أعلنت شركة "شانغهاي إلكتريك" الصينية المتخصصة في مشروعات الطاقة والمياه عن توقيع عقد جديد لتنفيذ المرحلة الثانية من مشروع تحلية مياه البحر المعروف باسم "OCP SAFI WAVE II" في المغرب، وذلك في خطوة تعد نقلة نوعية في مسار التعاون البيئي والتنموي بين الرباط وبكين. ويمثل هذا المشروع محطة محورية في علاقات الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، حيث يدخل في صميم التوجهات المغربية نحو تعزيز الأمن المائي، لا سيما في المناطق الصناعية الكبرى مثل مدينة آسفي، التي تضم واحدة من أكبر وحدات إنتاج الفوسفات ومشتقاته في العالم، والتي تشرف عليها مجموعة OCP الرائدة. ويُنتظر أن تساهم محطة التحلية الجديدة في دعم احتياجات المجمع الصناعي للماء غير الصالح للشرب، مما يخفف الضغط على الموارد الطبيعية ويوفر حلاً مستدامًا للتحديات المائية في ظل التغيرات المناخية وتقلّبات الأمطار التي يشهدها المغرب في السنوات الأخيرة. المشروع، الذي يجسد شراكة خضراء بامتياز، لا يقتصر على البعد التقني فحسب، بل يعكس أيضًا رؤية مشتركة بين المغرب والصين لتعزيز الانتقال نحو اقتصاد أكثر استدامة، من خلال دمج الطاقات المتجددة، والتكنولوجيا البيئية في المشاريع الحيوية، وخاصة تلك المرتبطة بالماء والطاقة. ويعد هذا التعاون امتدادًا لمسار طويل من الشراكات الثنائية بين المغرب والصين، لا سيما في مجالات البنية التحتية والطاقة والابتكار الصناعي، وهو ما يندرج ضمن مبادرة "الحزام والطريق" التي تسعى الصين من خلالها إلى تعزيز الروابط الاقتصادية مع الدول الصاعدة في إفريقيا. ويرى مراقبون أن هذا المشروع يعكس اهتمام الصين بتعميق حضورها الاقتصادي في شمال إفريقيا، من بوابة المغرب الذي أصبح وجهة مفضلة للاستثمارات الدولية بفضل استقراره السياسي، ووضوح رؤاه الاستراتيجية في قطاعات حيوية مثل الماء، الطاقة، والفلاحة. ومن المرتقب أن تبدأ الأعمال التنفيذية للمشروع في وقت قريب، على أن يُنجز وفق أعلى المعايير البيئية والتكنولوجية، ما يعزز من موقع المغرب كدولة رائدة في مجال التحلية والابتكار البيئي في القارة الإفريقية.