مجلس حقوق الإنسان.. 40 دولة تجدد التأكيد على دعمها للسيادة الكاملة للمغرب على صحرائه    محمد حفيظ يرد على الأزمي.. حين يكذب الشيخ لا عجب أن يكذب المريد! 1/2    خطوة جريئة.. جبهة القوى الديمقراطية تقترح برلمان أكبر مقاعد أكثر ومشاركة السجناء الاحتياطيين    المملكة المغربية تدين بقوة الاعتداء الإسرائيلي السافر وتستنكر بشدة انتهاك سيادة دولة قطر الشقيقة    فرنسا.. ماكرون يعين وزير الدفاع رئيسا جديدا للوزراء            أكثر من 154 ألف مترشح للتنافس على 8.600 مقعد بمعاهد التمريض وتقنيات الصحة في المغرب    دراسة: أسماك الناظور ملوثة بعناصر سامة تهدد صحة الأطفال    إضرابات وطنية جديدة لموظفي الجماعات في شتنبر وأكتوبر    احتجاجا على التهميش والتدبير الأحادي للمديرية الإقليمية للتعليم بالمحمدية المكتب الإقليمي للنقابة الوطنية للتعليم.. فدش ينسحب من اجتماع رسمي ويخوض اعتصاما    توسع عالمي .. افتتاح فرع جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بنيويورك        طالبة مغربية تتألق بالصين وتحصد جائزة مرموقة في مسابقة "جسر اللغة الصينية"    المنتخب المغربي يتجه للحفاظ على مركزه ال12 عالميا    اتحاد طنجة يطرح تذاكر مباراته الافتتاحية أمام الحسنية    أخبار الساحة    أكادير تحتضن أول مصنع مغربي لإنتاج الذباب المعقم لحماية بساتين الحمضيات    وزارة النقل تكشف حقيقة الغرامات على صفائح التسجيل الدولي للمركبات    توقيف ثلاثيني يشتبه في ارتكابه جريمة قتل بخنيفرة    باقبو الفنان الذي ولج الموسيقى العالمية على صهوة السنتير.. وداعا        إفراج مؤقت عن مئات الأبقار المستوردة بميناء الدار البيضاء بعد تقديم ضمانات مالية    الكاتب الأول يترأس المؤتمرات الإقليمية لكل من المضيق وطنجة وشفشاون والعرائش    نقابات تعليمية ترفض "حركة لا أحد"    المختار العروسي يعلن ترشحه لرئاسة نادي شباب أصيلا لكرة القدم    المهدي بنسعيد يوضح تحديثات المجلس الوطني للصحافة وحماية حرية الصحفيين    قطر تدين الهجوم الاسرائيلي على أراضيها    حجب مواقع التواصل يؤدي إلى استقالة رئيس الوزراء وحرق البرلمان في النيبال    المغرب: زخات رعدية محليا قوية مصحوبة بتساقط للبرد اليوم الثلاثاء بعدد من المناطق    توقعات أحوال الطقس غدا الأربعاء    مديرية الأرصاد تحذر: زخات رعدية قوية بعدة مناطق اليوم الثلاثاء    بمشاركة مغاربة .. أسطول المساعدات إلى غزة يقرر الإبحار صباح الأربعاء    بورصة البيضاء تبدأ التداولات ب"الأخضر"                    أمين زحزوح يتوج بأفضل لاعب في الشهر بالدوري القطري    تسريع التعاون في مجالات الكهرباء والطاقات المتجددة محور مباحثات الوزيرة بنعلي مع نظيرها الموريتاني    تلميذ يرد الجميل بعد 22 سنة: رحلة عمرة هدية لمعلمه    السيتي ينهي النزاع القانوني مع رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز    بطولة اسبانيا: برشلونة يؤكد إصابة دي يونغ    1500 ممثل ومخرج سينمائي يقاطعون مؤسسات إسرائيلية دعما لغزة        أجواء روحانية عبر إفريقيا..مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تحيي المولد النبوي        انتشار السمنة بين المغاربة يطلق دعوات إلى إرساء "خطة وطنية متكاملة"        نسرين الراضي تخطف جائزة أفضل ممثلة إفريقية    اللغة والهوية في المغرب: خمسون عاماً بين الأيديولوجيا والواقع    الكلمة أقوى من الدبابة ولا مفر من الحوار؟..        أمير المؤمنين يصدر أمره إلى المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في موضوع الزكاة    دراسة : السلوك الاجتماعي للمصابين بطيف التوحد يتأثر بالبيئة    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    المجلس العلمي الأعلى يعلن إعداد فتوى شاملة حول الزكاة بتعليمات من الملك محمد السادس    مبادرة ملكية لتبسيط فقه الزكاة وإطلاق بوابة رقمية للإجابة على تساؤلات المواطنين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإنتحار أزمة نفسية أم تنموية
نشر في العمق المغربي يوم 06 - 05 - 2024

يعيش إقليم الجديدة منذ سنوات على وقع حالات إنتحار متزايدة الفردية منها والجماعية ، هذا وقد عاش الشارع الجديدي في ظل أقل من أسبوعين منصرمين حالات متكررة لحالات إنتحار ، في مجموع تراب الإقليم لاسيما جماعتي أزمور والحوزية والجديدة. إن حالات الانتحار هاته أثارتنا نحن كحقوقيين حول الطابع المتكرر لهاته السلوكيات النفسية في المقام الأول ، إلا أنه نحن نرى أن هناك ما يوصل بين مجموع هاته السلوكيات القائمة على إنهاء الوجود الشخصي .
