كانت عمالة مديونة عشية 31 أكتوبر المنصرم على موعد مع أشغال دورة أكتوبر العادية للمجلس الإقليمي من أجل البت في خمس نقاط مدرجة في جدول أعمال الدورة، لكن تمت مناقشة نقطتين فقط وهما المتعلقتين بعرضي المدير الجهوي للإسكان والعمران حول قطاع التعمير بالإقليم ، ومدى استفادة ساكنة الإقليم من مشاريع إعادة إسكان قاطني دور الصفيح المرتقب إقامتها بالمنطقة. أما النقط المتعلقة بالمصادقة على مشروع ميزانية التسيير لسنة 2013م، برمجة الفائض التقديري وتسليم رخص الإصلاح والربط بشبكتي الماء والكهرباء، فقد تم تأجيلها إلى جلسة ثانية في انتظار التوصل بحصة العمالة من القيمة المضافة، وهو ما سيتحدد من خلال العرض الذي سيقدمه مسؤول المالية في اجتماع الخميس المقبل بمقر العمالة. أما النقطة المتعلقة برخص الإصلاح والربط المائي، فتأجيلها راجع إلى عدم حضور ممثل عن المكتب الوطني للكهرباء والماء. قبل إعطاء رئيس المجلس نقطة انطلاقة مناقشة النقطتين السالفتي التذكير، أخد بعض المستشارين الكلمة في إطار نقطة نظام استغرقت حوالي 25 دقيقة، وتم الإجماع من خلالها على أن تعطيل المشاريع التنموية بالإقليم سببه القباضة المحلية التي يتهمونها بالامتناع عن تمويل هذه المشاريع، وبتعسفها على الجميع لدرجة أن نائب الرئيس قال في حقها بقوله «ياإما القباضة حمقا ولا حنا ماعرفينش كيفاش نتعاملو معاها؟!...» أما عمدة الدارالبيضاء، فقد حمله المجلس مسؤولية فشل تدبيره للمطرح العمومي الموجود بتراب جماعة المجاطية، وبعدم قانونية إتخاذه للمزبلة الحالية كمكان لاستقبال النفايات البيضاوية بسبب ظهور أصحاب الأرض الحقيقيين الذين يرغبون في الحصول على حقوقهم عن سنوات الاستغلال للمكان، وبرمج المجلس الإقليمي هذه النقطة في عدة دورات جماعية، لكن العمدة كان يمتنع عن حضورها وهو ما أثار تدمرهم وغضبهم بسبب هده اللامبالاة... عدم تدوين المداخلات في محاضر الدورات السابقة للمجلس، أثارت هي الأخرى غضب أحد المستشارين الذي طالب بتوثيقها في المحاضر الجماعية، وهو ما أرجعه الرئيس إلى قلة الموارد البشرية التي تحول دون توثيق جميع المداخلات. وتطرق المستشارون أيضا، في نقط النظام، إلى مشكل عدم تطبيق المقررات والتوصيات الجماعية السابقة والتي بقيت أغلبيتها موقوفة التنفيذ، ودون أن يكون لها أثر على أرض الواقع، فضلا عن التهاون في مراقبة هذه التوصيات والمقررات بهدف تنزيلها لتصبح واقعا ملموسا... رخص السكن والإصلاح حظيتا أيضا بالنقاش في نقاط النظام والتي قال في حقها أحد المستشارين «واش أعباد الله حتى هاذ الرخص ما استطعناش نحلوها؟!...». وعودة إلى سياق مناقشة النقطتين المذكورتين المدرجتين في جدول الأعمال، تم الاستماع -على التوالي- إلى عرضين مقتضبين متعلقين بقطاع التعمير والإسكان، حيث تحدث ممثل السكنى على أن إقليم مديونة يعرف تطورا عمرانيا بنسبة نمو تبلغ 7%، وعلى أن هذا الإقليم سيحتضن 31 مشروعا سكنيا، وأن تصميم التهيئة الخاص بهذا الإقليم سيخرج إلى حيز الوجود في الأيام القادمة. أما ممثل العمران، فقد تحدث عن وجود خمسة مشاريع سكنية سيعرفها الإقليم مثل الحمد ورياض العمران والنجاح والقصبة... وبعد دلك مباشرة، تدخل مندوب الصناعة التقليدية بالإقليم ليتهم مسؤولي السكن والتعمير بكونهما عندما فكروا في برمجة المشاريع السكنية بالإقليم أقصوا الصناعة التقليدية من اهتماماتهم، وانكبوا فقط على حل المشاكل الأخرى من غير تخصيص فضاءات خاصة بهذه الصناعة الأصيلة. أما بعض أعضاء المجلس الإقليمي، المحسوبين على البام والاستقلال، فقد عابوا على مسؤولي السكن والتعمير أنهما اهتما بالوافدين على الإقليم على حساب السكان الأصليين، واستباحتهما لأراضيهم ومجالهم الترابي من دون الاهتمام بساكنة البناء العشوائي المنتشر بالمجاطية وسيدي حجاج واد حصار