رمضان شهر الصيام والصحة على حدّ سواء، وإذا كان مسموحا للبعض بالإمساك عن الأكل والشرب، لما لهذه الخطوة من «عائدات» إيجابية على صحة الفرد، فإن أشخاصا آخرين يشقّ عليهم الأمر، ويحظر عليهم الصيام خشية تبعات صحية وخيمة قد ترخي بظلالها عليهم، علما بأن هناك من يمتثل لتوجيهات الأطباء، في حين يأبى البعض الآخر إلا أن يخالفها وأن يصوم شهره كاملا مهما كانت التداعيات. خلال هذا الشهر الفضيل تُطرح العديد من الأسئلة المرتبطة بالصيام، جزء منها يخص الحالات التي يمكن للأطباء فيها السماح للأشخاص بالقيام بذلك، وشقّ يتعلق بموانع الصيام الصحية، وبالإجراءات والنصائح التي يتعين اتباعها والتقيّد بها. أسئلة تؤرق بال الكثيرين، بالنسبة للحوامل، لمرضى السكري والضغط الدموي، والقصور الكلوي، وغيرها من الأمراض المزمنة… وأسئلة أخرى تخص التغذية والجانب النفسي. تلتقون خلال هذا الشهر الفضيل مع سلسلة من الحوارات التي يتحدث عبرها عدد من الأطباء العامين والمتخصصين، كل في مجاله، مجيبين عن الأسئلة التي تطفو على السطح كلما حلّ الشهر الكريم بين ظهرانينا، وذلك إسهاما في نشر ثقافة صحية سليمة وفي تحقيق توعية شاملة انسجاما مع الغاية المثلى لهذا الشهر المبارك.
علاج الربو في رمضان هل يختلف عن علاجات باقي الأمراض الأخرى؟
الجميع يعلم أنه بحلول شهر رمضان يتغير نظام حياة الصائم، وتتغير العادات الغذائية ومواعيد النوم، وهو ما يدفع العديد من المرضى إلى التساؤل عن طريقة ونظام تناولهم للأدوية، إلا أن المصابين بالأمراض الصدرية يشكلون حالات خاصة يكثر حولها الجدل، إذ إن أكثر الأمراض الصدرية شيوعا هي الربو، وحساسية الصدر، وحساسية الأنف والجيوب الأنفية، وعلاج هذه الأمراض يعتمد بشكل كبير على البخاخات والأقراص في بعض الأحيان، بخلاف المشاكل التقليدية التي يواجهها مرضى الصدر مثل التعرض للروائح والعطور وغيرها من العوامل المثيرة للمرض.
أمام هذا الوضع هل يمكن للمصاب بالربو الصيام؟ نعم، مرضى الربو يمكنهم الصيام، خصوصا إذا كان المرض مستقرا والأعراض خفيفة، إذ إن مرض الربو يعدّ من الأمراض التي تستفيد من الصيام من خلال تحسين كفاءة الرئتين وسعتهما، حيث إن الصيام يقلل نواتج الفضلات الغازية مثل ثاني أكسيد الكربون مما يؤدي إلى تنشيط الرئة و عملها بشكل أفضل.
وماذا عن المريض بالربو الحاد؟ الأزمة الحادة لمريض الربو هي حالة طارئة، قد تستدعي أحيانا الذهاب إلى المستشفى وتركيب بعض المحاليل الوريدية، إلى جانب شرب كميات كبيرة من السوائل والدواء على هيئة أقراص أو حقن، وفي هذه الحالة يجوز للمريض أن يفطر لتناول دوائه بشكل سليم ثم يقوم بتعويض هذه الأيام فيما بعد. هل هناك أية أعراض تدل على الربو في رمضان؟ إن الصيام يؤدي إلى تغيير مواعيد تناول الطعام والشراب، وهو الأمر الذي قد يؤثر على مرضى الربو وعلى تناولهم للعلاج، كما أن قدوم رمضان في فصل الصيف وما يحدث فيه من جفاف وعواصف ترابية، قد تزيد من حدة مرض الربو، إلا أن هذا الأمر لن يقف عائقا أمام رغبة المرضى في الصيام وذلك من خلال استعمال البخاخ الواقي للربو مرة وقت الإفطار ومرة وقت السحور، إلى جانب أخذ أية أقراص تعطي عن طريق الفم في وجبة السحور ليستمر مفعولها طوال فترة الصيام، ويمكن استخدام جرعة أخرى من الدواء وقت الإفطار لكن تبعا لتعليمات الطبيب المعالج ووفقا للجرعة المحددة لكل مريض، وعليه فإن الصيام لا يؤثر على أعراض الربو طالما تم تجنب المؤثرات والمهيجات المسببة للمرض. هل هناك أية نصائح يمكن توجيهها للمرضى؟ هناك مجموعة من النصائح التي يمكن تقديمها للصائم حامل الربو، والتي تتمثل في ضرورة تجنب الأماكن المغلقة القليلة التهوية، والأماكن الحارة والجافة والمزدحمة، وتفادي الإجهاد والإرهاق والحرص على الحصول على قسط وافر من النوم، إلى جانب وضع الكمامات عند الخروج خلال ساعات النهار لتجنب استنشاق الغبار والأبخرة، والحرص على المحافظة على الهدوء وتجنب الانفعالات النفسية، مع ضرورة حمل البخاخ بشكل دائم، والإكثار من السوائل بعد الإفطار وخلال السحور، فضلا عن تناول الأدوية عند الإفطار والسحور بعد استشارة الطبيب. وإلى جانب ما سبق يجب تجنب الوجبات الدسمة التي تؤدي إلى عسر الهضم، وتفادي تناول البهارات والأطعمة الحارة لكونها ترفع مستويات مادة الهيستامين، والأطعمة التي تحتوي على الكبريت مثل الفواكه المجففة، والأطعمة التي تحتوي على مواد حافظة أو المنكهات الاصطناعية، وتلك التي تتسبب بالغازات مثل البصل والملفوف والحبوب. كما ينصح بالإكثار من تناول الأطعمة الغنية بفيتامين ( د )، مثل الأسماك الدهنية والسلمون، والأطعمة الغنية ب «البيتاكاروتين» مثل الجزر والخضار المورق، إضافة إلى الأطعمة الغنية بالمغانيسوم مثل السبانخ، الموز، الشوكولاتة الداكنة، وغيرها.