وتجدر الإشارة أن الطبيعة الإسلامية للمجتمع المغربي تؤسس على قطيعة مع هاته السلوكيات المحرمة في الإسلام بل إن التجاوب المجتمعي مع هاد السلوك يتماشى والتأكيد على أنه جرم محرم وضعيا وسماويا، جل هاته المحددات لا تغدو إلا أن تكون بمثابة سد منيع أمام المقدم على الانتحار على فعلته تلك وتجعله يعدل عن مسعاه ، فتحدي جل هاته الحواجز هو تأكيد على أن حالات الانتحار هاته ليست حالات نفسية فقط بل الابعد من ذاك فيمكن الجزم كونها اقتصادية واجتماعية في المقام الأول ولا مناص من القول أن هاته الحالات المشتركة هي حالات تمرد أو بالأحرى سخط على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للأفراد .
هذا و يعيش إقليم الجديدة حالة من التوهان وغموض يطبع الحياة في هاته البقعة ، إن الإقليم لازال يتخبط في مشاكل متعددة على رأسها ارتفاع معدل البطالة وتباطؤ مسار التنمية إن وجد ، إن إقليم الجديدة إقليم باهت ملون بألوان قاتمة ،ألوان فاعلين سياسيين أخفقوا في تسيير شؤون هذا الاقليم أو إفاقة الحياة السياسية في هذا التراب على الأقل.
إن الضغوط الاقتصادية وتنامي الفقر المعيشي للمواطنين الجديدي من المحددات التي تدفع نحو نهج مسارات مختلفة تروم إنهاء الحياة، حياة يرى أصحابها أنها غير قائمة وبتالي نهج مسارات أخرى في التعامل مع المشكل التي تطرحها الحياة في هاته الرقعة .
وهنا يمكن القول أن الاعتقاد بوحدانية العوامل النفسية كأسباب للإنتحار هو طرح بائس ، بل إن تنامي الفقر والبطالة و تدني مستوى جودة الحياة هو في حد ذاته محفز على هذا السلوك ، زيادة على الإحساس بالظلم الاجتماعي "الحگرة" هاته تجليات تحفز تنامي هاته الآفة المجتمعية الاخدة في التزايد .
ومن ناحية أخرى يمكن تفهم تزايد حالات الانتحار في هاته الفترة بالضبط ويمكن إرجاء ذاك الى فصل الربيع والذي يعتبر هو الآخر محفز على هاته السلوكيات ، فحسب دراسة اجراها تيودور بوستولا أستاذ الطب النفسي بجامعة ميرلاند قد ربط بين فصل الربيع و الايذاء الذاتي والتهور خصوصا تنامي حالات الانتحار ،وهو نفس الطرح ذهب إليه باحثون في تجربة في ولاية تكساس الأمريكية ، وما خلص إليه الباحثين أن الجهاز الانفي المناعي عندما يستقبل حبوب اللقاح التي تطفو في الهواء في فصل الربيع تفرز هاته الخلايا السيتوكينات التي تحفز الخلايا المناعية لمهاجمة الخلايا الدماغية السليمة الشيء الذي يسبب الاضطراب النفسي وحالات الفزع والتهور بفعل زيادة الضغط والتوتر ، الشيء الذي يمكن الاحتكام عليه في تركز أهم الحركات الاحتجاجات في فصل الربيع لاسيما الربيع العربي وما سبقه من تورات كربيع براغ وغيرهم.