والهراويين، في ظل الغموض الذي يلف موقف العمران من أجل إدماج هؤلاء السكان في مشاريعها الضخمة، ودون نسيان اتهام العمران بالتملص في الوفاء بالتزاماتها على مستوى بناء مقري جماعتي المجاطية والهراويين، واللذان يوجدان في وضعية جد متدهورة، وحالتهما هي أقرب إلى إسطبلات منها إلى مرافق إدارية. ولم يتردد أحد المستشارين في وصف الإقليم بأنه مزبلة الدارالبيضاء، ليس على مستوى استقبالها للنفايات فقط، وإنما أيضا على مستوى احتضان الموتى، في إشارة إلى مقبرة الغفران، واستقباله للأحياء أيضا، سواء من المرضى النفسانيين أو المتسولين، مشيرا إلى وجود عدة اختلالات طالت مشروع «كاريان سنطرال» بالهراويين على مستوى غياب البنيات التحتية الضرورية من حمام وفرن وطرق، خصوصا وأن المنطقة ستعرف إنشاء الملعب الكبير للدار البيضاء. وفي نفس السياق، تدخل العامل وألح على العمران أن تتجاوز الهفوات المرتكبة في مشروع «كاريان سنطرال» وتتدارك الموقف في المشاريع المستقبلية بالمنطقة على جميع المستويات. ولم تقف سهام النقد لتجربة العمران بالإقليم عند هذا الحد؛ بل اتهمها نائب الرئيس ببناء حي القدس الشهير ب44 من غير تسوية الوضعية القانونية للأرض، وهو ما يجعل العمران -حسب نفس النائب- في وضع المترامية والمستحوذة على أرض ليست ملكها، وحملها أيضا فشل المشروع السكني لتعاونية السعادة بمديونة التي كان يسيرها الاستقلاليون قبل أزيد من عقدين من الزمن، بعد أن ضخت هذه التعاونية مبلغ 300 مليون سنتيم في شرايين خزينتها من اقتطاعات المستفيدين، لكن وفي ظروف وصفت ب»الغامضة» توقف المشروع فقيل إنه السبب عدم تسوية الوضعية القانونية للعقار، ومن غير أن يحصل المنخرطون سوى على الوعود والتطمينات الكاذبة، وأموالهم ذهبت أدراج الرياح حسب إفادة عليمة. ولما اشتد الخناق على ممثل العمران تحت وابل سهام النقد الموجهة إليه من طرف أتباع شباط بالمجلس، طالب تحكيم العامل في هذا الملف، لكن هذا الأخير رفض بحزم لعب هذا الدور في الوقت الراهن إلى حين الإلمام بكل خلفياته وحيثياته، ثم يرى بعد ذلك إمكانية قبول هذا التحكيم من عدمه. وقرر المجلس، في نهاية الدورة، التصويت بالإجماع على رفع ملتمس إلى الوالي بو سعيد عن طريق عامل الإقليم من أجل حصول الإقليم على حصته من التنمية الجهوية وبرمجة سكان دور الصفيح والسكن العشوائي في المشاريع السكنية المنجزة بالمنطقة. وفي سياق مختلف، نشير إلى أن عامل الإقليم لم يفوت فرصة انعقاد هذه الدورة من غير أن يصرح أن مكان موسم الخيالة للتبوريدة بمديونة سيتم تغييره إلى مكان آخر بعد تحويل فضائه الحالي إلى مشروع سكني لاحتضان جزء من ساكنة دور الصفيح بمركز مديونة، وأكد في تصريحه على أنه في بحث دائم عن المكان المناسب لاتخاذه كبديل لاحتضان موسم مديونة بهدف الحفاظ على هذا الموروث الراسخ في القدم من الانقراض. ولم يستسغ العديد من متتبعي الشأن الإقليمي إعادة سيناريو الدورات الجماعية السابقة، من حيث توجيه اللوم للآخرين والاكتفاء بالعويل والصراخ والبكاء في اجتماعات العمالة على أطلال القباضة والعمران والعامل، بدل تحمل المجلس الإقليمي لمسؤوليته المخولة له بقوة القانون، والدفع بعجلة التنمية إلى الأمام من غير أي تبريرات واهية، بدل دفن الرؤوس في التراب كالنعام بخصوص كل ما يتصل بالمشاكل التي تعاني منها ساكنة الإقليم، والاكتفاء فقط بلعب دور المتفرج أمام ما يجري ويدور من هجوم شرس على أراضي المنطقة من طرف العمران والوكالة الحضرية بإقامة مشاريع سكنية وغيرها ستكتسح الأخضر واليابس من دون أن تستفيد ساكنة الإقليم في شيء، ومن غير حراك حقيقي للمنتخبين الذين ألهتهم القباضة وغيرها وجعلوا منها مشجبا علقوا عليه فشلهم في التسيير، وتقاعسهم في إبراز أنفسهم كقوة اقتراحية لمواجهة صقور العمران والوكالة والمنعشين العقاريين...