اليوم 25 يناير 2021 تحل الذكرى 38 لوفاة الجنرال أحمد الدليمي، رحيل غامض لا يزال يشغل الناس رغم كل هذه السنوات فالرجل لم يكن مجرد جندي عادي ولا مجرد جنرال لا يتحرك إلا في المساحة العسكرية المرسومة له، بل هو واحد من أشهر من ارتبط اسمه بالملك الراحل الحسن الثاني وبملفات أمنية كبيرة في المملكة. "الملك غير المتوج" كما سمّاه المحجوب الطوبجي في مؤلّفه "ضباط صاحب الجلالة"، رأى النور في مدينة سيدي قاسم سنة 1931، انضم إلى القوات المسلحة الملكية في بدايات استقلال المغرب، ولم يظهر على مسرح الأحداث حتى سنة 1972 حين فشلت المحاولة الانقلابية التي قادها الجنرال أوفقير. الرجل الذي خاض حروب الصحراء وكان من قياديي الجيش المقربين من القصر، فارق الحياة سنة 1983 في حادثة سير نسجت حولها قصص كثيرة بين من يراها حادثة سير عرضية وبين من ربطها بحادث اغتيال مدبّر للتخلص من الرجل بعد ما قيل إنها مؤامرات كان يحيكها في الكواليس وكُشفت قبل وصولها إلى مرحلة التنفيذ. في مساء يوم الثلاثاء 25 يناير من سنة 1983، سيُعلن عبر بلاغ رسمي عن وفاة الجنرال أحمد الدليمي بسبب حادث سير على الطريق الرابطة بين مراكش والرباط، إثر اصطدام سيارته بشاحنة كبيرة، لكن رواية أخرى قدمها الإعلام الأجنبي تقول إن الواقعة ليست عادية بل كان مخططا لها. هذه الرواية ستتعزز بمعطيات جديدة خرجت إلى العلن بعد أن نزعت الاستخبارات الأمريكية غطاء السرّية عن حزمة من الوثائق، وجدنا بعد الاطّلاع على محتواها أن الدليمي كان مراقبا وترصده واشنطن وأن رأسه كان مطلوبا. وسننشر تفاصيل الوثائق الأمريكية في سلسلة مقالات تكشف جوانب جديدة من تحركات الجنرال. بالعودة إلى بدايات صعود الدليمي وإمساكه بمفاتيح الكثير من الملفات، نجد أنه حين قرر الملك الحسن الثاني تنظيم المسيرة الخضراء عام 1975، كان الجيش المغرب يعاني من فراغ على مستوى القيادة بعد تعرض عدد من القادة البارزين للتصفية على إثر المحاولتين الانقلابيتين الفاشلتين في بداية السبعينيات، ولأول مرة في التاريخ سيخوض جيش نظامي حربا طويلة الأمد بدون وزير حرب، وقيادة عسكرية عليا؛ فالتنسيق في بداية الحروب مع "البوليساريو" كان يتم مباشرة بين الملك الحسن الثاني شخصيا وبعض كبار قادة الجيش الذين كانوا يكلفون بمهام محددة في الزمان والمكان، وكان أحمد الدليمي من بين من كان ينسق معهم الملك الراحل، وكان حينها مجرد عقيد، ولم يتم بعد ترقيته إلى رتبة جنرال. خلال فترة الحرب الأولى برز العقيد أحمد الدليمي كقائد ميداني للقوات المسلحة المتمركزة في الصحراء، وواصل إنجازاته الحربية إلى حرب بناء الجدار الأمني التي استمرت من 1980 حتى 1987، وفي أوج انتصارات القوات الملكية المسلّحة سيُعلن عن الوفاة المفاجئة للجنرال أحمد الدليمي في حادثة سير بمراكش. وإذا كانت الرواية الرسمية تقول إن الحادثة عادية، فإن هشام الدليمي ابن أخ الجنرال يرى أنها حادثة مدبرة يقف وراءها إدريس البصري ومولاي حفيظ العلوي وأحمد رضا اكديرة، وفق ما ذكره في حوار كان قد أجراه قبل سنوات مع مجلة "أكتييل"، أما شقيقه محمد الدليمي فيؤيد الرواية الرسمية ويؤمن أن ما وقع للجنرال قدر محتوم.