خلال زيارتين رسميتين لجلالة الملك إلى الإقليم ، سهر شخصيا على وضع حجر الأساس لمجموعة المشاريع الطموحة، التي كانت ستساهم لا محالة في رفع الحيف عن إقليم أساسي في الاقتصاد الوطني، وستدمجه ضمن الإستراتيجية التنموية للبلاد، فباستثناء «العرض المدرسي والجامعي» الذي خرج إلى الوجود وهي مشاريع في عهد الأستاذ الحبيب المالكي الوزير السابق للتربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر في عهد حكومة إدريس جطو (2002-2007) ... ، فإن باقي المشاريع بقيت حبرا على ورق. وضع جلالة الملك الحجر الأساسي لمشروع المنجم الأخضر في شتنبر 2007 على مساحة 300 هكتار وبقيمة مالية تصل إلى 150 مليارا ..وبعد حوالي خمس سنوات وخلال زيارته الثانية في مارس الماضي ، لوحظ أنه تم تقزيم المشروع إلى 6 ملايير ؟ وتم وضع الحجر الأساسي مرة ثانية ...وتبخرت الأحلام...من مشروع حضري وبيئي كبير ويمتد إنجازه إلى عشر سنوات من طرف مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط ويشتمل على أربعة متاحف ومركب سكني من 3500 سكن وقرى سياحية وملاعب رياضية وفضاءات خضراء، وذلك في إطار عملية إعادة التأهيل المستمر للمنشآت المنجمية القديمة وتشجيع السياحة العلمية ورد الاعتبار لتراث ذي قيمة تاريخية كبيرة ، وإبراز الوجه التاريخي للمدينة وتطوير البحث العلمي لمنطقة عاشت أكثر من 60 مليون سنة وخلق 2000 منصب شغل دائم وما يقارب حوالي 1,4 مليون يوم عمل...كل ذلك الحلم تحول إلى كابوس ...وتحول المشروع الأول (1,5 مليار درهم) إلى مشروع ثان (0,6 مليار)...مما يطرح أكثر من سؤال حول الأسباب والخلفيات...وحول هذا التراجع الخطير ، ومن يتحمل المسؤولية في ذلك؟ كما أن المناطق الصناعية بالإقليم وخاصة بمدينة خريبكة والتي صادق المجلس الإقليمي وبلدية خريبكة على توسيعها لتصبح متوسطة الحجم وستساهم في تشجيع الاستثمارات بالمنطقة، لكن المشروع لم ينطلق بعد، رغم مرور سنوات عديدة ، وذلك بسبب تعقيد المساطر الإدارية وتنفيذ الأحكام القضائية وسوء تدبير المشروع وغياب الحكامة ...مما حتم على المستثمرين غض الطرف عن تلك المناطق وتحويله إلى مناطق وأقاليم مجاورة ... وضاعت الأحلام... خصصت إدارة الفوسفاط اعتمادا ماليا كبيرا لبناء مركب رياضي كبير من الجيل الثالث ورغم توفرها على أراض شاسعة ، التمست من المجلس البلدي بخريبكة تخصيص بقعة لإنجاز المشروع ...تلكأ المجلس في اتخاذ القرار لدورات عديدة ولم يحسم في الموضوع...إن إقليمخريبكة الذي يعتبر إقليما رياضيا بامتياز في كرة القدم وألعاب القوى والدراجات وكرة السلة وكرة اليد والكرة الطائرة والكرة الحديدية والسباحة والجمباز ...وأعطى أبطالا عالميين وحصل على بطولات وطنية وعربية وقارية ...لا يتوفر على ملعب في مستوى انتظارات الأبطال وطموحات سكان الإقليم...كان من المفروض أن يتحقق حلم المركب الرياضي إسوة بأقاليم أخرى...