يتابع العالم حاليا الاستعدادات الجارية للمعركة الأخيرة في سوريا، من أجل إنهاء الحرب، التي دمرت البلد وقتلت مئات الآلاف وشردت ملايين من هذا الشعب، حيث تتدخل قوى دولية وإقليمية، من أبرزها تركيا التي لعبت دوراً مركزياً في عملية تخريب سوريا، ومازالت تواصل تدخلها، إذ أصبحت هي المخاطب الرسمي، باسم المنظمات الإرهابية، التي تتمركز الآن في إدلب، شمال البلاد. فقد اضطرت أنقرة إلى الكشف عن لعبتها، حيث تفاوضت باسم التنظيمات الإرهابية، المشكلة أساساً من «القاعدة» وبقايا «داعش»، للتوصل إلى إقامة منطقة منزوعة السلاح، للفصل بين القوات النظامية ومقاتلي هذه التنظيمات، الذين يتخذون من الأحياء المأهولة بالسكان قواعد ومخابئ، مما يعقد كثيرا الهجوم المرتقب عليهم من أجل القضاء النهائي على هذه الميليشيات، التي يتكون جزء غير يسير منها من المرتزقة. وقد كثفت تركيا في الأسابيع الأخيرة من تسليحها لهذه التنظيمات، قصد تعزيز قدراتها القتالية وإطالة أمد الحرب، في محاولة لإيجاد مبررات لتدخل الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا ضد القوات النظامية، تحت مظلة حماية المدنيين، وتجنب كارثة إنسانية، بالإضافة إلى تحسين الموقع التفاوضي لهذه القوى، حول مستقبل سوريا. وقد بدأت هذه القوى الاتصال بالمبعوث الأممي، ستافان ديميستورا، لتطرح منظورها للوضع في هذا البلد بعد نهاية الحرب، حيث تربط بين إعادة الإعمار وشروط سياسية، تسير كلها في اتجاه تكريس التقسيم الطائفي، كما حصل في العراق، بل أكثر من ذلك، فإنها تسعى إلى فرض دستور جديد، تحت مظلة الأممالمتحدة. ويمكن القول، إن نهاية الحرب في سوريا، لا تعني العودة للاستقرار، حيث مازالت القوى الغربية وتركيا وإسرائيل، وكذا دول خليجية، تتدخل بعدة أشكال، وستواصل ذلك، من أجل فرض تصورها وخدمة مصالحها، التي تسير كلها في اتجاه عرقلة وحدة سوريا، والإبقاء على الضغط الأجنبي، لتزكية شروط التقسيم، تحت عدة يافطات وعناوين، وهو الوضع الذي مازال يعاني منه العراق، إلى اليوم.