قال الملك محمد السادس إن القرار الأخير لمجلس الأمن أكد، بصفة حازمة، المعايير التي لا محيد عنها للتوصل إلى الحل السياسي التوافقي و الواقعي لقضية الصحراء المغربية. وأضاف، في الخطاب الذي وجهه يوم أمس الثلاثاء بمناسبة الذكرى الرابعة عشرة لاعتلائه العرش، أن هذا القرار يبرز، بصفة خاصة، البعد الإقليمي لهذا الخلاف، وكذا مسؤولية الجزائر التي تعد معنية به، سواء على المستوى السياسي أو على المستوى القانوني الإنساني المتعلق بالوضعية المهينة لمخيمات تندوف. وأوضح الملك أنه يتعين، عملا بنفس القرار، ألا يتم التعاطي مع مسألة حقوق الإنسان إلا من خلال الآليات الوطنية، وخاصة المجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي يحظى بالمصداقية الدولية، وبمبادرات سيادية قوية تتفاعل إيجابيا مع المساطر الخاصة للأمم المتحدة. كما أكد الملك أنه، انطلاقا من حرصه على تجسيد رعايته لصغار الفلاحين، سيظل يخصهم بالاستثناء الضريبي. وقال بهذا الخصوص: «لقد عمل برنامج «المغرب الأخضر» على تحديث القطاع الفلاحي، آخذا بعين الاعتبار الاهتمام الموصول بصغار الفلاحين من أجل تحسين ظروفهم المعيشية. وحرصا منا على تجسيد رعايتنا لهذه الفئة، فإننا سنظل نخصها بالاستثناء الضريبي، الذي سينتهي العمل به في آخر السنة الجارية بالنسبة للاستثمارات الفلاحية الكبرى، وسوف نحتفظ بسريان هذا الاستثناء على الفلاحة المتوسطة والصغرى». ودعا الملك إلى إحداث وكالة خاصة تعمل على ملاءمة الاستراتيجية الفلاحية مع محيط المجال الترابي لساكنتها، ولاسيما في المناطق الجبلية التي تعرف تخلفا في استغلال الأراضي، وذلك في تكامل تام مع برامج التهيئة المجالية. وفي مجال إصلاح المنظومة القضائية، دعا الملك إلى التجند من أجل إيصال إصلاح المنظومة القضائية إلى محطته النهائية، معربا عن ارتياحه للتوصل إلى ميثاق لإصلاح المنظومة القضائية، ولكون كل الظروف الملائمة لهذا الإصلاح قد توافرت. وأكد أنه مهما تكن أهمية هذا الإصلاح وما تم وضعه من نصوص تنظيمية وآليات فعالة، فسيظل «الضمير المسؤول» للفاعلين في القضاء هو المحك الحقيقي لإصلاحه، بل وقوام نجاح هذا القطاع برمته. وبخصوص الحقل الثقافي، أكد الملك أن الأخير يتعين عليه أن يجسد التنوع الذي يميز المغرب، وقال إنه «لما كان المغرب غنيا بهويته، متعددة الروافد اللغوية والإثنية، ويملك رصيدا ثقافيا وفنيا جديرا بالإعجاب، فإنه يتعين على القطاع الثقافي أن يجسد هذا التنوع ويشجع كل أصناف التعبير الإبداعي، سواء منها ما يلائم تراثنا العريق أو الذوق العصري، بمختلف أنماطه وفنونه، في تكامل بين التقاليد الأصيلة والإبداعات العصرية». وأوضح الملك أن «حفاظنا على هويتنا وصيانتها من مخاطر الانغلاق والتحريف لن يتم إلا بالفهم السليم لديننا. ومن ثم ما فتئنا، منذ اعتلائنا العرش، حريصين، بصفتنا أميرا للمؤمنين وحاميا لحمى الملة والدين، على صيانة الهوية الإسلامية لشعبنا، باعتبارها تشكل نموذجا مغربيا متميزا في الممارسة للإسلام، عقيدة سمحة ووحدة مذهبية مالكية، قائمة على الوسطية والاعتدال».