يوم بيوم وابزَّا…ف نور الدين مفتاح نشر في 5 أكتوبر 2023 الساعة 9 و 06 دقيقة بئسها من مقاربة ! هذه كارثة بكل المقاييس، هذا زلزال ضرب ما تبقى من حزب المصباح، هذه ُسبة في حق الوجدان العام للمغاربة، وهذا رجم بالغيب وتفسير ظلامي بشع للكوارث الطبيعية وإلا كيف كنا سنكون في قارة منفصلة عن باقي القارات لولا الزلازل، وكيف كان جبل توبقال سيكون هو الأعلى لولا الزلازل، وهل الأرض التي تتحرك كل يوم تقريبا في اليابان هي عقوبة على تزوير الانتخابات هناك؟ هذا هذيان عصابي يستوجب طبيبا للأمراض العقلية، هذا تحقير لكل ضحايا الزلزال ممن كان يجب على هذا الحزب ذي المرجعية الإسلامية أن يعتبرهم شهداء فإذا به يعتبرهم مذنبين زلزلهم ربهم بمعاصيهم بل بمعاصي غيرهم حتى السياسية. والله إننا لا نعيش على وقع فاجعة واحدة هي التي كانت بؤرتها في إيغيل بجبال الأطلس، بل إننا نعيش كوارث تزلزل أحيانا إيماننا بإمكانية النهوض من هذا الاندحار السياسي الذي نحن فيه. نور الدين مفتاح [email protected]
على غير العادة، نفرد هذا العدد من «الأيام» أيضا لنفس الموضوع، ليكون الثالث على التوالي الذي يتناول باستفاضة فاجعة زلزال الحوز ومخلفاته. وإذاكناسنقارب اليوم مشروع إعادة إعمار المناطق المنكوبة، فإنني شخصيا زلزلت هذا الأسبوع بكوارث تواصلية في بلاغات تدمي القلب قبل أن تدمع العين. فأما ما يتعلق بإعادة الإعمار، فإن المشروع الذي صدر في شأنه بلاغ للديوان الملكي هو مشروع ضخم وجّد طموح، فتخصيص 12مليار درهم خلال خمس سنوات لمحو آثار الكارثة الطبيعية وجبر اختلالات التنمية ليس بالأمر الهين، إنها تقريبا خمس الميزانية السنوية للبلاد، والأمر مفهوم لأن امتداد المنطقة التي ضرب فيها الزلزال من جبال الحوز إلى تارودانت يصل إلى مساحة بلجيكا وهولندا مجتمعتين، ولأن ساكنتها هي جزء من ثلث سكان المغرب الذين يقطنون الجبال. المشكل الوحيد في هذا المشروع الطموح هو التنفيذ سواء تعلق الأمر بالنجاعة أو بالنزاهة، وأعتقد أن خطوة إنشاء وكالة خاصة لتدبير هذا الموضوع خطوة محمودة.
يبقى فقط أن تفرز هذه الوكالة آليات للحكامة والرقابة عليها هي في حد ذاتها، وأن لا يضرب موضوع إعادة الإعمار زلزال النسيان، ويعود أهالينا في القمم الشامخة على تخوم جبل توبقال إلى حالهم القديم. كل شيء رهين بربط القول بالفعل وهذا ما نتمناه. وإذا كنا قد استفضنا أيضا في العدد الماضي في آفة الغياب المشين لأعضاء الحكومة عن الحضور التواصلي والميداني في كارثة لم تشهدها المملكة منذ 1000 سنة، مما كان يستوجب سقوطها في دول أخرى، فإن التدارك الذي تم من خلال خروج الساكت باسم الحكومة عن صمته بعد 15 يوما عن الفاجعة، ونزول السيد عزيز أخنوش ونزار بركة وعبد اللطيف وهبي كزعماء لأحزاب الأغلبية، كل في وجهة، إلى الميدان كان باهتا يبعث على الشفقة وبدون مصداقية.
ففي الفواجع الوطنية لا يمكن أن ينطبق المثل الفرنسي الذي يقول إن الوصول المتأخر خير من عدم الوصول. في هذا الموضوع الإنساني العميق، إما أن تصل في الوقت أو سيقول لك المكلومون: شكرا لقد جمعنا خيام العزاء!
