيقا". كما أن السلطات الولائية، أوضحت للهيئات النقابية الممثلة لقطاع سيارات الأجرة، أنه "لم يعد هناك أي تنظيم يمثل السائقين المهنيين المشتغلين بالتطبيقات، وأن الموضوع قد طوي". جاء ذلك بعدما أثار وصل الإيداع المذكور، جدلا كبيرا بمراكش، حيث فهم منه على أنه بداية للسماح لأصحاب هذه التطبيقات بالاشتغال بشكل "عادي وقانوني". وكشفت مصادر "العمق" أن الأمر يتعلق أساسا بوصل للسائقين المهنيين المشتغلين بقطاع سيارات نقل الأجرة قانونيا برخص النقل العمومي التي تمنحها السلطات المعنية، ويستخدمون التطبيقات الإلكترونية، وليس الأشخاص الخواص الذين يستخدمون هذه التطبيقات لتقديم خدمات النقل بسياراتهم الخاصة. ورغم أن الوصل منح للسائقين المهنيين الذين احتضنتهم النقابة الديمقراطية للشغل، فقد اعترضت 3 نقابات سيارات الأجرة، وهي الاتحاد العام للشغالين، والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، والاتحاد العام الديمقراطي للشغالين بالمغرب، على وصل الإيداع، وطالبوا من سلطات مراكش "تصحيح الوضع". وأشارت المراسلة التي تقدمت بها النقابات الثلاثة، اطلعت جريدة "العمق" عليها، إلى أن "التطبيقات ليست كلها مرخصة من طرف السلطات، الأمر الذي يفتح الباب على مصراعيه للاشتغال خارج الضوابط القانونية"، وفق تعبير المراسلة. واعتبرت النقابات الثلاثة، تسليم السلطات المحلية بمراكش بتأسيس مكتب نقابي خاص بالسائقين المهنيين المشتغلين بالتطبيقات الذكية "غير مسبوقة على المستوى الوطني"، داعية إلى "تصحيح هذه الوضعية الخطيرة". القطع مع "الريع" في تفاعله مع الموضوع، استنكر الناشط الحقوقي بمدينة مراكش محمد الهروالي، ما أسماه "التضبيق الممارس ضد أصحاب النقل بالتطبيقات الذكية، سواء الخواص أم المهنيين منهم"، متهما "جهات ولوبيات بالوقوف ضد هذه الأنواع من الخدمات من أجل استمرارها في الاستفادة من الريع". وقال الهروالي، في تصريح لجريدة "العمق"، إنه يجب القطع مع نظام "الكريمة" و"الإكرامية والريع"، معتبرا إياه "نظاما أنشأ في خمسينيات القرن الماضي على أساس أن يتم منحه لقدماء جيش التحرير والمحاربين والعسكريين الذين حاربوا من أجل استقلال بلادنا، إضافة إلى ذوي الاحتياجات الخاصة". وتابع الهروالي بالقول إن "الذين شاركوا في معارك التحرير أغلبهم وافتهم المنية"، مستدركا أن "غالبية هذه الفئات لم تستفد من مأذونيات النقل، بسبب العديد من التلاعبات والتجاوزات التي يعرفها الجميع". تجاوز معضلات اجتماعية وأشار المتحدث إلى أن السائق المهني لا يستفيد من طريقة العمل التي يقوم عليها نظام "لاكريما"، موضحا أنه يشتغل "بدون عقدة عمل وبدون تغطية صحية، وبدون احترام قانون الشغل، ويصبح بين ليلة وضحاها، بعد وقوع حادثة شغل أو مرض، عالة على المجتمع وعلى عائلته، لذلك يجب التفكير في القطع مع هذا الوضع". أما من ناحية ثانية، وهي أهم نقطة في الموضوع، وفق تصريح الهروالي، فإن "المواطن المغربي في حاجة إلى تحسين مستوى خدمات النقل المقدمة له، ولا يجب إدخاله في متاهات و نقاشات لا طائل من ورائها ولن يستفيد منها، في الوقت الذي يحتاج فيه إلى وسيلة نقل مريحة وبتكلفة مناسبة". وقارن