عدم إتقان القراءة والكتابة وأدب الحديث لربما ليس بالعيب، يصبح عيباً حينما ينافس ويناطح هذا الشخص للحصول على مراكز الشأن العام في ظل عالم سريع التقدم تغزوه قيم الحداثة، هنا يتوجب أن يعاد النظر في هذه الديمقراطية التي تحولت من شيء جميل إلى مسخ في هذا الزمن البائس، والديمقراطية اصطلاحاً هي نظام كامل لجميع مناحي الحياة، وهي حكم الشعب للشعب بنظام يضعه الشعب من خلال المجلس التشريعي… لا تؤخذ الديمقراطية إلا حزمة واحدة، وأفضل تجلياتها العدالة والمساواة قبل صندوق الإنتخاب، مشكلة الديمقراطية هي أن من يستطيع تزييف وعي الجماهير هو من يحوز أصواتهم، من يمتلك الصحف الصفراء والقنوات الإخبارية المرتزقة والمواقع الإلكترونية المرتشية هو من يفوز في الإنتخابات، غالبية الناس ليس عندهم الوقت والقدرة والمهارة على الموازنة بين الأفكار والبرامج، ولذلك فهم يختارون من له الرصيد الأكبر من البريق الإعلامي وخاصة إذا كان يدغدغ مشاعر الجماهير ويتبنى الخطابات الشعبوية… الأحزاب هي حالة متقدمة جداً من العمل السياسي والإجتماعي، وأغلبها قد أفلست واستولى عليها رجال المال والمقاولون وخرجت عن خط السياسة والعمل الإجتماعي، يعني إذا كان هناك سائق طائش يتسبب في حوادث سير، فهذا لا يعني أن نهاجم السيارات والحافلات والشاحنات، يجب تربية السائق من أجل تسوية الطالح بالصالح "لا يستوي الخبيث والطيب"، يجب على الأحزاب أن تزكي مناضليها الشرفاء حتى تعيد المياه إلى السواقي والقنوات التي أعيتها المياه العفنة والملوثة، وبمقدورها أن تعيد ضبط إيقاع المجتمع والمؤسسات وخلق مناخات للولوج إلى مرحلة تحترم فيها ثقافة التعدد والتداول والشفافية والنزاهة… كم هو منصف في هذا الوقت الراهن أن يتولى المناصب السيادية العليا شخصيات مستقلة من خارج منظومات الأحزاب والحوانيت والبقالات إلى حين استرجاع هذه الأحزاب عافيتها، لأنه لا يوجد أتعس ولا أخبث ولا أحقر من الذي يطالب بانتخابات وهو لا يقبل التنوع والعدالة من داخل البيت الحزبي، فما بالك بالتغيير من داخل القباب التي يحصل نوابها ومستشاروها على رواتبهم من ضرائب عامة الشعب… يقول تشرشل: "إذا أردت أن تعرف أي شعب في العالم، فانظر إلى برلمانه ومن يمثله فيه، وسوف تعرف أي الشعوب يستحق الرمي بالورود و أيها يستحق الضرب بالأحذية"