بكامل الحزن والأسى والألم، بلغنا في نادي القلم المغربي خبر وفاة صديقنا، المبدع والكاتب المتميّز عزيز بن حدوش، مساء يوم السبت 22 أكتوبر، بسبب حادث غرق أليم رفقة أحد أصدقائه بشاطئ أكلو نواحي مدينة تزنيت وهما في رحلة صيد، اعتاد المبدع أن يباشرها في نهاية كل أسبوع. وبهذه المناسبة الأليمة نتقدم بتعازينا العميقة و مشاعرنا ومواساتنا الصادقة لعائلته الصغيرة والكبيرة ولأصدقائه وقرائه، في هذا المصاب الجلل والفقد الكبير، وإننا اليوم لنعبر عن بالغ حزننا وحسرتنا، لفقدان الساحة الثقافية والأدبية المغربية لمبدع قل ما يجود الزمان بمثله، نبلا وخلقا ونكرانا للذات، مبدع مبدئي، وملتزم، متواضع، مثال للتفاني والإخلاص في الإبداع والعمل، سلاحه الكلمة الصادقة، والقيم الرفيعة، مبدع أحب وطنه وأرضه وشعبه سرّا وعلانية، مناضل عاشق للبحر والحرية، كاره للظلم والاستبداد، حالم بوطن قادم يعيشفيه الإنسان كريما حرّا، بلا خوف ولا وجل ولا خجل، وطن للجميع نساءً ورجالا، دون تمييز. رحل بن حدوش وهو لم يستكمل بوحه وحبه للوطن، رحل وقد اختطفه منا الموت، وكأنه اختار البحر الذي عشقه كفنا لروحه جسده، لقد فقدت الساحة الثقافية مبدعا ملتزما وكاتبا مناضلا ، سلاحه الكلمة، ومعوله القلم، لا يفكّر إلا عبر ضمير الجمع، ولا يطمح إلا لتقدم بلده وكرامة شعبه، عشق الحرية وناضل من أجلها؛ مقت بؤس السياسة وانحطاطها، استطاع عبر صدق كلماته أن يضمن لنفسه حيزا في قلوب قرائه وأصدقائه ورفاقه، لقد غيّب عنا الموت كاتبا شجاعا وجريئا لا يخشى في الحق لومة لائم، ولا يتردد في إدانة الظلم والجهل والزيف. رحل عزيز بن حدوش المبدع والإنسان والمناضل، وعاشت كلماته التي خطّها رواية وشعرا حارقا، والتي لازال يتردد صداها في الأمداء الواسعة،وفي أرجاء ساحة الفداء بالدار البيضاء التي احتضنته بعد أن تنكرت له المؤسسات الرسميةواستضافته عبر نادي القلم المغربي للتضامن معه في محنته بسبب ما تعرض له من عنف، وكان ذلك ضمن فعاليات الدورة الثامنة لمعرض الكتاب المستعمل سنة 2015، حينها جاء جريحا يتحدث عن «جزيرة الذكور» التي تركها جمرة بيد الرقيب القاضي تنتظر المحاكمة إلى اليوم، والتي كادت أن تنهي حياته حينها، بسبب ما تناوله وباح به فيها، والمرة الثانية عندما استقبلته الساحة نفسها في لقاء نقدي احتفاءً بصدور روايته الثانية «أسنان شيطان» التي واصل فيها بوحه وعشقه للوطن، وكذا إدانته للزيف وقيم الاستغلال التي تنخر مجتمعنا.من الكلمات الأخيرة التي خطها على حائطه الفايسبوكي: «مازال البحر مزارا ومعبدا ومصدر حياة، ونتمنى أن يبقى كذلك. مرحبا بكم سمكة الدوراد تنتظركم». 17/10/2016. وهو لا يدري أن البحر سيكون كفنا لروحه وجسده، وأنه خلف جماله وأمواجه يقبع قاتل وغدار، يتربّص، ليغيبه عنا والساحة الثقافية والإبداعية في أمسّ الحاجة إليه، وإلى قلمه المبدع والصادق والمعطاء. ولأننا في نادي القلم قد عبرنا دائما عن تضامننا اللّامشروط مع المبدع عزيز بن حدوش في محنه المختلفة (العنف/ 2015) و(المحاكمة2016)، فإننا نعبّر اليوم عن حزننا ومواساتنا لكل أفراد أسرته راجين أن يلهمهم الصبر والسلوان. وداعا أيها العزيز عزيز بن حدوش. أيها المبدع الصادق. أيها الإنسان المناضل. وداعا يا عاشق البحر والحرية. وداعا يا عاشقا قتله عشقه. سنظل أوفياء لروحك وذكراك ومبادئك وقيمك وصدقك ونبلك. وداعا أيها الصديق وداعا أيها الرفيق.