في ظل استمرار حرب الإبادة في غزة وتصاعب المطالب بوقف التطبيع.. إسرائيل تصادق على اتفاقية النقل البحري مع المغرب    موجة فرح تعم الولايات المتحدة عقب انتخاب أول بابا من أصل أمريكي    الأمم المتحدة-أهداف التنمية المستدامة.. هلال يشارك بنيويورك في رئاسة منتدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للعلوم والتكنولوجيا والابتكار    أجواء ممطرة في توقعات طقس الجمعة    8 قتلى و7 جرحى في حادث انهيار منزل من 4 طوابق بفاس    فاجعة..انهيار منزل بفاس من عدة طوابق يخلف ضحايا والبحث جاري عن الناجين تحت الأنقاض    "مؤثِّرات بلا حدود".. من نشر الخصومات الأسرية إلى الترويج للوهم تحت غطاء الشهرة!    سلطات الملحقة الإدارية الثالثة بالجديدة تواصل التضييق على مستغلي الملك العمومي بفضاء الشاطئ    ساكنة دوار المخاطر بجماعة شتوكة تستنكر إقصاءها من مشروع تعبيد الطرق وتطالب بتدخل عامل الإقليم    بالياريا تُطلق رسميًا خط طنجة – طريفة وتكشف موعد تشغيل باخرتين كهربائيتين    عملة "البيتكوين" المشفرة تنتعش وسط العواصف الاقتصادية العالمية    فاس.. انهيار مبنى من ستة طوابق يخلف قتلى وجرحى واستنفاراً واسعاً للسلطات    الزلزولي يهدي بيتيس أول نهائي قاري    عامل إقليم الدريوش يترأس حفل توديع حجاج وحاجات الإقليم الميامين    فتح تحقيق في ممارسات منافية للمنافسة في سوق توريد السردين الصناعي    أوروبا تكشف بضائع أمريكا المعاقبة    سعر الذهب يتأثر باتفاق تجاري جديد    مواجهة حاسمة بين المغرب التطواني وشباب السوالم لتحديد النازل الثاني للقسم الوطني الثاني    اتحاد طنجة يضمن بقاءه في القسم الأول من البطولة الاحترافية    صدام إنجليزي في نهائي الدوري الأوروبي    أسبوع القفطان بمراكش يكرم الحرفيين ويستعرض تنوع الصحراء المغربية    أكاديمية المملكة تتأمل آلة القانون بين الجذور المشرقية والامتدادات المغربية    المغرب يقود إفريقيا الأطلسية نحو نيويورك    لقاح ثوري للأنفلونزا من علماء الصين: حماية شاملة بدون إبر    الشعر الحساني النسائي حاضر في فعاليات الدورة ال18 لموسم طانطان 2025    وزير الأوقاف المغربي يقيم مأدبة غداء تكريما لوزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بالمملكة    في عيد ميلاده الثاني والعشرين: تهانينا الحارة للأمير مولاي الحسن    المستشارون يدعون إلى تعديل خريطة الاختصاصات بين المركز والجهات    انتخاب الكاردينال الأمريكي بريفوست بابا جديدًا للفاتيكان    وزير التشغيل والكفاءات يكشف إجراءات تفعيل العمل عن بعد بالمغرب    بعد إسقاط باكستان لرافال الفرنسية.. واشنطن تراقب أداء الطائرات الصينية المستعملة في الحرب مع الهند    مكتب السياحة يسعى للحصول على تصنيف "China Ready" لاستقطاب السياح الصينيين    "الأحمر" ينهي تداولات بورصة البيضاء    كرة القدم داخل القاعة لأقل من 19 سنة.. المنتخب المغربي يتعادل مع نظيره الإسباني (6-6)        أتاي مهاجر".. سفير الشاي المغربي يواصل تألقه في "معرض ميلانو" ويعتلي عرش الضيافة الأصيلة    الأميرة للا حسناء تقيم بباكو حفل شاي على شرف شخصيات نسائية أذربيجانية من عالم الثقافة والفنون    «أول مرة»… مصطفى عليوة يطلق عرضه الكوميدي الأول ويعد الجمهور بليلة استثنائية من الضحك    محكمة الاستئناف بالرباط تُخفض عقوبة النقيب محمد زيان    أشرف حكيمي يدوّن اسمه في التاريخ ويصبح المدافع الأكثر تأثيرًا هجوميًا بدوري الأبطال    البرلمان يناقش رئيس الحكومة حول إصلاح وتطوير المنظومة التعليمية    أبريل 2025 ثاني أكثر الشهور حرارة عالميا    وداديون يحتفون بحلول الذكرى ال88 لتأسيس النادي    منصات المخزون والاحتياطات الأولية.. بنيات جهوية موجهة للنشر السريع للإغاثة في حال وقوع كوارث    الصين توقف استيراد الدواجن من المغرب بعد رصد تفشي مرض نيوكاسل    السيد ماهر مقابلة نموذج رياضي مشرف للناشطين في المجال الإنساني    لجنة: زيادة مرتقبة للأطباء الداخليين    زيان قبل الحكم: قول الحق صعب.. والحق لم يترك لعمر صديق    الغربة والذياب الجائعة: بين المتوسط والشراسة    فنانون مغاربة يباركون للأمير مولاي الحسن عيد ميلاده ال22    لهذا السبب .. الأقراص الفوّارة غير مناسبة لمرضى ارتفاع ضغط الدم    مكناس تبدأ في بناء محطة قطار حديثة بتكلفة 177 مليون درهم    دراسة علمية تكشف قدرة التين المغربي على الوقاية من السرطان وأمراض القلب    تشتت الانتباه لدى الأطفال…يستوجب وعيا وتشخيصا مبكرا    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجلس مدينة فاس وجمعية لسان الدين بن الخطيب ينظمان ندوة علمية
علماء مدينة فاس أبو عبد الله الابلي نموذجا
نشر في العلم يوم 04 - 08 - 2010

نشرنا في عدد سابق الجزء الأول من الندوة العلمية التي نظمها مجلس مدينة فاس حول عظماء مدينة فاس أبو عبد الله بن ابراهيم الابلي نموذجا وننشر اليوم الجزء الثاني من هذه الندوة العلمية الهامة التي تلقي الضوء على علماء ورجالات هذه المدينة العظيمة.
