في لحظة رمزية تعيد إلى الأذهان روح مؤتمر بيجينغ التاريخي قبل ثلاثين عاماً، أطلق الرئيس الصيني شي جينبينغ نداءً عالمياً من العاصمة الصينية خلال اجتماع القادة بشأن المرأة، دعا فيه إلى فتح صفحة جديدة في مسيرة المساواة والتنمية والعدالة، مؤكداً أن "كل امرأة بطلة في مسيرة التحديث الإنساني". وأوضح شي في كلمته أن المرأة تمثل جوهر الحضارة ومحرك تقدمها، وأن النهوض بأوضاعها مسؤولية إنسانية مشتركة تتجاوز الحدود والثقافات، مشيراً إلى أن العالم حقق تقدماً ملموساً منذ مؤتمر بيجينغ عام 1995، حيث تبنّت معظم دول العالم تشريعات تضمن حقوق المرأة، وصادقت 189 دولة على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء، غير أن الطريق لا يزال طويلاً، إذ ما زالت مئات الملايين من النساء والفتيات يعانين من الفقر والحروب والعنف والتمييز، في وقت تتسع فيه الفجوة الرقمية بين الجنسين. وأكد الرئيس الصيني أن المطلوب اليوم هو تجديد الالتزام بروح مؤتمر بيجينغ والانطلاق في مسار عملي لتسريع التنمية الشاملة للمرأة، داعياً إلى خلق بيئة آمنة ومستقرة تمكّن النساء من العيش في سلام بعيداً عن أهوال النزاعات، ومشدداً على ضرورة محاربة كل أشكال العنف ضد النساء ودعم دورهن في إعادة بناء المجتمعات بعد الحروب. كما دعا إلى إشراك المرأة في الثورة التكنولوجية والابتكار العلمي، بما يجعلها شريكاً كاملاً في التنمية الخضراء والاقتصاد الرقمي، وإلى تطوير القوانين والسياسات الكفيلة بضمان وصول النساء إلى الموارد التعليمية والصحية بشكل عادل، وتمكينهن من المشاركة الفاعلة في صنع القرار الوطني والدولي، بما يجعل المساواة بين الجنسين قيمة حضارية وسلوكاً اجتماعياً راسخاً. واعتبر شي أن التعاون الدولي هو المدخل الحقيقي لتحقيق العدالة للمرأة في العالم، داعياً إلى نظام حوكمة عالمية أكثر إنصافاً يضع الإنسان في المقام الأول، ويمنح اهتماماً خاصاً لاحتياجات النساء في الدول النامية. وأكد أن الصين ستظل فاعلاً رئيسياً في هذا المسار، معلناً عن سلسلة من المبادرات لدعم قضية المرأة، من بينها تقديم عشرة ملايين دولار إضافية لهيئة الأممالمتحدة للمرأة، وتخصيص مئة مليون دولار لتمويل مشاريع مشتركة ضمن إطار التنمية العالمية وتعاون الجنوب-الجنوب، وإنشاء ألف مشروع ميداني يستهدف النساء والفتيات في مجالات التعليم والصحة، إلى جانب دعوة خمسين ألف امرأة من مختلف الدول للمشاركة في دورات وتبادلات داخل الصين، وإنشاء مركز عالمي لتأهيل القيادات النسائية. وفي استعراضه لتجربة بلاده، أوضح شي جينبينغ أن الصين تمكنت من تحقيق إنجازات غير مسبوقة في مجال تمكين المرأة ضمن مسيرة التحديث الوطني، إذ أُخرج نحو 690 مليون امرأة من الفقر، وتراجع معدل وفيات الأمهات بنسبة تقارب 80% مقارنة بعام 1995، مشيراً إلى أن النساء يمثلن اليوم أكثر من 40% من القوى العاملة في الصين، وأكثر من نصف رواد الأعمال في قطاع الإنترنت، و60% من الفائزات بالميداليات الأولمبية خلال الدورات الأخيرة. وقال إن المرأة الصينية أصبحت شريكاً أساسياً في التنمية، تشارك بثقة في كل مجالات الابتكار والإنتاج والحوكمة، وتكتب فصولاً مشرقة من الإصرار والطموح في مسيرة التحديث. وختم الرئيس الصيني كلمته بمثل صيني معبّر قائلاً: "المثابرة تجلب النتائج المثمرة"، داعياً إلى الحفاظ على روح بيجينغ وتوريثها للأجيال المقبلة، والمضي قدماً في طريق مشترك نحو مستقبل أكثر إشراقاً للنساء وللبشرية جمعاء، مؤكداً أن المساواة ليست شعاراً عابراً، بل أساس لتحقيق مجتمع إنساني متكامل يعيش فيه الجميع بكرامة وعدالة وسلام.