كثيرة هي شهادات علماء الغرب وأدبائه وفلاسفته ومفكريه العابقة بالثناء الصادق، والتعظيم الواضح، والتمجيد العميق، والمدح الواسع لشخصية سيد العرب والعجم، وإمام مكة والمدينة والحرم، خيرالبرية، وهادي الإنسانية، ومنار الحرية من العبودية لغير الله الخالق الواحد الأحد، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. وهذا غيض من فيض تلك الشهادات: يقول الجنرال "إيزنهاور" الرئيس الأسبق للولايات المتحدةالأمريكية في خطابه الذي ألقاه في ذكرى مرورعشرة أعوام على إنشاء الأممالمتحدة تحت عنوان: «محمد رسول العلم والحضارة": « إنني عندما أنظرإلى المستقبل، أرى دولا عربية وإسلامية، تبرزوتساهم في أمورهذا القرن إسهاما يذكربما لا تستطيع أن تنساه لأسلافها الماضية ... إننا نذكرأن علم " الحساب" وعلم "الجبر" الحاليين مدينان بأصولهما وفروعهما إلى العلوم الرياضية العربية والإسلامية، كما نذكر أن العرب والمسلمين بفضل محمد صلى الله عليه وسلم قد وضعوا أسس العلوم الإنسانية والطبيعية والفلكية والكيميائية والأخلاقية وغيرها مما يتمتع به العرب الآن ...". ويقول الكاتب الإنجليزي "لوريل توماس" تحت عنوان "خاتم الأنبياء": "قبل أن يكشف "كريستوف كولمب" أمريكا بألف سنة، أبصرت عينا القرشي محمد بن عبد الله النورفي مكة، فكأن الله اختارهذا الطفل ليقلب تاريخ العالم، إذ بعث بدين متسامح، رضي أن يقبله كل إنسان بدون مشقة، وقد علم أصحابه حب إبراهيم وموسى وعيسى واعتبارهم أنبياء مرسلين، وأنه خاتم الأنبياء والمرسلين، ودينه دين الله العام على عالم البشرية كله. لقد كان محمد العربي القرشي النبي الهاشمي أول من وحد القبائل المتنافرة في الجزيرة العربية الأرض الصحراوية، وأول من ألف بين قلوب شعوبها المتقاتلة، وجمع كلمتها تحت راية واحدة، لكن لا باستعمال القوة والاعتماد على الشدة، ولكن بكلام حكيم، فاتبعوه وآمنوا به، وقد فاق جميع الرسل وقادة الرجال بصفة لم تكن معروفة لدى العرب. ومات النبي صلى الله عليه وسلم وانطلقت بعده موجة الفتح الإسلامي، فاجتازت الصحارى، ودخلت المدن، وذلك لتجعل ذكرا خالداأبديا لذلك الرجل العظيم الذي أنتجته وأنبتته صحراء قاحلة، فأثمرت ثمرا لم يحلم به العالم من قبل، وامتدت هذه الموجة فعمت آسيا وإفريقيا إلى أن وصلت إلى أواسط أوربا، تلك الموجة التي لم تلحق بها موجة الرومان في إبان مجدهم وعهد عظمتهم". إلى أن قال: « ... وفي عصر تلك الفتوحات قدم العرب للعالم أجمع أعلم رجال الإسلام، وأكثرهم إسلاما، وبهذا وذلك، فإن الإسلام قد حل بالعالم، وانتشرفي ربوعه بسرعة الصاعقة، وبقي كل رجال العرب في البلاد التي دخلوها ينشرون تعاليم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم فكانوا يعلنونها بكل قوة وإيمان في أعالي السطوح، ورؤوس المآذن، وينادون أينما حلوا أن « لا إله إلا الله محمد رسول الله». ويقول الفيلسوف والأديب الفرنسي " وولتر" تحت عنوان :" محمد ... قدوة الدين الحق": « إن السنن التي أتى بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم كانت كلها قاهرة للنفس ومهذبة لها، وجمالها جذب للدين المحمدي غاية الإعجاب ومنتهى الإجلال، ولهذا أسلمت عدة عديدة من أمم الأرض، حتى زنوج أواسط إفريقيا، وسكان جزر المحيط الهندي. وليس بصحيح ما يدعى من أن الإسلام استولى قهرا بالسيف على أكثر من نصف الكرة الأرضية، بل كان سبب انتشاره شدة رغبة الناس إليه بعد أن أقنع عقولهم، وأكبر سلاح استعمله المسلمون لبث الدعوة هو اتصافهم بالقيم العالية، ولا يخفى ولوع المغلوب بتقليد الغالب، وقد انخرط في الإسلام أقوام لم تبلغهم سلطة المسلمين ولم تصلهم ..". ويقول الروائي الشهير "برناردشو" تحت عنوان "محمد رسول الإنسانية في ماضيها وحاضرها ومستقبلها": « إن أوربا الآن ابتدأت تحس بحكمة محمد، وبدأت تعيش دينه، كما أنها ستبرئ العقيدة الإسلامية مما اتهمتها بها من أراجيف رجال أوربا في العصور الوسطى، وسيكون دين محمد هو النظام الذي تؤسس عليه دعائم السلام، وتستمد من فلسفته حل المعضلات، وفك المشكلات، وحل العقد، وإن كثيرين من المواطنين، ومن الأوربيين الآخرين يقدسون تعاليم الإسلام. ولذلك يمكنني أن أؤكد نبوءتي فأقول: إن بوادرالعصر الإسلامي الأوربي قريبة لا محالة ... وإني أعتقد أن رجلا كمحمد، لو تسلم زمام الحكم المطلق في العالم بأجمعه اليوم، لتم له النجاح في حكمه، ولقاد العالم إلى الخير، وحل مشاكله على وجه يحقق للعالم كله السلام والسعادة المنشودة". ويقول المؤرخ الإنجليزي"ويليام موير" في كتابه "حياة محمد" تحت عنوان :"محمد الرحمة المهداة": « لقد امتاز محمد عليه السلام بوضوح كلامه، ويسر دينه، وقد أتم من الأعمال ما يدهش العقول، ولم يعهد التاريخ مصلحا أيقظ النفوس وأحيى الأخلاق، ورفع شأن الفضيلة في زمن قصير، كما فعل نبي الإسلام محمد". ثم قال: "إن حياة محمد التاريخية لا يمكن أن توصف بأحسن مما وصفها الله بألفاظ قليلة، بين فيها صفة النبي عليه السلام حيث قال: (وما ارسلناك إلا رحمة للعالمين). إن يتيم"آمنة" العظيم قد برهن بنفسه على أنه أعظم الرحمات لكل ضعيف، ولكل محتاج إلى المساعدة، نعم ... كان محمد رحمة حقيقية لليتامى وأبناء السبيل، والمنكوبين والمدينين وجميع الفقراء والمساكين والعمال ذوي الكد والعناء، لقد كان محمد رحمة لجنس النساء الذي كان يعامل كالأمتعة والأثاث لا غير، وذلك في جميع الدنيا، ومن قبل كل دين من الأديان، وكل نظام اجتماعي، فهلموا الآن إلى أن نقول بأعظم الإخلاص والتلهف والابتهال " اللهم صل على محمد وعلى أتباعه ومحبيه أجمعين".