وفي كلمته تطرق الدكتور محمد يعلى الى موضوع: «الآبلي بين مشروع الوحدة وإنتاج عبقرية العصر» قائلا: تعرفت على هذا الرجل، الابلي، في السنة الجامعية 1983 1984 حينما طلب مني أستاذي ابيلو باربيرو دي أغيليرا إعداد بحث حول الفكر التاريخي لابن خلدون وقد قمت بهذا العمل تحت عنوان الفكر التاريخي لابن خلدون.
في هذا البحث تعرفت على التلميذ من خلال الأستاذ الكبير الآبلي. وخلال هذا البحث أيضا عرفت أن الرجل لم يرد عنه في المصادر أو المراجع بحثا خاصا، فمعظم المصادر تتعلق بمعرفة رجل تأتينا عن طريق تلميذه ابن خلدون في تعريف رحلته وفي كتابه «الباب المحصن»، كذلك ابن الخطيب في «الإحاطة في اخبار غرناطة» وابن مرزوق في «مسند الحسن في مآثر ومحاسن مولانا الحسن» وهناك كذلك أحمد المقري في نفحه وإن كان بعيدا شيئا ما عن تاريخ الأبلي إلا أنه تكلم عنه كثيرا، هناك إشارات كثيرة في كتب التراجم، أما الأعمال الخاصة فلم أقف على أي عمل لهذا الرجل إلا في الأيام الأخيرة لمؤلف ليبي اخرج كتابا عن الآبلي تحت عنوان «الآبلي تابغة المغرب الكبير وأستاذ ابن خلدون» صاغ هذا العنوان من عمل آخر لناصف نصار صاحب كتاب «الفكر الواقعي عند ابن خلدون» نشر مقالا في مجلة studia Islamica»سنة 1964 عدد 10 بعنوان«معلم ابن خلدون الآبلي»
كما عثرت على مقال آخر في الشبكة العنكبوتية غوغل كتبه الأستاذ الدكتور محمد العادل لطيف سنة 2008 بعنوان «ابن خلدون بين العقل والخرافة أو بين الأبلي وابن ودرار». قلة المصادر والمراجع الخاصة بهذ الرجل تدل على معاني كثيرة كما قال أستاذنا عبد الهادي التازي، كان يتستر ويتخفى للتقية من محاربة عدوان المحافظين، لأن الرجل كما نقول عنه اليوم «كان حاملا لمشروع حداثي» هدفه اقتباس ودراسة ونشر العلم العقلاني.
