أجمع المشاركون في اليوم الدراسي الذي نظمته شعبة علوم الاعلام بكلية الاداب سايس بفاس، على قصور المقاربة الاعلامية لدى المغرب الرسمي في تعامله مع قضية الوحدة الترابية، وطالبوا بضرورة تجاوز التدبير التقليدي للملف، خصوصا في غياب استراتيجية تواصلية سياسية لدى اندلاع كل أزمة يفتعلها خصوم الوحدة الترابية. قال العربي المساري إن المقاربة التوافقية في تدبير ملف الصحراء هي القمينة بحل وتجاوز الافتعالات التي تصنعها الجارة الجزائر، وذكر الأستاذ المساري بالاستراتيجيات الملغومة التي حاولت الجزائر تصريفها ضد الوحدة الترابية لبلادنا، جاء ذلك في معرض حديثه بكلية الاداب والعلوم الانسانية سايس، فاس في اليوم الدراسي الذي نظمته شعبة علوم الاعلام والتواصل حول قضية الوحدة الترابية في الاعلام الوطني، وزاد المساري وزير الاتصال الأسبق على عهد حكومة اليوسفي أن الوقت فات على الجزائر لتنفيذ مخططها بفعل انفتاح المغرب وتبنيه لنسق سياسي منفتح. مذكرا بأن المغاربة بفضل فراستهم التاريخية لم يعمدوا قط الى الفصل بين معركة الديمقراطية ومعركة الوحدة الترابية بفعل التأطير الحقيقي الذي قامت به القوى الديمقراطية في بلادنا، إلا أن صيانة المكاسب ومواجهة المكائد يتابع ذ. المساري مرتبط أشد الارتباط بتدعيم الديمقراطية وتعزيز دولة المؤسسات والكف عن ألاعيب تمييع الحياة السياسية. نور الدين مفتاح، مدير نشر أسبوعية «الأيام» من جهته، تساءل عن أي إعلام مغربي يوجد بين ظهرانينا، ولمن سيتوجه هذا الاعلام، وماذا بقى له أن يعالج مادامت الاطروحة الوطنية تتحدث عن الإجماع، إذ ماذا سنضيف على الاجماع (!) وانتقد مفتاح الصيغ المختلفة لمعالجة والدفاع عن قضية الصحراء المغربية، مذكرا بالارتباكات التي ظهرت على المسؤولين عندما انفجرت قضية أميناتو حيدر، والطريقة الرديئة التي عولج بها الملف و«سافر» مفتاح بالحاضرين في المشاكل التي تعيشها الصحافة، إذ أن الجرائد الوطنية لا تقرأ ولا تصل الصحراء إلا بيوم متأخر عن صدورها... ونسبة المقروئية لاتتجاوز 300 ألف نسخة، إذ ما هو تأثير هذا الإعلام المعطوب والمحدود والضعيف المسكين باعتراف المهنيين.. نور الدين مفتاح ختم بأسئلة إشكالية.. لها عمقها.. هل الدولة تملك استراتيجية في التواصل السياسي، وهل هناك خبراء في الاتصال كبقية الدول المتقدمة. وأخيرا، هل انتقاد الصحافة الوطنية للتدبير الرسمي هو مس بالقضية الوطنية؟!!! محمد عبد الوهاب العلالي، الأستاذ بالمعهد العالي للصحافة والاعلام بالرباط .. ساق نموذج قضية أميناتو حيدر وزوايا المعالجة التي اشتغل عليها الاعلام الوطني بشقيه الرسمي والمكتوب، وتساءل هو الآخر عن وجود أو عدم توفر استراتيجية تواصلية لمعالجة بعض القضايا الطارئة، مضيفا أن الأمر لم يرق الى تبني إعلام أزمة على شاكلة بعض الدول التي تضع خططا استباقية لمعالجة واعية لقضايا الأزمة. العلالي المتخصص في الاتصال السياسي .. قبض على بعض التفاصيل العميقة في طريقة تدبير الملف المذكور الذي عولج بمقاربة عفوية ساذجة همها إطفاء الحرائق. وصاغ في ذلك مسائل جوهرية شكلت نقط ضعف في ملف حيدر..: - الارتباك التام في قضية المعالجة .. - اتصال سياسي بدون استراتيجية لمحاصرة تداعيات القضية. - صورة ملتبسة لدبلوماسية حزبية قليلة النجاعة. - تعدد مصادر القرار. - رؤية تجزيئية للقضية. - عدم استثمار المواقع الالكترونية بالنسبة للمغرب. العلالي بوضوح تام خلص الى أن الإعلام المغربي في 80 % منه يتبنى الاطروحة الرسمية ويسقط في الدعاية بدل ممارسة الاعلام الحقيقي والحاجة لرؤية جديدة لتجاوز مفهوم «الاجماع الوطني» الى التعدد والتنوع. حماد صابر، أستاذ القانون بكلية الحقوق بفاس، أكد على ضرورة تيسير الحق في الولوج الى المعلومة الذي يمكن أن يؤسس لثقافة سياسية مبنية على الحرية، مذكرا بأن تاريخ الإعلام الوطني في جزء غير يسير منه لا يخرج عن السياق العام لاحتكار الدولة لكل القطاعات، الأستاذ صابر أكد هو الآخر على ضرورة القطع مع المفاهيم الفضفاضة كالاستفتاء التأكيدي والجهوية الموسعة... ! .. وقال إن المسكوت عنه في المعالجة الإعلامية هو ملف اللاجئين، و2400 مغربي أسير بسجون تندوف والجزائر لم يتحدث عنهم لا إعلام رسمي ولا موازي، والعائدون من الأسر الذين لا يستثمرون علاقتهم الإنسانية والقبلية في إقناع أصحاب العقوق السياسي. هذه المجالات الثلاثة ظلت مغيبة في النقاش العمومي. عبد العالي مستور كان آخر متدخل في هذا اليوم الدراسي .. ذكر بأن المغرب الرسمي يطرح مقاربات جديدة ويدبرها بوسائل قديمة. لقد تم توسيع المجال العمومي وتحولت القضية من قضية دولتية الى حقوقية وسياسية ومدنية. بحيث توسعت الوظائف وتحررت الأماكن- يتابع مستور ، الذي أشار الى أن الرأي في المشكل المفتعل يملكه الجميع بشكل مقتسم بين كل الفاعلين مع الحق في الاجتهاد والتداول. وسرد في مداخلته عدة وظائف أساسية لابد من احترامها كتحديد الأولويات في الأجندة الوطنية، التشجيع على المشاركة والاقناع، تثمين حرية الصحافة واستقلاليتها، الحوار والنقاش العمومي الذي يجب أن يكون ضمن تعبئة عامة وكسب الأنصار بدون تجييش حتى يصل المغرب لبناء رأي عام محلي ووطني وخارجي يؤمن بعدالة القضية. اليوم الدراسي عرف نقاشا ثريا امتد لأكثر من ساعة، نشطه الطلبة والأساتذة والإعلاميون.. في جو أحس الجميع بهويته وبتاريخ المغرب الممتد على قرون والذي لا يمكن أن تزعزعه شرذمة من معتوهي سياسات الحرب الباردة.