«علم» من مصادر مطلعة، وقريبة جدا من «أصحاب القرار» في الدولتين المغاربيتين العظميين، بأن «لقاء» بالغ الأهمية سيعقد في غضون الأشهر القليلة المقبلة بين القائدين الكبيرين: العاهل المغربي الملك محمد السادس ورئيس الجمهورية الجزائرية عبد العزيز بوتفليقة، من أجل تدارس القضايا الثنائية ذات الأولوية، وباقي المواضيع الإقليمية والدولية التي تحظي باهتمام الطرفين. وقد جاء ذلك نتيجة جهود حثيثة من قبل حكماء ورجال الفكر والمعرفة من كلا البلدين، حيث أمضى هؤلاء سنين عددا في التأمل والاستقراء العميق واستجلاء الحقائق؛ وكان هاجسهم الأوحد هو البحث الصادق عن الحلول الكفيلة بخدمة المصالح الاستراتيجية للبلدين، وتحقيق التقدم والرقي والتنمية التي طالما كانت حلم المغاربيين جميعهم منذ أن كانوا ينسقون في ما بينهم من أجل دحر الاستعمار الفرنسي وتجسيد عهد الحرية والاستقلال. لقد تيقن أهل الخير والسداد في كلا الثغرين أن سنوات الضياع، التي أمضياها في الحروب الباردة والتنافس غير الشريف حول زعامة مفترضة والمناكفات البيزنطية..، لم يجنيا منها سوى ضروب من الهوان وألوان من الضعة وأنواع من المذلة! وهدر ملايير الدولارات من مال الشعبين البريئين في اقتناء أسلحة متقادمة وفاقدة للصلاحية، توضع في مخازنها منتظرة مصير التلف والصدأ والتلاشي، والمستفيدون هم تجار الموت و»مبدعو» الحرائق شرقا وغربا. وأخيرا، «سمع» زعيما البلدين الشقيقين صوت العقل لأول مرة في التاريخ العربي الحديث، وقررا أن يجربا السلام والوئام والتضامن طريقا نحو النهضة المنشودة، عسى أن تسطع شمسهما في أعلى عليين، بعد عهود من الغيوم الداكنة. و«سيتضمن» جدول أعمال هذا اللقاء المرتقب دوليا وإقليميا، حسب مصادرنا «الموثوقة»، ثلاث نقط : 1 - مسألة الحدود الموروثة عن الاستعمار، والتي تنذر بمواجهات من العيار الثقيل إن لم توضع على طاولة المناقشة الصادقة، بعيدا عن لغة الخشب والأساليب الدبلوماسية المائعة؛ 2 - فتح الحدود البرية والبحرية والجوية لتنقل الأشخاص والبضائع والمصالح المادية المعطلة، وإلغاء نظام التأشيرة على مواطني البلدين لاستئناف الزيارات الأسرية والعائلية المجمدة عشرات السنين؛ 3 - بعث الاتحاد المغاربي وزرع الحياة فيه مجددا، وضخ الدم في هياكله ومؤسساته المعطلة، لتدارك التأخر الحاصل، وإرضاء المواطنين الذين ينتظرون على أحر من الجمر العدل والكرامة والمساواة والحرية والرفاهية والسلام..! ولئن كانت قضية الصحراء عائقا فعليا في وجه الحلم المغاربي ووحدة الشعبين، فإنه «تقرر» تجنب الإشارة إليها وتركها بيد المنتظم الأممي المعني ببؤر الانفجار دوليا. وفي هذا المضمار، ارتأى الطرف الجزائري أن يتوقف عن مناصرة الانفصاليين المغاربة، ويمنع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة من أن تحشر أنفها في الشؤون الداخلية للمملكة المغربية، وتعمل على إحصاء السكان الصحراويين الموجودين في مخيمات تندوف، على غرار ما يقع في باقي مخيمات اللاجئين عالميا، وأن تراقب المساعدات المادية والمعنوية المتدفقة عليهم، حتى لا تخطئ العنوان وتذهب إلى جيوب المقامرين بالقضية الصحراوية وما أكثرهم. وأخيرا، قبلت الجزائر أن ترفع يدها نهائيا عن مشكل الصحراء باعتباره مشكلا داخليا بين المملكة المغربية وبين أبنائها من ذوي الميول الانفصالية، وتساهم في نشر قيم المواطنة والديمقراطية والتعددية وحرية الفكر والتعبير داخل مخيمات الاستبداد والفساد وحبس الأنفاس.. 3 - وفي المقابل، قبل المغرب أن يتوقف هو بدوره عن التشهير بالجمهورية الجزائرية، وإظهارها بمظهر الشرير الذي لا يتقن سوى فن المؤامرات، ونسج الدسائس وزرع بذور الفتنة والشقاق في البلدان المغاربية، وإيقاف الحملات الإعلامية المغرضة، كما أنها سترفع من مجهوداتها بكل ما تملكه من قوة، لتقديم كل ما من شأنه أن يدخل السعادة إلى قلب الأشقاء الجزائريين، خاصة وقد أظهرت استطلاعات الرأي الإقليمية والدولية أن العلاقة القائمة بين البلدين الجارين أقوى من الحديد رغم أزمنة من الجفاء والعداء المفروضين عليهما. هذا وينتظر من «لقاء» زعيمي البلدين أن تشهد المنطقة إنجاز مشاريع عملاقة في شتى الميادين الحيوية: مد الطرق السيارة والسكك الحديدية، والمعاهد العلمية والتكنولوجية عالية الجودة، وبناء المدارس والسدود والمستشفيات والملاعب الرياضية الرفيعة، واستغلال الطاقة الشمسية والهوائية، والإنجاز الجماعي للمفاعلات النووية ذات المنحى السلمي.. مما سيخلق الآلاف من مناصب الشغل ويطرد شبح البطالة المخيف، ويجعل بلدينا قبلة للسائحين من كل بقاع العالم، بفضل ما يتميزان به من موقع استراتيجي فريد ومعالم طبيعية غناء وموارد بشرية وطبيعية نوعية. كل ذلك وغيره من أجل تجسيد الغاية الأكثر سموا لمغرب الشعوب: مغرب العمل المشترك ورسم ملحمة الوحدة والتقدم والازدهار. وعلى أمل أن تتحقق هذه الأحلام المحلقة في دنيا الخيال، والتي (إلى هذه اللحظة) لا مكان لها تحت شمس الواقع المرّ، والحقيقة المفجعة، إليكم مني أطيب الأماني، وأزكى التحيات، بمناسبة السنة الهجرية الجديدة، وكل عام وأنتم بألف خير!!