والغريب في هذا المغرب السياسي العجيب هو أننا أمام الضعف الحكومي الرهيب في مواكبة زلزال الحوز رغم ما يقال من تبريرات واهية عن بنية النظام السياسي المغربي – لم نجد للمعارضة أثرا حتى انطبق عليها وصف الفنان الساخر بزيز ذات زمن ب: «المعاراضية»، بل إن الذي تكلم منها اقترف تصريحا يندى له العقل قبل الجبين، فقد قال محمد أوزين، زعيم الحركيين، في مؤسسة الفقيه التطواني إنه منع قياديي وبرلمانيي حزبه من التوجه إلى المناطق المتضررة من الزلزال في جبال الحوز وأحواز تارودانت، والسبب؟ يقول السي أوزين إن الفاجعة يجب أن تبقى بعيدة عن المزايدات السياسية! معتبرا أنه: «في وقت النكبات والكوارث، فإن الفاعل السياسي الأساسي يصبح هو الدولة وليس الأحزاب» ! مضيفا: «لا مجال للسياسة في الكوارث».
إن الذي بصم عليه أوزين هناك هو أنه إذا كان لا مجال للسياسة في الكوارث كما قال، فمرحبا بالكوارث في السياسة. هذه كارثة، أن تقول إن الفاعل في النكبات يجب أن يكون هو الدولة، فمتى يتحرك الفاعل الحزبي؟ في الأعراس والمسرات والملاحم والانتصارات الرياضية؟ ثم ما هو مفهوم الدولة أساسا؟ هل هناك دولة بلا أحزاب؟ وهل ستتحلل الحكومة من اختصاصاتها الدستورية بدعوى عدم مزاحمة الدولة، وهي جزء أساسي من المؤسسات الشرعية المكونة للدولة ولابد أن تحاسب ديموقراطيا من طرف المعارضة؟ عموما هذه هي النخب السياسية اليوم المعول عليها للمساهمة في الإصلاح.. «عولنا على الخلا». الكارثة الأكبر عند جزء من هذه المعارضة هي ما صدر عما تبقى من حزب العدالة والتنمية الذي قاد الحكومة المغربية لمدة عشر سنوات متتالية.
ففي غمرة ألم الفاجعة الذي مازال يخيم على سماء المملكة وهي تترحم على أكثر من 3000 ضحية وتهّب للتضامن مع الناجين وتفكر في إعادة بناء أكثر من 60 ألف مسكن ضربها الزلزال، لم تجد الأمانة العامة لهذا الحزب من شيء تقوله إلا ما يلي: «من واجبنا كحزب سياسي أن نعتبر وأن ندعو إلى الاعتبار مما وقع … وأن نرجع إلى الله سبحانه وتعالى كي يضمد جراحنا ويعوضنا عن مصيبتنا خيرا. ولكن يجب أن نراجع كذلك أنفسنا كي نرجع إلى الله لأن كل شيء يصيب الإنسان فيه إنذار، والصواب هو أن نراجع كأمة ونتبين هل الذي وقع قد يكون كذلك بسبب ذنوبنا ومعاصينا ومخالفاتنا ليس فقط بمعناها الفردي، ولكن بمعناها العام والسياسي، لأن السؤال المطروح ليس فقط عن المخالفات الفردية، وإنما عن الذنوب والمعاصي والمخالفات بالمعنى السياسي وتلك الموجودة في الحياة السياسية عامة والانتخابات والمسؤوليات والتدبير العمومي وغيرها…». بئسها من مقاربة ! هذه كارثة بكل المقاييس، هذا زلزال ضرب ما تبقى من حزب المصباح، هذه ُسبة في حق الوجدان العام للمغاربة، وهذا رجم بالغيب وتفسير ظلامي بشع للكوارث الطبيعية وإلا كيف كنا سنكون في قارة منفصلة عن باقي القارات لولا الزلازل، وكيف كان جبل توبقال سيكون هو الأعلى لولا الزلازل، وهل الأرض التي تتحرك كل يوم تقريبا في اليابان هي عقوبة على تزوير الانتخابات هناك؟
هذا هذيان عصابي يستوجب طبيبا للأمراض العقلية، هذا تحقير لكل ضحايا الزلزال ممن كان يجب على هذا الحزب ذي المرجعية الإسلامية أن يعتبرهم شهداء فإذا به يعتبرهم مذنبين زلزلهم ربهم بمعاصيهم بل بمعاصي غيرهم حتى السياسية. والله إننا لا نعيش على وقع فاجعة واحدة هي التي كانت بؤرتها في إيغيل بجبال الأطلس، بل إننا نعيش كوارث تزلزل أحيانا إيماننا بإمكانية النهوض من هذا الاندحار السياسي الذي نحن فيه. لقد وصل السيل الزبى، وبالدارجة الفصحى: بزا…ف.