المتحدث بين خدمة النقل عبر التطبيقات وسيارات الأجرة، معتبرا أن تكلفة سيارات الأجرة "مرتفعة" مقارنة مع التطبيقات الذكية، لأنه الزبون يؤدي مبلغ مقسما بطريقة ضمنية بين السائق صاحب السيارة ومالك المأذونية. تدهور وضع المهنيين ولفت الهروالي إلى أن "من بين الأشياء التي تركز عليها المؤسسات التي تسهر على تنظيم التظاهرات الكبيرة، هي جودة وسرعة التنقل. وأردف أن "الاعتماد على التاكسيات يستغرق وقتا كبيرا مقارنة مع الاشتغال بالتطبيقات الذكية الذين ينقلون الزبون من مكانه دون حاجة للبحث والانتظار في الشارع، كما أنه يعرف تكلفة الرحلة بشكل مسبق، ودون لف أو دوران في أحياء أخرى مع زبائن قد تصادفهم مع سيارات الأجرة". وفي رده على سؤال تدهور الوضعية الاجتماعية للمشتغلين في قطاع سيارات الأجرة، قال إن "هذه الفكرة مردودة على أصحابها، لأنهم أولا بإمكانهم الاشتغال بهذه التطبيقات، ثانيا يجب النظر إلى السوق الذي ستفتحه هذه التطبيقات لفئة عريضة من الشباب العاطلين عن العمل". وعن كيفية حماية الزبائن، أورد الهروالي أن "هناك طرقا أمنية سهلة يمكن أن تؤمّن هذه العملية، عن طريق تقديم تصريح للسلطات المعنية قبل الاشتغال، علاوة أن شركات هذه التطبيقات تتوفر على معلومات ومعطيات أصحاب السيارات". بشارة قانون مُنظم خلال بحث في الموضوع، توصلت جريدة "العمق" إلى جواب وزير النقل واللوجيستيك، محمد عبد الجليل، على أحد الأسئلة الكتابية، والذي قال فيه إن الوزارة منكبة على إعداد طلب عروض من أجل الإعلان عن إنجاز دراسة تروم وضع إطار قانوني ينظم الأشكال الحديثة للتنقل، والتي ستنجز في إطار مقاربة تشاركية مع القطاعات الوزارية المعنية ومختلف الفاعلين والمتدخلين. وأوضح الوزير معرض جوابه، أن الإطار القانوني المنظم الأشكال الحديثة للتنقل، سيتوفر على تصور واضح حول الضوابط والأسس التنظيمية المتعلقة بهذا النشاط والقواعد الملائمة لضمان منافسة عادلة بين جميع العاملين من جهة، وسيمكن من تحديد الإطار الذي من خلاله سيتم تشجيع الاستثمار في مجال التنقل باستعمال التكنولوجيات الحديثة وتقديم الدعم. كما أشار وزير النقل واللوجيستيك إلى أن الإطار القانوني لهذه الوسائل، سيضع ضوابط وأسس تنظيمية متعلقة بشروط ولوج ومزاولة الأنشطة المتعلقة بالأشكال الحديثة للتنقل، وإرساء قواعد المنافسة الشريفة بين جميع المهنيين العاملين في هذا المجال. لا اعتراض على التقنية في تصريح سابق، قال عضو النقابة الوطنية لسيارة الأجرة بالإتحاد المغربي للشغل، أبو جمال لحجاب، إن مهنيي قطاع سيارة الأجرة لا يعترضون على التقنية الجديدة وليسوا ضد الاستفادة واستخدام التطبيقات الذكية في القطاع، لكنهم "ضد التطبيقات التي تسمح بنقل الأشخاص في عربات غير سيارات الأجرة". وأورد لحجام أن بعض المهنيين أسسوا تعاونيات بشكل قانوني تشتغل بتطبيقات ذكية، وعندما يتصل الزبون تأتيه سيارة أجرة تحترم القوانين المنظمة لعميات النقل العمومي. وتابع أن هذه الخدمة مثلا في مدينة مراكش، تضيف على مبلغ الخدمة، 10 دراهم نهارا و15 درهم ليلا، مشيرا إلى أنها هذه الخدمة حققت نجاحا مهما نظرا للتوسع العمراني الذي عرفته المدينة.