جددت ألمانيا دعمها لمبادرة الحكم الذاتي في الصحراء، التي تقدم بها المغرب في 2007، باعتبارها مجهودا "جادا وذا مصداقية" من قبل المملكة و"أساسا للتوصل إلى حل مقبول من الأطراف". وأكدت رئيسة الدبلوماسية الألمانية، أنالينا بيربوك، عقب محادثات أجرتها، ببرلين، الخميس الماضي، مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، الذي يقوم بزيارة عمل إلى ألمانيا، مرة أخرى، على "دعم ألمانيا طويل الأمد للمسلسل الذي تقوده الأممالمتحدة قصد التوصل إلى حل سياسي واقعي، براغماتي، مستدام ومقبول من الأطراف".
يأتي هذا، بعد ما عرفت العلاقة بين البلدين عديد التوترات، كانت أبرزها تلك التي اندلعت شرارتها سنة 2020، بسبب ما اعتبرته المملكة المغربية "إقصاء" لها من حضور مؤتمر برلين المتعلق بالملف الليبي، الذي لعب فيه المغرب دورا رياديا من خلال احتضانه لمفاوضات الأطراف الليبية المتنازعة، وصولا إلى "اتفاق الصخيرات"، بالإضافة إلى دعوة ألمانيا، في مارس من سنة 2021، مجلسَ الأمن للنظر في مشروعية الإعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء، وهو اعتبره المغرب موقفا عدائيا، استدعى على إثره سفيرته ببرلين إلى الرباط للتشاور، وأدى إلى توتر العلاقات بين البلدين وتأزمها لشهور عدة.
في هذا الصدد، قال نبيل الأندلوسي، رئيس المركز المغاربي للأبحاث والدراسات الإستراتيجية، إن "العلاقات المغربية الألمانية، وبعد سحابة الصيف التي مرت بها قبل سنتين، عادت إلى سابق عهدها وتوطدت أكثر قبل سنة من الآن، بعد مراجعة برلين لموقفها المتسرع من السيادة المغربية على أقاليمه الجنوبية، والتي توجت بزيارة لوزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، إلى الرباط في 25 غشت 2022، حيث تم فيها الاتفاق على بدأ صفحة جديدة للعلاقات المغربية الألمانية على أساس من الوضوح والثقة والتعاون من أجل المصالح المشتركة وفق آليات جديدة".
وأضاف الأندلوسي في تصريح ل"الأيام24″، أنه "تم الإتفاق أيضا على تفعيل حوار استراتيجي متعدد الأبعاد لتعزيز مختلف جوانب التعاون الثنائي بين البلدين، وإعادة إحياء اللجنة الاقتصادية للدفع بالتعاون المشترك في المجالين الإقتصادي والمالي وتعزيز الشراكة في عدة مجالات ومنها الهيدروجين الأخضر، الطاقة، الهجرة، مكافحة الإرهاب، وغيرها من المجالات ذات الإهتمام المشترك".
وأوضح نائب رئيس لجنة الخارجية بمجلس المستشارين السابق، أن "الزيارة التي يقوم بها وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة إلى الجمهورية الإتحادية الألمانية، ماهي إلا تفعيل لمخرجات إتفاق السنة الماضية، وتعزيز لهذا الفصل الجديد من العلاقات الثنائية بين البلدين".
وأكد الأندلوسي، أن "السياسة الخارجية المغربية، باتت تعتبر الموقف من السيادة المغربية على الصحراء والموقف من مشروع الحكم الذاتي، أساس إقامة علاقات دبلوماسية متميزة مع الدول الصديقة، أو كما سبق للملك محمد السادس أن عبر على ذلك، بتأكيد جلالته على أن قضية الصحراء هي النظارة، التي ينظر من خلالها المغرب إلى العالم، وأن الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء هو ما يحدد علاقاته مع باقي دول العالم". وأشار المتحدث، أن هذا "هو أحد شروط عودة العلاقات المغربية الألمانية، بعد تأكيد الجانب الألماني على دعم مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء، باعتبارها مبادرة جادة وتحظى بالمصداقية، و"أساسا للتوصل إلى حل مقبول من الأطراف"، مؤكدا أن "الإعلان عن هذا الموقف في الزيارة الأخيرة لبوريطة إلى برلين، من طرف الحكومة الألمانية، تأكيد أن العلاقات بين البلدين تخطت مرحلة التوتر ودخلت مرحلة الحوار الإستراتيجي والتعاون في المجالات ذات الإهتمام المشترك".