تصميم مداخلتي ينقسم الى شقين: محور مشروع الوحدة وعلاقته بالآبلي والثاني إنتاج الآبلي لعبقرية العصر، ابن خلدون أولا من هو الآبلي؟ هو من آبلا، شمال غرب مدريد في منطقة كانت في العصر الوسيط تسمى بالثغر الأوسط، منطقة استراتيجية من الناحية العسكرية وهذا ما سيبرر سبب حرفة عائلته بالجندية هناك وهي تبعد الآن بحوالي 80 كلم عن مدريد إلا أن الآبلي لم يولد في آبلا مثل أسرة ابن خلدون هاجروا إلى تلمسان واستوطنوها. تزوج أبوه بابنة القاضي ابن غلبون فولدت له هذا العبقري الكبير وتربى في حجر جده القاضي لأن والده كان دائما خارج تلمسان في مهنته العسكرية. تربى وتثقف بالعلوم النقلية التقليدية التي كانت معروفة آنذاك لأسباب معينة أشار إلى بعضها أستاذنا التازي. أراد حاكم تلمسان أن يشغل الآبلي مثل ما يصطلح عليه حاليا وزير المالية. فر الآبلي وانغمس في رباط العباد بنواحي تلمسان مع فقهاء الصوفية فلبس كما قال عنه ابن خلدون «المسوح» أي الدربالة بعاميتنا. ومن ثم اتصل في هذا الرباط بداعية شيعي جاء من كربلاء للدعوة واستطلاع المكان المغرب العربي لقيام ثورة شيعية لكنه وجد الوضعية العسكرية والسياسية غير مناسبة لمذهبه فرجع إلى العراق وذهب معه الآبلي. وكما قال أستاذنا التازي فإن الآبلي قد ادعى أمام طلبته أنه أصيب بخلل عقلي لقصة حميمية. قال إنه في الباخرة كان شديد الاحتلام وكان يستحيي من الاغتسال أمام شيوخه فتناول الكافور حسب ما نصح بذلك. لكن في الواقع لم يكن ذلك إلا قصة خيالية قصد التقية. وفي دراسته بعد العراق ومصر جعل محطته المغرب. وكان له به ثلاث مراحل: مرحلة فاس التي درس بها على يد حلوف اليهودي ثم هرب متسترا إلى مراكش فدرس على يد الفيلسوف والرياضي الكبير ابن البناء ثم لم يطمئن على حياته ففر إلى منطقة خارجة عن سلطة المرينيين وهي تدين بالولاء للموحدين بجبال هسكورة. تبقي هذه أهم المحطات التي صنعت مسار الآبلي وفكره الفلسفي العقلاني كمعلم للرياضيات والفلسفة.
النقطة الثانية هي مشروع تجارب الوحدوية: مرت تجارب الوحدوية في تاريخ الغرب الإسلامي. وفي رحلة السلطان المريني انتقل الآبلي مع فرسان القلم لدعم الوحدة المرينية. كانت حركية الفكر آنذاك تتسم بالتقهقر والجمود وطغت على الساحة الفكرية والعلمية والبيداغوجية العلوم النقلية وكان هذا الوضع حسب شهادة بان خلدون سائدا في القرن 8 الهجري بالمغرب. لعبت النخبة المثفقة التي قربها السلطان دورا هاما لما تحضا به من ثقة لدى العامة ولمرجعيتها الدينية وتمثلها للمناخ الثقافي السائد وحمايتها من طرف المشهد السلطاني الفاخر. ويقدم ابن خلدون في التعريف برحلته مجلس العلماء الذي رافق السلطان أبي الحسن المريني من فاس إلى تونس في نهاية النصف الأول من القرن الثامن الهجري والذي كان يظم بين أعضائه عالمنا الكبير أبا عبد الله محمد بن إبراهيم الابلي. ويمكن تصنيفه إلى مجموعتين: المجموعة الأولى المختصة في العلوم النقلية ويمثلها الفقية أبو العباس الزواوي، شيخ القراءات، القاضي أبو عبدالله محمد بن عبداللوز، وكان مبرزا في فقه المالكية، أبو عبد الله محمد بن سليمان السطي، إمام الفقه المالكي، أبو محمد بن المهين، أبو القاسم بن رضوان أستاذ في الأدب والنثر والنظم والخط والتوثيق، أبو عبدالله بن مرزوق صاحب كتاب «المسند». والمجموعة الثانية الخاصة بالعلوم العقلية ومنهم شيخنا الآبلي، شيخ علم المعقول والمنقول، أبو عبدالله محمد بن النجار «شيخ التعاليم» وتلميذ الآبلي وأبو العباس بن أحمد بن شعيب الفاسي ومعظم هؤلاء الشيوخ بلعهم البحر أو تخطفهم الطاعون في تونس. غرق أسطول أبي عنان وهو راجع وطبعا لم يغرق الآبلي لأنه لم يذهب مع أبي الحسن لأن أسرة ابن خلدون توسطت لدى السلطان ليبقى معهم ويهتم بتدريس ابنهم. كان الآبلي المساهم الرئيسي في إنتاج ابن خلدون. نحن أمام مثال نادر من رجال المغرب، من العلماء الذين عاشوا في جو يسوده ضباب التقليدية وسيف مسلط على كل من يتجرأ على علوم الحداثة وما يتعلق بها. استطاع هذا الرجل الذكي الباهر الواسع الآفاق أن ينتج لنا عبقرية ثانية ثرية ألا وهو ابن خلدون.
واختتم هذه الجلسة العلمية الدكتور سعيد العلمي بمداخلة حول أبي عبدالله بن ابراهيم الآبلي: نظرات في حياته وآثاره، سنعود لها لاحقا.
وفي كلمته ممثلا لمجلس مدينة فاس ثمن السيد محمد الملوكي هذا اللقاء العلمي وألح على ضرورة الاهتمام بالتاريخ الفكري لمدينة فاس وإحياء تاريخها ورد الاعتبار لعلمائها ورجالاتها. وأفاد الحضور بأنه سيتم إطلاق إسم الآبلي على جناح من المكتبة الوسائطية بمدينة فاس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.