تحدث بعض المغاربة العالقين في الخارج بسبب كورونا ببرنامج صلة وصل ، التفاعلي في حلقته الثلاثين التي بثت عبر انستغرام يوم الأربعاء الماضي عن جانب من معاناتهم مع الإغلاق العام . البرنامج الذي يقدمه الزميل محمد حفيضي نقل على امتداد 3 ساعات شهادات حية ومؤثرة لمغاربة في أكثر من بلد ، وجدوا أنفسهم دون سابق إشعار بعيدين عن عائلاتهم وأحبابهم وأعمالهم لأشهر. من الهند إلى كندا ، مرورا بتونس وأيطاليا وفرنساوالكونغو ، وهنغاريا تنوعت القصص وتوحدت المعاناة ، التي فرضتها الظروف التي يمر منها العالم اليوم.
تحكي أميرة وهي شابة مغربية، بكندا كيف تحولت عطلة مدرسية ، هناك إلى كابوس بسبب بعدها عن عائلتها ووالدها المريض بداء السكري. فتقول :” جئت لقضاء 12 يوما لتتحول إلى 3 أشهر ، وإمكاناتي المادية لاتسمح لي ان اصرف هنا ، وأتصل بالقنصلية منذ مارس لكن لا مجيب.''
لتضيف : '' وضعي النفسي مزري جدا ، خاصة وأنني أجرب الاغتراب عن بلدي للمرة الأولى، وأعيش رمضان والعيد بدون عائلتي، لست أنا الوحيدة التي لم تتقبل الوضع، لكن جميع أفراد عائلتي استصعبوا، ألوم الحكومة بخصوص مسألة الشفافية، لأنهم يؤجلون إعادتنا إلى وطننا منذ الثالث من مارس، وهو حقنا الدستوري، إضافة إلى الازدواجية، حيث يرحلون أناس آخرين عالقين في بلدان أخرى”.
ومن الهند استضاف لبرنامج شيماء التي غادرت إلى بلد الملييار نسمة من أجل تجربة علمية بها علاقة ببحث تخرجها في ماستر التسيير، لتجد نفسها عالقة في بؤرة الفيروس مومباي، حيث كشفت ان الاحترازية شبه منعدمة بين المواطنين، ولا موارد مالية تساعدها على قضاء فترة الحجر الصحي بعيدة عن عائلتها ووالديها.
ومن فرنسا ، أجبرت كورونا فاروق الزين وهو مدير شركة ، توجه من أجل رحلة علاج لأربعة أيام أن يمكث 3 أشهر عالقا . فاروق الزين توجه رفقة زوجته تاركا أربعة أبناء في انتظارهم، أصغرهن تبلغ من العمر أربع سنوات ونصف، وذلك قصد أغراض علاجية تتعلق بزوجته التي تعاني مرضا مزمنا.
يقول فاروق الزين بأسف ” لم يحز في نفسي كثيرا كوننا محتجزين هنا في هذا السجن بعيدين عن أبنائنا، ولكن أكثر ما آلمني هو أن يصرح أحد ممثلي الحكومة بأنهم طلبوا من شركات التأمين بأن يدفنونا بشكل مجاني” مشيرا إلى أنه رغم الظروف التي يعيشونها إلا أنهم لا زالو أحياء، إنما يحتاجون فقط إلى العودة إلى وطنهم. ''
فاروق عاب في مداخلته عل الحكومة غياب الرؤية الواضحة، وضعف لتواصل.
أما يسرا وهي دكتورة في علم الأحياء فهي مغربية عالقة بهنغاريا بعد أن ذهبت من أجل الدراسة، لتجد نفسها في شقة مع 10 أشخاص لا تربطها بهم أي علاقة، بعدما جاء قرار إغلاق الحدود المغربية. تقول يسرا بحسرة : “أخاف أن أجدد بطاقة الإقامة المؤقتة، لأن أغلب من فعل ذلك قاموا باحتجازه في ظروف قد تسهل الإصابة بفيروس كورونا”.
وتضيف: ” اتصلت بالجهات المسؤولة لكنني صدمت بالجواب إذ يقولون أنتم فقط خمسة أشخاص فكيف تريدون أن يسمع صوتكم، ليس عليكم إلا تقبل الوضع، وبذلك أتلقى رسالة إحباط بدل الأمل”.
ومن إيطاليا صاح عبد الغني بعلو صوته: “صحتي النفسية في خطر، وعملي مهدد بالضياع وإبني كبر ولم أتعرف عليه “.
يقول عبد الغني الذي يغالب دموعه: ” أنا لا أريد مساعدات مادية أريد العودة إلى ابني وعائلتي، أبكي أنا وزوجتي كلما تكلمت معهم هاتفيا، أنا الآن أعاني من ضغوط نفسية كبيرة، ولا أعرف ما سيئول إليه عليه الحال بعد مدة”. وأضاف قائلا ” عملي اليوم مهدد، في أي لحظة قد أتوصل بقرار الطرد”. وهو القرار الذي عانى منه مروان الذي فقد عمله بسبب الإغلاق . مروان عالق في تونس ، وتخلت عنه مصحة خاصة يشتغل بها ، وفقد جدته التي توفيت في خضم الأزمة . ومن فرنسا يبرز صوت رضى وهو إطار مسؤول بإحدى شركات الطيران الخليجية، ليقول إنه سافر إلى فرنسا رفقة والديه بهدف علاج والده البالغ من العمر75 سنة والمصاب بسرطان الحنجرة، ليجدوا أنفسهم عالقين هناك مع ضغوط نفسية أدت إلى إصابة والده باكتئاب.
ومن الجنوب حيث لطيفة المغربية المقاولة التي بقيت في الكونغو ، بسبب عملها حيث تملك شركة للمعلوميات تشتغل مع أكثر من بلد إفريقي وهو امر يفرض عليها السفر. معاناة العالقين في أفريقيا قد تتضاعف بسبب الظروف الأمنية في بعض الدول ، كما أن مرضها بالسرطان فاقم من معاناة لطيفة التي تقول لصلة وصل: لا يمكنني أن اتابع علاجي هنا أولا لضعف الإمكانيات الطبية، ثم لعدم درايتهم بملفي الصحي، لذلك من الضروري أن أعود إلى بلدي في القريب العاجل”. ورغم اختلاف ظروفهم وجغرافية تواجدهم غير أن حس المواطنة و حب الوطن الرغبة في العودة إليه يوحد الاف المغاربة العالقين جميعهم، كما وحدتهم المعاناة التي فرضها فيروس كورونا بسبب الإغلاق وتعطيل حركة السفر بين البلدان .