بعد «بوار» و«برونو» يعود المهرج البريطاني في فيلم «الدكتايور» في «مسخ» جديد من خلال شخصية الأميرال جينرال علاء الدين. قبل ساشا بارون كوهين، كان تقليد قديم يريد أن يعرف أبطال الخيال من طرف الجمهور العريض من خلال روايات أو أفلام يظهرون فيها. قبل فيلم «الفرسان الثلاثة»، لم يكن دارتانيون معروفا تماما خارج بلدته، وما كان أنطوان دوانيل ليعرف لولا مساعدة تريفو. منذ سنوات تفنن ساشا بارون كوهين في تأكيد أن الوصول إلى النجومية يمكن أن يتم بطريقة معكوسة، والحق أنه نجح في ذلك. فبعد أن خلق شخصية على (ج) الوغد الأمي الذي يعيش في ضواحي لندن الذي يقلق راقصي الراب، وبعد بورات الصحفي الكازاك المعادي للسامية، وبعد برونو مصمم الأزياء النمساوي الذي يحن للرايخ الثالث، أخرج إلى الوجود شخصية جديدة هي شخصية الأميرال جنرال علاء الدين، المستبد الدموي في دولة اسمها «ودية» دولة صغيرة مارقة في شمال أفريقيا. وهذه الشخصية احتلت كل المجال الإعلامي الممكن خلال عدة أشهر قبل أن يصل الفيلم المخصص لها إلى شاشات السينما. ولبناء هذه الشخصية استلهم ساشا بارون كوهين من عدة فكاهيين كبار، القذافي فيما يخص طريقة اللباس الذهانية، والخطب النارية على طريقة فان دام، وبن لادن فيما يخص اللحية، وأمين دادا بكل ما أنجزه في حياته. وكما هو الشأن بالنسبة لجميع هذه الشخصيات المذكورة، فإن شخصية الأميرال جنرال علاء الدين التي بناها الممثل البريطاني، حظيت بحظوظ تمويل لا محدود من أجل احتلال مجمل المساحات القادرة على استقباله: استجوابات مثيرة في التلفزة والمجلات والجرائد، بلاغات صحفية في شكل أكاذيب مثيرة، تواجد على المواقع الاجتماعية، ألعاب على الهواتف النقالة... وخلال الدورة الأخيرة لمهرجان «كان» السينمائي، تجول الممثل في شوارع المدينة على ظهر جمل قبل أن يغتال رفيقته ويلقي بجثتها من البحث. وبطبيعة الحال كل ذلك أمام عدسات المصورين. وبحس استثنائي في الارتجال وقدرة خارقة على الاندماج في شخصية بطل الفيلم، جعل ساشا بارون كوهين من وجود علاء الدين شخصية موجودة، يمكن رؤيتها، ومنسجمة.. وربما هي الصدفة أو قدرة مثيرة على الاستباق. جاء الربيع العربي ليعطي للشخصية راهنية بامتياز. وبالتالي سيكون من غير المناسب الحديث عن الفيلم ومميزاته أو بنائه وجرأته المفترضة، فعلاء الدين شخصية بليدة بامتياز، لا يعرف حجم ومدى سلطته إلا من خلال نزواته والذي لا يمكن أن يقوده قدره مثل جميع المستبدين من طينته، إلى نحو المشنقة أو في أحسن الأحوال نحو المنفى. الجزء الأول من الفيلم يحاول تجسيد ما أبانت عنه الخرجات المتعددة لعلاء الدين من قبل: مثال الجنرال يشتري قنبلة نووية، لكنه يعدم المهندس الوحيد القادر على تشغيلها. يوظف أشباها له لكي يكونوا أهدافا لأعدائه المتعددين. دائما يبحث عن فكرة ساخرة يختلط فيها الضحك مع الخجل من الضحك الذي تثيره. ساشا بارون كوهين أنجز مهمة، ولكنه الوحيد القادر على التعامل بهذه الطريقة. والمثير أكثرو هو أنه لأول مرة يقدم من خلال فيلم «الدكتاتور» كوميديا كلاسيكية، قصة خيالية خالصة كل أطرافها ممثلون... بهذه الطريقة. لا يريد ساشا بارون كوهين عدم حصر نفسه في فخ الكذبة السينمائية. ربما يمكن أن نرى في ذلك زاوية صعبة لهرم السينما شارلي شابلن الذي استلهم منه ليس فقط عنوان الفيلم، ولكن، أيضا، عمقه الدرامي، مثل هينكل، علاء الدين يعوض بشبيهه، وهي فرضية تجد تأكيدها في المشهد الأخير من الفيلم الذي ينطلق فيه علاء الدين في خطاب حماسي عن الديمقراطية. بطبيعة الحال ساشا بارون كوهين لا يبقى كثيرا في دائرة شابلن، يقتصر فقط على سرد الانحرافات الاستبدادية والتسلطية للولايات المتحدة قبل أن يتحول إلى إبراز محاسن هذا العالم الحر... ساشا بارون كوهين، وهو ينهل من أفكار جهنمية محمودة، جعل من هذا الدكتاتور موضوعا أقل إثارة، أقل إزعاجا من أفلامه السابقة، ربما هي طريقة، ليقول بأن المهم لم يعد في قاعات العرض، وأن الفيلم ليس سوى نهاية قصة خيالية يتجاوز مداه بكثير إطار الشاشة الآن. الأميرال جنرال علاء الدين سيغادر قريبا حياتنا إلى الأبد، وكل الأمل أن يغادر، أيضا، حياة ساشا بارون كوهين. عن ليبراسيون الفرنسية