لكنه ضاع بين تماطل إدارة الفوساط وتهرب المجلس البلدي من المسؤولية... هل يعقل أن يتواجد سوق أسبوعي قروي بحاضرة الجهة (خريبكة) ، مجاور لمدرسة المهندسين وبجوار عمالة الإقليم وعلى الطريق الرئيسية رقم 11 الرابطة بين البيضاء وبني ملال ، ذلك السوق الذي أصبح نشازا وغير مرغوب فيه ؟! قرر المجلس لمرات عديدة في دورات عديدة نقل السوق إلى المنطقة الجنوبية للمدينة، بعيدا عن وسط المدينة وتم تحديد الغلاف المالي والدراسات والقرض من صندوق التجهيز الجماعي (4 ملايين درهم) والدراسات إلا أن هذا الكابوس ما زال جاثما على أنفاس السكان... لأنه كابوس وليس حلما. بالإضافة إلى إجهاض مشروع التنمية الشاملة لجماعتي أولاد عبدون وبني يخلف الذي يهم الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والرياضية والثقافية، لكن عامل الإقليم السابق وضع تلك المشاريع في الثلاجة وانتظار الذي يأتي ولا يأتي والبحث عن أساليب أخرى...كانت تلك المشاريع الممولة من طرف الدولة ستغير وجه المنطقة وستساهم في انخراطها في التنمية ، لكنَّ للمسؤولين رأيا آخر ، لا علاقة له بالمسؤولية ولا بالوطنية ، همهم هو البحث عن مصادر التمويل وطرق صرفها ووسائلها...مما فوت على تلك المشاريع فرصة التنفيذ...كما أن العامل السابق كان مسؤولا عن إغلاق مركز التربية والتكوين بقصبة الأطرش بالسماعلة. كما أن المحطة الطرقية التي صادق عليها المجلس البلدي بخريبكة واستكملت دراستها وحددت قيمتها المالية ، لكن المشروع ما زال يراوح مكانه .نفس الشئ عرفه النقل الحضري، بل إن الشركة التي فازت بالصفقة Karimabus لأكثر من سنة.. هي بدورها يجهل المواطنون أسباب تراجعها عن المشروع ، وبقيت محنة السكان بالإقليم والطلبة الجامعيين معلقة إلى أن يأتي «كودو» أو المهدي المنتظر !!! وزد على ذلك مشروع مركب القصور الكلوي بشارع بني عمير والمسبح البلدي والحديقة المجاورة له والحي الجامعي والمركب الجامعي والمنتزه الترفيهي والمقبرة والتدبير الإقليمي للنفايات ومنجم الحديد بأيت عمار والسدود التلية بأبي الجعد ووادي زم ومشروع وادي زمرين ومخططات التنمية للجماعات بالإقليم التي بقيت عالقة !! والمركب السياحي بالخطوات الذي مازال متنازعا عليه بين ذوي الحقوق بأولاد محمد . إذا كان جلالة الملك قد اطلع خلال زيارته الأخيرة للإقليم على حصيلة مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية المنجزة بالإقليم خلال الفترة ما بين 2005-2010 ...لقد تم إطلاق حوالي 300 مشروع بين 2005 و 2010 بكلفة مالية إجمالية قدرها 172 مليونا و 351 ألف درهم والتي همت ،كما كتب، محاربة الهشاشة والتهميش والفقر وخاصة في الوسط القروي...لكن تبقى مجموعة من الأسئلة مطروحة حول عدد المستفيدين وهوياتهم وأهداف المشاريع المنجزة والمستقبلية والأدوار السلبية التي يقوم بها بعض رؤساء الجماعات وكيف تستفيد الجماعات المحظوظة والمشاريع المحظوظة بدون معايير محددة والمقاولات المحظوظة...وسياسة الإقصاء والتهميش للكفاءات المحلية... إن تلك المشاريع المنجزة من مركبات تربوية واجتماعية ورياضية بالإقليم ، عجز المسؤولون عن تدبيرها وانفتاحها على المواطنين، وبقي أغلبها مغلقا أو حكرا على بعض الجمعيات المحظوظة أو المقربة من أصحاب القرار...وبالتالي ضاعت معها الأموال الطائلة وتبخرت الأهداف التي من أجلها أنشئت.