في تصعيد لافت، شنّ التلفزيون الجزائري الرسمي مؤخرا هجومًا حادًا على دولة الإمارات العربية المتحدة، واصفًا إياها ب«الدويلة المصطنعة التي تجاوزت كل الخطوط الحمراء وتهدد وحدة وهوية الشعب الجزائري»، بحسب ما بثه الإعلام الحكومي. الهجوم الإعلامي جاء ليعكس، بحسب مراقبين، محاولة النظام الجزائري تصدير أزماته الداخلية إلى الخارج، في ظل تصاعد الغضب الشعبي من تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، واستمرار حالة الانسداد السياسي. وجاء في البيان الذي بثه التلفزيون الرسمي أن «هذا التصعيد يمثل هجومًا خطيرًا على المبادئ الراسخة للشعب الجزائري، ومحاولة لزرع الشكوك حول أصوله وتاريخه العريق»، مضيفًا: «إنه ليس مجرد إهانة إعلامية، بل اعتداء يستهدف القيم والسيادة والمصير المشترك». وشدد البيان على أن «الجزائر، التي ضحّت بملايين الشهداء من أجل وحدتها، لن تخضع للاستفزازات ولن تتسامح مع أي هجوم على مبادئها وهويتها». يأتي هذا التصعيد بعد أيام من بث قناة «سكاي نيوز عربية» الإماراتية مقابلة مع المؤرخ الجزائري محمد أمين البلغيث، حيث انتقد فرنسا والحركات الأمازيغية، بينما أبدى دعمًا واضحًا للسلطة الجزائرية الحالية، واصفًا فترة حكم بوتفليقة ب«عهد العصابة». غير أن المتابعين يرون أن خطاب السلطة الجزائرية بات يلجأ إلى افتعال معارك خارجية للتغطية على خيبات الداخل، خاصة مع تعثر الإصلاحات واستمرار الفساد وتآكل الثقة بين النظام والمجتمع. وفي أبريل 2024، كان الرئيس عبد المجيد تبون قد وجه تحذيرات صريحة للإمارات، قائلًا: «إذا كنت تسعى للتعامل معنا بنفس الأساليب التي تتعامل بها مع الآخرين، فأنت مخطئ. لدينا 5.63 مليون شهيد ماتوا من أجل هذا البلد. من يريد الاقتراب منا، فليقترب». وأضاف متهمًا الإمارات بالضلوع في أزمات إقليمية: «في كل مكان توجد فيه نزاعات، يكون المال لهذه الدولة حاضرًا: في مالي، في ليبيا، وفي السودان». ويرى محللون أن هذا الخطاب التصعيدي يأتي ضمن استراتيجية النظام لصرف الأنظار عن أزماته البنيوية، عبر إحياء خطاب السيادة والتآمر الخارجي، واستدعاء رمزية الثورة والشهداء في مواجهة انتقادات الداخل والخارج.