تسلم الفنان التشكيلي المغربي كريم ثابت، أخيرا، جائزة أفضل فنان عربي تشكيلي في العالم لعام 2014 في لندن، بحضور شخصيات فنية وعلمية وديبلوماسية من مختلف الفعاليات العربية والدولية. وقال الفنان كريم ثابت، الذي اعتبره عدد من النقاد أحد الأنامل الجديدة التي يلمس المتابع أنها تشق طريقها بقوة وثقة في الساحة التشكيلية المغربية والعربية رغم قصر عمره الفني، إنه حصل على الجائزة، من خلال مسابقة دولية نظمتها مؤسسة "المجموعة العربية" بلندن، مشيرا إلى أن المنافسة كانت حادة بين المشاركين، ولولا الدعم الذي لاقاه من السفارة المغربية بلندن لما تمكن من إحراز اللقب الذي أهداه إلى جلالة الملك محمد السادس قائلا في تصريح ل"المغربية" أهدي هذا التتويج إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي يعد ممثل المغرب الأول في المحافل الدولية، وأن أبناء شعبه المبدعين، سواء كانوا فنانين أو علماء أو رياضيين إنما يسيرون على خطى نهجه وعزيمته". وأشار إلى أنه أقام بالمناسبة معرضا تشكيليا امتد على مدى 10 أيام ب"هيلتون ميتروبول" بلندن، حيث قدم 20 لوحة نسق ألوانها بفصاحة كبيرة على مساحات لونية متفاوتة تعبر عن الأمل والسعادة. لوحات ثابت مسكونة بكتل جسدية امتدت في معظمها بحرية لونية عارية، لكنها أتت بتلميح دون تصريح لكشف إيروتيكي لم يرده الفنان لقمة مستساغة في فم المتلقي، "فالمباشرة غالبا ما تفسد التأويل"، مؤكدا موت المؤلف وحق المتلقي في القراءة المفتوحة للعمل بمعزل عنه. لهذا لجأ إلى ألوانه الصارخة (الأصفر، البرتقالي، الأحمر، الأزرق، والبنفسجي) ليغطي أجساده بحفلة لونية راقصة، أراد من خلالها أن يزرع الأمل بالفرح. رغم أن الألوان التي يستعملها ثابت أتت فصيحة مبهجة للمتلقي، إلا أن المار عليها لن يستطيع أن يتجاوزها دون أن تصيبه وخزة حزن وارتباكات مؤقتة، تفرضها مفارقة الاحتفاء بالحياة في جغرافيا محاطة بالمعاناة. فالفنان لا ينكر استعادته لفترة الطفولة البريئة التي تمتاز بالصفاء الذهني وعذرية التجربة، مانحا لنفسه وللمشاهد أيضا فرصة الخروج من الروتين اليومي ومن الاكتئاب الناتج عن تزايد وتيرة العيش وارتفاع إيقاع الحياة، للدخول في عالم استعادي حالم مليء بالشاعرية والرومانسية، عالم حكائي تشخيصي يجعل من اللوحة فضاء للسرد والانبثاق الشعري، رسما ينسج على منوال الشعر وشعرا مرئيا يصب ألوانا دافقة بهيجة تميط اللثام عن شخوص يسكنها هاجس التوادد والتقارب، من أجل خلق لحظات فرح وصدق ووفاء، تعيدنا إلى زمن جميل ولى. تتميز أعماله بالأناقة مستفيدة من دراسة تجارب قريبة شاهدها وتشبع بها، وسعى من خلال هذا الاطلاع أو المخزون البصري، إلى تقديم نفسه وفق اختيارات لونية خاصة تميزت بالحيوية، عبر مجموعة لونية مشرقة، ودافئة من الأصفر والبرتقالي إلى الأحمر والبنفسجي، موزعا تشكيلاته ومعالجاته الفنية بما يحقق حالة جمالية خالصة، لا يغلب الفكرة بقدر تعيين فنيات تستمد من الباطن ومن الحالة الآنية التي تستشعر جمال العلاقة بالمحيط والبشر، لا يرسم ماديات بقدر ما يرسم أحاسيس ومشاعر تحملها شخصيته الوديعة الساكنة المتأملة. تتعدد مستويات القراءات لتجربة ثابت، لكنها تتفق جميعها في كونها تجربة منسجمة مع بعضها، ضمن مناخ تشكيلي لوني قوي، مارس من خلالها بحرية ما فكر فيه محتفيا بأشيائه على طريقته الخاصة في تذكر المكونات اللونية لكل لوحة، منسجما تماما مع مقولة ماتيس "ليس هناك أصعب على الفنان المبدع والحقيقي من رسم وردة، حيث لا بد له من أن ينسى كل ما رآه من ورد". يذكر أن كريم ثابت فنان تشكيلي وشاعر من مواليد 4 مارس 1980 بمدينة الدارالبيضاء، استطاع بالمثابرة والاجتهاد التغلب على إعاقته الجسدية، حيث أصيب بشلل الأطفال، منذ أن كان عمره ثلاث سنوات. شارك، منذ سنة 2000 في العديد من المعارض الفردية والجماعية الوطنية والدولية، ويتقلد حاليا مهمة نائب الكاتب العام للنقابة المغربية للفنون التشكيلية، وعضو الجمعية الوطنية للفنون التشكيلية، وعضو بعدة جمعيات ومراكز بحث وطنية ودولية، حاصل على الماستر في الإشهار والتواصل، والعديد من الجوائز والشهادات التقديرية في مجالي التشكيل والشعر.