أثار قرار غرفة الجنايات الابتدائية لدى محكمة الاستئناف بفاس، القاضي بتبرئة المتهمين على ذمة ملف اختلالات البرنامج الاستعجالي لإصلاح التعليم جدلا واسعا، معيدا إلى واجهة النقاش الحقوقي العمومي سؤال الأحكام القضائية التي تصدر في هذا النوع من الملفات والتي تعد في مجملها مخجلة، بل ومشجعة على التمادي في الفساد.
ويتعلق الأمر بتبديد واختلاس أموال عمومية، كانت موجهة إلى إصلاح التعليم خلال فترة تولي الوزير الأسبق أحمد اخشيشن القطاع بين 2009-2012 في إطار ما سمي بالبرنامج الاستعجالي الذي كلف ما يقارب 44 مليار درهم، قبل أن تمتد إليها أيادي خفية تورطت في اختلالات كانت موضوع تقرير أسود لقضاة المجلس الأعلى للحسابات.
تبعا لشكاية تقدمت بها الجمعية المغربية لحماية المال العام، فإن عدد المتهمين في هذه القضية، كان يقدر ب22 شخصا، قبل أن يصبح 18 متابعا فقط، من بينهم مديرين للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة فاس بولمان سابقا، ومسؤولين وموظفين آخرين ونوابا ومقاولين، تم إخلاء سبيلهم بعد النطق ببراءتهم أول أمس الثلاثاء.
المحامي محمد الغلوسي، قال في تصريح ل"الأيام 24″، إنه يصعب إبداء رأي بشكل موضوعي بخصوص قرار الهيئة القضائية التي بثت في الملف، في غياب تعليلها وحيثيات حكمها والأدلة التي عرضت أمامها، لكن ذلك لم يمنعه من التساؤل عم مصير المبالغ المالية الضخمة التي صرفت من المال العام في إطار البرنامج الاستعجالي، لكن لم يظهر أثرها على التعليم ليواصل المغرب تذيل مراتب متأخرة دوليا على هذا المستوى.
وأوضح الغلوسي الذي تعد الجمعية التي يرأسها هي من حركت الملف قبل سنوات بشكاية وضعتها على طاولة رئاسة النيابة العامة، أنه بعد إحالة تلك الشكاية على الوكيل العام للملك لدى محكمة الإستئناف بالرباط والذي أحالها بدوره على الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء، تم الاستماع إليه بصفته رئيسا للجمعية المغربية لحماية المال العام.
ولفت المتحدث إلى أن "العقاب والمحاسبة يقتصران عادة على الضحايا وأكباش فداء، فقد تمت متابعة بعض المسؤولين الإقليميين، بينما تركت الحيثان الكبرى خارج دائرة المساءلة، في تمييز واضح لإعمال القانون والعدالة وتقويض أركانهما في واضحة النهار".
المطلوب اليوم، يشدد الغلوسي، "وجوب تعميق البحث في هذه القضية والاستماع إلى المسؤولين الكبار في هذا الملف، على رأسهم الوزير اخشيشن الذي كان يتحمل المسؤولية حينها، بمعية كل الموظفين الكبار بالوزارة الذين لهم علاقة بتدبير هذا الملف ممن راكموا ثروة هائلة"، مبرزا أنه "لايمكن إقناع المغاربة بالجدية في مكافحة الفساد ونهب المال العام والرشوة وهم يرون أن الذي يدفع الثمن هم موظفين صغار لايمكن أن يرتكبوا تلك الأفعال المشينة والخطيرة دون تواطؤ أو مشاركة الكبار في الجريمة".