لاكن هاذ الطرح لا يعفي وجود عوامل أخرى على رأسها تدني مستوى التنمية إن الوسط الجديدي لايزال يتلخبط في مشاكل تنموية صرفة تؤثر بشكل مباشر على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للأفراد ، على رأسها تزايد معدلات البطالة وما يقابلها من هبوط خط الفقر ليشمل طبقات كانت متوسطة
إن الحديث اليوم عن تفشي الظواهر الاجتماعية الشاذة من قبيل إرتفاع معدلات الجريمة وحالات الانتحار لا يعدو إلا أن يكون منطلق لفهم مستوى السخط الاجتماعي، إن إقليم الجديدة يعاني من مشاكل جمة على رأسها غياب متنفسات على غرار ما هو متواجد في المدن الاخرى من فضاءات خضراء أو فضاءات ترفيهية في المقابل يعيش الإقليم الجديدي حالة من الفوضى، فوضى الأشغال التي لا تنتهي ، مشاكل تتعلق عدم القدرة على التعامل مع مشكل الازبال التي تؤتت الأزقة و الأحياء ، مشاكل تتعلق بتهالك المتنفسات التي أضحت تفترش التراب من قبيل كورنيش الجديدة و سيدي بوزيد، وغيرها من فوضى الزحف العمراني الجائر وما يقابله من تزايد في الكثافة السكانية الدكالية في حين أن البنية التحتية للإقليم غير قادرة على استيعاب هاته التغيرات الديموغرافية.
بل إن الرجوع الى اسباب الانتحار والسخط الاجتماعي يكون هو الآخر نابع عن مشاكل في تهيئة المجال هذا ويرى الاستاذ الجامعي رشيد البكر المتخصص في مجال قضايا إعداد التراب الوطني و سياسة المدينة، على أن مشاكل إعداد التراب الوطني وإختلال ميزان العدالة المجالية وتبعاتها من تفشي ظاهرة السكن العشوائي و الزحف العمراني الغير محترم للمعايير المتعلقة بفرض الفضاءات الخضراء وعدم التعامل من النشاط العمراني دون خطة محكمة وفاعلة ، سيولد لا محالة "مدن الموت " حيت تصبح المدن الإسمنتية تلك من خلال مظهراها العشوائي والصفيحي ستلبس مظهر مدن البؤس ، هذآ ما يتجسد في الإقليم الجديدي لاسيما من خلال تزايد البناء العشوائي والصفيحي في جوانب الإقليم لاسيما جماعتي أزمور والحوزية وغيرهم التي أضحت مرتع لمجموع السلوكيات الإجرامية التي تلقى بضلالها على الأمن العام داخل الجديدة هاته المحددات يمكن أن تكون نقطة تنضاف لتنامي هاته الظاهرة ،ظاهرة الإنتحار.
دون ما أن ننسى الظواهر البيئة التي تعيش على واقعها الساكنة الجديدة من تلوت هوائي و سمعي و بصري والاخطر من ذاك تلوت مائي فمياه الصالحة للشرب لم تعد كذلك فيعاني إقليم الجديدة مند أزيد من نص سنة على تغير طمع الماء الذي لا يمكن تحمل طعمه الصدأ ، والعجز عن التعامل مع النفايات وتدويرها أو طمرها بكيفية سليمة دون اللجوء الى الحرق ، إن هاذ التلوث يمكن أن يشكل منطلقا للإقدام على محاولات الانتحار بل إن التقارير الأممية لاسيما تلك الصادرة عن منظمة الصحة العالمية ما فتأت تربط إرتفاع معدلات الانتحار بارتفاع معدلات التلوث .
إن الجديدة كإقليم يشكل صلة وصل بين الشمال والجنوب ومن خلال موقعه الاستراتيجي فإنه يستحق أفضل ، بل إن مستقبل هاذ الإقليم لا يمكن إلا أن يكون قطبا تنمويا جديدا في الجهة لما يوفره من إمكانات جغرافية وتاريخية وبشرية ، إن الجديدة اليوم تحتاج الى تركيبة سياسية قادرة على تغيير منحى ما ألت إليه الأوضاع الجديدية نحو الافضل نحو المبتغى ، مبتغى تنمية الأقاليم تسخير موارده المادية والبشرية ل إحقاق التقدم بما فيه خدمة لمصلحة هذا التراب ولمصلحة المواطن .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.